د. عبدالرزاق محمد الدليمي: التغيير الساحق المدمر قادم
منذ احتلال العراق في نيسان 2003 وبداية تدخل نظام طهران السافر في العراق ،سمعنا ولا نزال نسمع تعبيرات هنا وهناك من ان الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا سلموا العراق الى ملالي طهران على طبق من ذهب،وانا شخصيا لا اختلف مع ظاهر هذا الموضوع،سيما وان نظام طهران يتدخل بكل صغيرة وكبيرة وهو ملجأ لكل العملاء الذي صهروا انفسهم داخل العملية السياسية سيئة الصيت والمحتوى،الذين قبلوا ان يكونوا عبيدا للاحتلال بكل اشكاله والوانه.
قبل سبع او ثمان سنوات من الان، زارني احد الاصدقاء الصحافيين قادما من لندن،في طريقه الى العراق، وفي جلسة نقاش الليلة التي سبقت مغادرته الى بغداد،خبرني انه سيلتقي اما الشخص الامريكي الاول او الثاني المسؤول عن العراق،واستنتجت انه اما سيكون قائد القوات او مسؤول ال( C I A)،فقلت له بالنص انا اعرف ان امريكا وبريطانيا لايمكن ان يتركا العراق وكل شئ بيدهما ومع ذلك،هل ممكن ان تسألهما( لماذا سلموا كل شئ في العراق لنظام طهران؟).
بعد قرابة اسبوعين اتصل بي صديقي العشرة مساءاويبدو انه وصل الى عمان ظهر ذلك اليوم،وطلب مني موافاته ،فتعذرت منه لشدة برودة الطقس،فقال لي الا تريد ان تعرف اجابة السؤال الذي طلبت مني ان انقله الى المسؤلين الامريكيين على العراق،حقيقة هذا الامر حفزني فذهبت والتقيته ،وجلس قريبا مني وهمس بأذني ان المسؤلين الامريكيين يقولون لك ان امريكا! كانت وستبقى المسؤولة عن العراق والبقية هم يدورون حول فلكها،واضافا انهم حينما تقتضي الضرورة سيجمعون كل (المساهمين بالعملية السياسية ويبدو واضحا ان اسماؤهم وعناوينهم موجودة بدقة لذى الامريكيين وكذلك لدى القوى الوطنية المناهضة للعملية السياسية) خلال ساعتين وسيجلبونهم (بال !!!!!) بالهمرات وبأمرة عرفاء وليس ضباط..
فائق الشيخ علي والمعلومات الخارقة الحارقة
صغت هذه المقدمة وانا اتابع النقاش الموتور غير المتوازن وتحديدا لعملاء طهران وهم يهاجمون شخص المحامي فائق الشيخ راضي بعد خروجه بلقائه التلفزيوني الاخير حيث اطلقو عليه توصيفات ما انزلت بها الاخلاق من سلطان …قال فائق الشيخ علي، إنّ مخططًا يدار الآن لـ “إسقاط” نظام الحكم في العراق خلال العامين المقبلين،وأنّ قوة التغيير ستكون “ساحقة مدمرة” تطلق مرحلة صعود البلاد كمحور للمنطقة،وإنّه اطلع عليها وهي “مؤكدة”، مشيرًا إلى أنّ هذا الظهور سيكون الأخير لحين وقوع “الأحداث الكبرى في العراق”،وأكّد ، أنّ “قوة ساحقة مدمرة ستزيح الطبقة السياسية برمتها، لتبدأ مرحلة مغايرة لعراق جديد يكون محور المنطقة”، لافتًا إلى أنّ “عام 2024 هو أقصى موعد للقضاء على النظام الحالي إلى الأبد”، ومن الشخصيات التي ايدت ما ذهب اليه فائق الشيخ راضي هو ليث شبّر، مؤكدا إن مجلس الأمن الدولي سيقود مخططاً لـ”تغيير النظام في العراق”، وهو الأمر الذي تحدث عنه السياسي فائق الشيخ علي.وقال شبّر خلال برنامج “القرار لكم” الذي يبث على فضائية “دجلة”، إن “المعلومات التي عرضها فائق الشيخ علي صحيحة ولدينا معلومات عن المباشرة بها منذ أشهر”،وأضاف أن مجلس الأمن الدولي سيقود المخطط الذي تحدث عنه فائق الشيخ علي.
