فايننشال تايمز: ماكرون يخوض أصعب صراع للفوز بالرئاسة
عاد الكاتب في صحيفة “فايننشال تايمز” طوني باربر بالذاكرة إلى سنة 2016 حين نشر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كتاباً بعنوان “ثورة” قبل ستة أشهر من الفوز بالانتخابات الرئاسية.
في ذلك الكتاب، حذر ماكرون الشعب الفرنسي من فشل الاتحاد الأوروبي سيوصل اليمين المتطرف إلى السلطة بعد خمسة أو عشرة أعوام. حسب باربر، يبدو هذا الاحتمال المثير للقلق، رغم أنه ليس النتيجة الأكثر ترجيحاً، أقرب ليكون واقعاً أكثر من أي وقت مضى في تاريخ الجمهورية الخامسة الممتد على مدى 64 عاماً.
ضربة قاصمة
بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد، انتقل ماكرون واليمينية المتطرفة مارين لوبان للمواجهة النهائية في 24 أبريل (نيسان) الجاري. خاض الثنائي نفسه هذه المواجهة في 2017. لكن جميع استطلاعات الرأي تشير إلى تنافس أكبر مما كان عليه الأمر منذ خمسة أعوام حين حقق ماكرون انتصاراً ساحقاً على منافسته بـ66 مقابل 34% من الأصوات.
سيترك انتصار لوبان تداعيات أبعد بكثير من فرنسا. ستكون ضربة قاصمة للديموقراطية الليبيرالية في العالم الغربي وستغرق 27 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي في الاضطرابات بالتزامن مع خوض الولايات المتحدة وحلفائها صراعاً في أوكرانيا ضد روسيا القومية والمتسلطة.
ارتياح مؤقت
سيشعر ماكرون بالارتياح لتحقيقه في الجولة الأولى تقدماً على لوبان أكبر من الذي حققه في 2017. علاوة على ذلك، لم يشر أي استطلاع للرأي إلى فوز لوبن على ماكرون في الجولة الثانية.
ومع ذلك، ضاقت الفجوة بين الاثنين بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة. منذ شهر، بدا ماكرون قريباً من حصد ما بين 57 و 61% من الأصوات في الجولة الثانية، ولوبن بين 40 و43%. وفي الأسبوع الماضي، قدرت ثلاثة استطلاعات للرأي أن يحصل ماكرون على ما بين 50 و51.5% من الأصوات، ولوبان بين 48.5 و49% منها. مع السماح بهامش من الخطأ، قد تكون لوبن على مسافة قريبة جداً من انتصار مفاجئ.
حاجة إلى نهج مختلف
أضاف الكاتب أن جزءاً من أسباب ذلك يعود إلى أن الكثير من الناخبين لم يعد يرى فيها متطرفة خطيرة ذات سياسات غريبة ومعرفة سطحية بمشاكل فرنسا الاقتصادية والاجتماعية.
خلص تقرير لمؤسسة جان جوريس اليسارية إلى أن “تذرعها بقلة كفاءتها أو افتقارها للمعرفة لم تعد جدية في وقت تعتبرها أجزاء من فرنسا رئاسية بالكامل وقريبة من الشعب لذلك، سيتعين على خصمها في المستقبل التغلب عليها في الجولة الثانية على أرضية مختلفة تماماً”.
حلة جديدة
حقق ماكرون فوزه في 2017 بضربة مدمرة للوبان في مناظرة تلفزيونية بين الجولتين. الآن، تابع باربر، باتت القدرة عاى أداء مماثل لإفادة ماكرون أقل احتمالاً. تخلت لوبن عن بعض السياسات التي شكلت نقاط ضعفها، مثل الوعد بسحب فرنسا من منطقة اليورو.
وعوض ذلك، طورت حملتها بتركيزها بلا هوادة على قضايا كلفة المعيشة التي أصبحت أكثر رسوخاً في أذهان الناخبين الفرنسيين منذ حرب أوكرانيا في فبراير(شباط) الماضي.
وحافظت على جاذبيتها بين العمال ذوي الياقات الزرقاء الذين صوتوا سابقاً لليسار في المناطق الصناعية المهجورة وفي بلدات المقاطعات والمناطق الريفية التي شكلت موقع احتجاجات السترات الصفراء في 2018.
ماكرون تغير
على النقيض، لم يعد ماكرون الشخص الدينامي الجديد من خارج المؤسسات كما في 2017، لكنه أصبح رئيساً من صلب النخب الباريسية، وأغنى طبقات المجتمع الفرنسي حسب ناخبين كثيرين.
أدت جهوده الديبلوماسية المضنية قبل وأثناء حرب أوكرانيا إلى إعطائه دفعاً في استطلاعات الرأي لبضعة أسابيع، لكن ذلك تبدد اليوم. وقراره برفض السباق الرئاسي رسمياً حتى آخر دقيقة تقريباً مكن لوبان من ضبط الوتيرة إلى حد كبير.
هل يتكرر التاريخ؟
شدد بابر على أن ماكرون سيحتاج إلى أكبر عدد ممكن من الأصوات من اليسار والوسط واليمين لحشد “الجبهة الجمهورية” ضد تهديد اليمين المتطرف، إذا أراد كسب المعركة في الأسبوعين المقبلين.
نجح ذلك مع جاك شيراك حين أطاح جان ماري لوبان، والد المرشحة الحالية، بـ82 مقابل 18% في 2018. ونجح أيضاً مع ماكرون حتى ولو بحسم أقل في 2017. سيراقب العالم بأسره إذا كان هذا الجهد سينجح مجدداً في 24 أبريل (نيسان).
ترجمة : 24