جفاف تاريخي في فرنسا ينذر بأزمة غذاء
يضرب التغير المناخي بلا هوادة، مضفيا آثارا وخيمة على حياة البشر ومغيرا من طبيعة المدن والبلدان عن الشكل الذي اعتدناه، من ارتفاع درجات الحرارة في غرب أوروبا وحرائق الغابات وأخيرا جفاف غير مسبوق في فرنسا.
الحكومة الفرنسية أعلنت أن أكثر من 100 بلدة لم يعد لديها ماء للشرب، واصفة الجفاف الذي تشهده البلاد على غرار دول أوروبية أُخرى بأنه “تاريخي”.
واضطرت الحكومة إلى تزويد المناطق التي تعاني الجفاف بشاحنات نقل المياه. الطاقة
في فرنسا تخضع 93 منطقة من أصل 96 لقيود تخص استهلاك المياه بدرجات متفاوتة، بينما تمر 62 منطقة بـ”أزمة”.
وكان يوليو الماضي ثاني أعلى شهر من حيث الجفاف، ولم يُسجل مثيل له منذ مارس 1961، ورافق ذلك تراجع المطر بـ84 % مقارنة بالمعدلات العادية في الفترة الممتدة بين 1991 و2020.
واضطرت شركة الطاقة الحكومية (إي دي أف) إلى خفض الإنتاج في بعض محطات الطاقة النووية، إذ أن درجات حرارة مياه الأنهار مرتفعة بصورة لا يتوفر معها تبريد كاف، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس للأنباء.
أزمة غذاء
وهناك مخاوف من أن الجفاف، الذي يضرب كل البر الرئيسي لفرنسا تقريبا، سيقلل من المحاصيل، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
ودفعت موجة الحر التي تجتاح فرنسا منذ يونيو إلى تساقط أوراق الأشجار والشجيرات في وقت مبكر، ما خلق مشاهد تبدو خريفية.
وفي يوليو كان مستوى مياه الأمطار في فرنسا 9.7 ملم فقط، ما يجعله الشهر الأكثر جفافاً منذ مارس 1961، حسبما ذكرت خدمة الطقس الوطنية ميتيو-فرانس.
وحظر حكومة باريس الري في معظم أنحاء شمال غرب وجنوب شرق فرنسا في محاولة للحفاظ على المياه.
وقالت وزارة الزراعة إنه من المتوقع أن يكون حصاد الذرة، المستخدم بشكل رئيسي في الأعلاف الحيوانية، أقل بنسبة 18.5٪ هذا العام مقارنة بعام 2021. ولقد بدأ الحصاد بالفعل.
ومن المتوقع أن تكون صادرات الذرة من فرنسا والمجر ورومانيا وبلغاريا أقل هذا العام بسبب موجة الحر.
والنقص الحاد في محاصيل الذرة الأوروبية سيدفع الأسعار إلى الارتفاع، حسبما ذكرت قناة بي أف أم تي في الفرنسية.
ويضطر مربو الماشية في جبال الألب إلى النزول إلى الوديان بالشاحنات كل يوم لجمع المياه لحيواناتهم، ما يضيف عدة مئات من اليورو إلى تكاليف الوقود الأسبوعية، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة “تي أف 1”.
أوروبا تعاني
يعاني الأوروبيون بالفعل من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إذ أن صادرات الحبوب من روسيا وأوكرانيا – وهما من بين أكبر المنتجين في العالم – أقل بكثير من المعتاد.
وأعلنت السلطات الهولندية، الأربعاء الثالث من أغسطس حال “النقص الشديد للماء”، منبهة إلى أن هناك إجراءات جديدة قد يجري اتخاذها.
ومن المتوقع أن تزداد موجات الجفاف ونقص المياه مستقبلا، لتصبح أكثر قسوة، بحسب المفوضية الأوروبية التي دعت الدول الأعضاء إلى اكتشاف طرق إعادة استخدام المياه المعالجة لتجاوز الأزمة.