عرب وين وطنبورة وين
لا يزال مؤيدي طهران يراهنون على حصان طروادة ،الذي لم يعد له دور وقبول لدى العراقيين،وسط حديثهم عن إمكانية إقصاء التيار الصدري من العملية السياسية، سبق للمالكي نشر تغريدة على موقع تويتر دعا فيها الحكومة المقبلة إلى أن “لا تكون إقصائية أو تهميشية أو إلغائية لأي طرف ساهم بالعملية السياسية واشترك بالانتخابات أم لم يشترك ومن بقي فيها أو انسحب منها”.قال نائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي إنه سيقبّل يدي الصدر إذا تطلب الأمرالنائب عن ائتلاف المالكي وعد قدو وصف هذه التغريدة بأنها “رسالة اطمئنان لزعيم التيار الصدري”، مؤكدًا أن الإطار التنسيقي كان “حريصًا على العمل مع التيار الصدري بصفته شريكًأ أسياسيًا” قبل انسحابه.
وأشار قدو في مقابلة تلفزيونية تابعها “ألتر عراق”، إلى أن “الإطار التنسيقي ليس له نية لإقصاء التيار الصدري من العملية السياسية”، مضيفًا: “لا يمكن تجاهل وجود التيار الصدري الموجود على الأرض”.وأكد النائب، أن “الجميع وبما فيهم المالكي سنذهب إلى الحنانة” لطلب رضا الصدر “إذا تطلب الأمر”، وزاد على ذلك بالقول: “سأقبل يدين السيد مقتدى” لكي تمر الأزمة.
ولفت النائب عن ائتلاف المالكي إلى أن النائب الأول لرئيس مجلس النواب، المستقيل، حاكم الزاملي، “طُرح لتولي رئاسة الحكومة المقبلة” خلال نقاشات الإطار التنسيقي.وسبق للمتحدث باسم تيار الحكمة نوفل أبو رغيف أن كشف عن دعوة تياره إلى شطر الإطار التنسيقي، لقسم حكومي، وقسم سياسي يضم مقتدى الصدر.
خلافات جماعات طهران
قال النائب عن الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي إن “الإطار الشيعي غير متفق على رئاسة الوزراء لوجود طامحين بالمنصب”، مؤكدًا أن “مشكلة رئاسة الوزراء تكمن بطموح من لا يملك مقعدًا نيابيًا ويطمح للمنصب”. وان بعض القوى السياسية ترشح لمنصب رئاسة الوزراء دون أن يكون لديها مقاعد نيابية ،وسبق لائتلاف النصر برئاسة العبادي المنضوي في الإطار التنسيقي، أن أخبر “ألترا عراق” بوجود “ترشيحات شخصية من قبل أحزاب لبعض قياداتها بشكل منفرد دون التشاور مع الأطراف الأخرى بهدف تحصيل الإجماع”.وتقول مصادر سياسية إنّ الخلاف بين أقطاب الإطار لا يتعلق فقط بشكل الحكومة المقبلة والمرشحين لرئاستها، بل تصاعد إلى “صراع على زعامة الإطار في ظل الحراك المحموم الذي يقوده المالكي”.
ويرفض أعضاء في عصائب أهل الحق الحديث عن وجود “كتلة أكبر داخل الإطار التنسيقي تحدد أو تنفرد في اختيار شخصية رئيس الوزراء القادمة”.ويقول شنكالي في مقابلة تلفزيونية تابعها “ألترا عراق”، إن حزبه “لن يقبل الدخول كورقة لاختيار الأسماء فقط، وليس لديه فيتو على أي مرشح لرئاسة الحكومة”،وأكد أن “خلاف الكتل السياسية حولته بعض الكتل السياسية بين المكونات”، مشددًا على أن “الديمقراطي صاحب أعلى المقاعد في الإقليم ولا يمكن تجاوزه في المفاوضات”.
احلى الحلول علقما
رغم تضخيم الحديث عن ان الإطار التنسيقي ربما يمتلك !؟ 130 نائبًا، مقابل قرابة 50 نائبًا مستقلًا في مجلس النواب، والإطار يريد التقارب مع القوى الكردية لحسم منصب رئاسة الجمهورية ،وسيصوت الإطار التنسيقي لمرشح ائتلاف دولة القانون إذا لم يتفق الكرد ،ويتوقع أن المشاكل السياسية ستكون لها حلول بعد العيد، إذ ستنطلق حوارات حسم رئيس الجمهورية بعد عطلة الأضحى، وأن الحوارات بين الإطار التنسيقي وجماعتي البارزاني والطالباني ستجري بصورة سلسة .
