هنا اوروبا

دراسة بلجيكية تحذر من خطورة الربط بين الإرهاب والمسلمين في وسائل الإعلام

حذرت دراسة بلجيكية من مخاطر التعاطي الإعلامي مع الهجمات بشكل متسرع، عبر الربط بين الإرهاب والمسلمين، وأشارت إلى أن هناك صحفا تقوم بتغطية الهجمات، التي يرتكبها المسلمون بشكل مختلف عن تلك التي يرتكبها غير المسلمين.

وحسب ما جاء في نتائج الدراسة، التي أجرتها جامعة إنتويرب شمال البلاد، في النصف الفلاماني الناطق بالهولندية عن الهجمات التي وقعت منذ 2001 وحتى 2016، «تغطي الصحف الفلمنية الهجمات التي يرتكبها المسلمون بشكل مختلف عن تلك التي يرتكبها غير المسلمين». وقالت تقارير إعلامية في بروكسل، إنه حسب ما جاء في الدراسة، إذا كان مرتكب الهجوم مسلماً، فإنه غالبا ما يطلق عليه «إرهابي»، وتحذر الدراسة من أنه «هناك خطر من أن يربط الناس الإرهاب تلقائيا مع المسلمين».

ودرس طلاب العلوم السياسية الطريقة، التي تناولت بها الصحف الفلمنية مثل «دي ستاندارد»، و«دي مورغن»، و«هيت لاتست نيوز» و«هيت نيوسبلاد»، تقارير عن الإرهاب والآثار المحتملة على الرأي العام. وبالتالي قاموا بتحليل الطريقة التي وصفت بها الهجمات الإرهابية التي يرتكبها المسلمون، مقارنة بالهجمات المماثلة التي ارتكبها غير المسلمين، على سبيل المثال لا الحصر ما قام به أندرس بريفايك منفذ الهجوم الذي أودى بحياة العشرات في النرويج منتصف عام 2011.

وخلص الباحثون إلى أنه: «في جميع هذه الصحف، يوصف المسلمون في كثير من الأحيان (بالإرهابيين) أكثر من غير المسلمين. ومع ذلك، فإن جميع الهجمات التي تمت دراستها ليست، في الواقع، إرهابية».

علاوة على ذلك، تركز التقارير حول الهجمات الإسلامية بشكل أكبر على مرتكب الجريمة، على سبيل المثال، ماضيه ودينه، وأقل بكثير على الضحايا، حسب الدراسة. وجاء فيها أيضا أنه عندما تُرتكب هجمات إرهابية، يُوصف 75% من الجناة المسلمين بأنهم إرهابيين مقابل 26% لغير المسلمين.

وتقول صوفي جبرورس، إحدى المشاركات في الدراسة، التي تحذر من خطر ربط الناس بالإرهاب والإسلام: «إن وسم شخص بهذه الطريقة ليس بريئًا». وقد أظهرت الأبحاث التجريبية للمتابعة أنه بعد قراءة مقالة في الصحيفة التي تستخدم كلمة «الإرهاب»، تقل نسبة ثقة الناس بالمسلمين بينما يزداد خوفهم من الإرهاب.

وأضافت جبرورس: «هذا أمر مثير للمشكلات، لأن زرع الخوف هو على وجه التحديد أحد أهم أهداف الإرهابيين». وبهذه الطريقة تسهل وسائل الإعلام استراتيجيتهم. لذا ندعو المحررين والصحافيين إلى توخي الحذر وتجنب وصم المسلمين بصفة الإرهاب. علاوة على ذلك، نأمل أن يقرأ مستهلكو وسائل الإعلام الصحف بشكل نقدي، مع الأخذ في الاعتبار خطر التحامل».

من جهته، قال الشيخ محمد التوجكاني رئيس رابطة الأئمة في بلجيكا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن في الحقيقة متأسفون جدا لأوضاع الأئمة وأوضاع المساجد بشكل عام، وأوضاع الجالية أو الأقلية المسلمة في أوروبا لأننا بدأنا نشعر بنوع من الحزن والأسف نظرا لتنامي هذا النوع من الكراهية، ونحن ندعو إلى المساواة وتوفير الحقوق وتحقيق الخدمات الاجتماعية، التي يمكن أن تمكن الإمام من القيام بدوره كما ندعو إلى التسامح والتعاون مع كل ما فيه مصلحة المجتمع».

من جانبه، قال صلاح الشلاوي نائب رئيس الهيئة التنفيذية للمسلمين في بلجيكا عن الدور الذي قامت به الهيئة لتصحيح الصورة، في أعقاب الانتقادات التي واجهتها الجالية المسلمة الفترة الماضية، قال: «أظن أن الهيئة قامت بجهود، لشرح الأمور، وتوضيح الصورة، وتوعية الشباب وإبعادهم عن خطر التطرف، وكل ذلك في فترة قصيرة في أعقاب الهجمات التي ضربت بلدنا بلجيكا عام 2016، بالإضافة إلى وقوفنا إلى جانب الشعب البلجيكي ومناداتنا لكل شرائح المجتمع ومكونات الشعب، أن يتضامنوا ويقفوا وقفة رجل واحد، ضد التطرف والإرهاب».

وقال الشلاوي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إن أولى المبادرات التي انطلقت في أعقاب الهجمات الإرهابية في مارس (آذار) من عام 2016 هو مشروع حوار مجتمعي بين جميع الأديان وجرى التوصل إلى توافق مع السلطات الحكومية الفيدرالية ومختلف الأديان والأوساط العلمانية إلى إحداث المجلس الفيدرالي للديانات والعلمانية والهدف منه هو الاستمرار في الحوار ومحاربة التطرف والعنصرية داخل بلادنا».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قالت البرلمانية البلجيكية السابقة وهي من أصل مغربي، فوزية طلحاوي: «لا يقتصر الأمر على بلجيكا وحدها، فعلى سبيل المثال من الواضح تزايد ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، ويعيش في بلجيكا مليون مسلم لا بد على الساسة هنا أن يضعوا ذلك في الاعتبار لأنهم أصبحوا جزءا من المجتمع، ولا بد من حل مشكلاتهم ومنها العنصرية».

من جهته، يقول البروفسور لوك جوسين أستاذ في جامعة إنتويرب البلجيكية لـ«الشرق الأوسط»: «إن الإعلام يلعب دورا كبيرا في نشر صورة سلبية حول فئات محددة وهناك مسؤولية على السلطات هنا لمواجهة أي نوع من العنصرية ومعاداة الآخرين، وذلك بإدماج الأجانب بشكل أفضل كما على المهاجر الأجنبي أن يحترم قيم المجتمع الذي يعيش فيه».

 
 
 
 
 
 
 
ا ش ا
زر الذهاب إلى الأعلى