بايدن على الخط الساخن
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقال رأي للرئيس الأمريكي جو بايدن، استبق فيه زيارته إلى الشرق الأوسط وتحديدًا المملكة العربية السعودية، موضحًا أسبابها، فالمنطقة لا تزال مليئة بالتحديات وبينها برنامج إيران النووي، والحرب في سوريا، أزمات الأمن الغذائي، ووجود جماعات إرهابية في بعض الدول، والجمود السياسي في العراق وليبيا ولبنان، وملفات حقوق الإنسان، مضيفا قوله: “يجب أن نتصدى لكل هذه القضايا ،أما عن الملف العراقي.قال الرئيس الأمريكي إن الهجمات التي ترعاها على إيران ضد الأمريكيين انخفضت بشكل حاد عما كانت عليه قبل عامين ويعتزم بايدن زيارة الشرق الأوسط الأسبوع المقبل لبدء “فصل جديد في وقت حيوي بالنسبة للمنطقة”، حسب تعبيره، إذ أن “وجود شرق أوسط أكثر أمنًا وتكاملًا يعود بالفائدة على الأمريكيين من نواحٍ عددية”.وأعطى بايدن في مقاله أمثلة على المعابر المائية “الضرورية للتجارة العاملة” والموارد الحيوية مثل “الطاقة” خصوصًا مع تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
أما السفيرة الأمريكية في العراق ألينا رومانوسكي، فكشفت عن الملفات التي ستبحثها القمة الخليجية المقبلة في جدة، فيما أكّدت دعم “اندماج” العراق اقتصاديًا مع دول المنطقة من خلال القمة القادمة، وإنّ “مهمتها الأساسية هي العمل على دعم الأهداف المشتركة التي تضمنتها اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وتم تفعيل بعض من بنودها ومن بينها تحويل مهمتنا في العراق إلى غير قتالية”.
أنّ “علاقات امريكا الأمنية مع العراق تركز على دعم بناء قدرات قواته وتقديم المشورة لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش، وسنستمر على هذا الجانب، وأيضًا تم تفعيل التعاون في جوانب التعليم والتبادل الثقافي بين الجامعات ومراكز البحوث”، وأوضحت، أنّ “الولايات المتحدة ترحب بإعادة النازحين من النساء والأطفال إلى العراق، والمجتمع الدولي يدعم عملية الدعم وإعادة التأهيل التي تقوم بها الحكومة العراقية”، إنّ “الولايات المتحدة تدعم مساعي العراق للمساهمة في التجارة الدولية، وأنّ يكون لاعبًا فاعلاً في الشرق الأوسط، وتدعم تطوير القطاع الخاص وتنميته ودعم المشاريع الناشئة والصغيرة”، كما أنّ “الولايات المتحدة تدعم اندماج العراق اقتصاديًا مع دول المنطقة من خلال القمة القادمة التي ستعقد في السعودية، وتضم دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى العراق والأردن ومصر وبحضور الرئيس الأميركي جو بايدن”وأنّ “القمة ستبحث ملفات عدة منها الأمنية والاقتصادية وروابط وأواصر ثقافية وتعليمية، وستؤكد على التزام واشنطن بدعم تلك الدول أيضًا في التعاطي مع ملفي أزمة الغذاء والتغير المناخي”.
العراق في النفق المظلم
ان الاوضاع بالغة السوء في العراق منذ احتلاله باتت أكبر من تغيير النظام، بسبب سلسلة النكبات والانتكاسات التي حطت فوق رؤوس العراقيين منذ احتلال بلدهم وفرض هذه المجاميع من شذاذ الافاق والمرتزقة الملوّثة أياديهم بجراثيم الفساد والفشل والفوضى على رقابهم ، لحد الآن،والتغيير لن يكون مجرد عملية نقل لِلسلطة من العملاء الى مجموعة أخرى، بل يجب ان تكون عملية تغيير جذري تشمل الآليات وعلاقة الدولة بالمجتمع، هدفها توسيع نطاق المشاركة لتشمل المواطنين كلّهم، بغض النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم الدينية والإثنية واللغوية والطائفية…
ان جميع الحكومات والطبقة السياسية العميلة الفاسدة اتخذت منهج العنف غير المبرر في مواجهة الاحتجاجات الشعبية أو خسارتها في الانتخابات، وكلما فشلوا في شئ زادوا الحديث عن مؤامرة خارجية، بما يعني ان علاقتهم انتهت مع الشعب، ويعني أنَّ النظام قد أصبح ميّتاً سريرياً، وكشف زيف ديمقراطية الاحتلال الصفوي – الأمريكي – الصهيوني وعملائهم رغم شعارات الثناء والمديح مِن جيوشهم الإلكترونية، التي باتت عاجزة عن مواجهة الاحتجاجات وحملات السخرية السياسية ،ضاربة عرض الحائط كل ما كان يتشدق به العملاء من الاتكاء على الخلفيات الدينية أو السياسية أو العائلية، التي فشلت فشلا ذريعا في خدمة الشعب العراقي،وتواطئت في صنع رمزية لزعامات منسلخة عن مجتمعنا وبيئتنا الثقافية والاجتماعية، بعيدة عن نمط تفكير العراقيين وثقافتهم المناهضين لإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية الّتي تحافظ وتحمي المجتمع بأكملهِ، بغض النظر عن انتماءات أبنائه القومية أو الدينية أو الفكرية .
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز