هل تتمكن لوبن من الفوز بالرئاسة الفرنسية؟
“هل يمكنها حقاً فعل ذلك؟” هذا هو السؤال الذي يتسبب بتوتر كبير في باريس وفقاً لمراسل مجلة “نيوستايتسمان” البريطانية في أوروبا إيدو فوك. فقد صدرت نتيجة استطلاع رأي جديد الأسبوع الماضي أظهرت أن الزعيمة اليمينية المتطرفة المخضرمة مارين لوبن على مسافة قريبة من الرئاسة الفرنسية.
وفقاً لاستطلاع الرأي الذي أجرته شركة إيلابي، سيفوز الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون بـ52.6% فقط من الأصوات مقابل 47.5% للوبن في المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراؤها في 24 أبريل الحالي. تمثل النتيجة تحولاً جذرياً عما سجلته الجولة الثانية من انتخابات 2017 حين فاز ماكرون بـ66% من الأصوات، وحصلت لوبن على نسبة 34% منها.
ما سبب تحسّن أرقامها؟
إن أحد أهم العوامل التي تقف خلف هذه الأرقام اللافتة هو قدرة لوبن على جذب جزء من ناخبي اليساري جان-لوك ميلانشون. وفقاً للاستطلاع نفسه، إن 44% من الذين سيصوتون لميلانشون في الجولة الأولى لن يتمتعوا بأي تفضيل في مواجهة ماكرون-لوبن. لكن 77% من الذين يفعلون ذلك، سيختارون لوبن على الرئيس الحالي. هذا الرقم أعلى مما تظهره استطلاعات أخرى، لكنه مؤشر واحد إلى الأهمية التي سيجسدها هؤلاء الناخبون في نتائج الانتخابات.
سنة 2017، رفض ميلانشون دعم ماكرون في مواجهة لوبان خلال الجولة الثانية موجهاً ضربة لـ”الجبهة الجمهورية” المناهضة للوبن والتي تدفع داعمي الأحزاب التقليدية إلى الاتحاد في وجه اليمين المتطرف خلال انتخابات الجولة الثانية.
على النقيض من ذلك، إن داعمي الأحزاب اليسارية الأصغر حجماً كالخضر والاشتراكي يؤيدون ماكرون بنسبة تخطت 80%. وسيختار 60% من ناخبي وسط اليمين ماكرون.
هل تحافظ على الزخم؟
أداء لوبن أفضل بكثير من أي منافس محتمل لماكرون في الجولة الثانية. سيفوز الرئيس الحالي على ميلانشون، ومرشحة الجمهوريين فاليري بيكريس واليميني المتطرف إريك زيمور بنحو 60% من الأصوات وهو هامش أوسع بشكل كبير مما هو عليه عند منافسة لوبان.
إن تمكن لوبن من المحافظة على زخمها سيعتمد على قدرتها في تجنب الزلات التي حطمت آمالها في الجولة الثانية سنة 2017. ويتذكر الفرنسيون على وجه الخصوص مناظرة تلفزيونية بين لوبان وماكرون كشفت كم كانت بعيدة من تلبية تطلعات ناخبين كثر. إذا تمكنت من الوصول إلى الجولة الثانية، فسيعتمد أي أمل بالفوز على أداء جيد خلال الأسبوعين الفاصلين بين جولتي الانتخابات.
كيف أصبح ماكرون أضعف؟
علاوة على ذلك، ومع هذه الأرقام الجيدة، سيتعامل الناخبون مع لوبن على أنها مرشحة موثوق بها وتتمتع باحتمالات الفوز عوضاً عن كونها تمثل فضولاً بلا أمل في النجاح. وهذا يعني أنه سيكون عليها أن تدافع عن سياساتها وشخصيتها بمصداقية خلال الأسابيع الأخيرة الشاقة من حملتها.
بعد أكثر من شهر على انطلاق حرب روسيا في أوكرانيا، يبتعد النقاش داخل فرنسا عن الغزو ليتطرق إلى تداعياته خصوصاً على أزمة كلفة المعيشة المدفوعة بارتفاع في التضخم وأسعار الطاقة. بينما استفاد ماكرون من النظر إليه كرجل دولة متمرس حين كان غزو أوكرانيا على رأس الأجندة، أصبح الرئيس الفرنسي أضعف الآن مع انتقال الجدل إلى كلفة المعيشة.
استراتيجية نزع الشيطنة
لذلك، إن استراتيجية لوبن الطويلة المدى المتمثلة في الميلان نحو اليسار على مستوى المسائل الاقتصادية تبدو خياراً حكيماً وفقاً للكاتب. يساعد النقاش الذي يركز على المصاعب الاقتصادية محاولات لوبن في “نزع الشيطنة” عن نفسها عبر الحد من الوقت المستغرق لمناقشة قضايا مثل الهجرة والإسلام والتي تذكر الناخبين بأن اليمين المتطرف يبقى اليمين المتطرف.
فرص للاستغلال
رفض ماكرون الدخول في مناظرة مباشرة مع منافسيه في الجولة الأولى. يقول حلفاؤه إن حرب روسيا في أوكرانيا تعني أنه منشغل بمسؤوليات منصبه وأن لا وقت لديه للسياسات الضيقة. لكن هنالك شعور متزايد بأنه يتفادى التدقيق في مسيرته الرئاسية. وأشار فوك إلى أنه لو تمكن منافسو الرئيس من استغلال تصورات بوجود نوع من الاستعلاء واستغلال أزمة كلفة المعيشة لإلحاق المزيد من الضرر بالرئيس الفرنسي فالمنافسة التي بدت منذ أيام قليلة محسومة ستبدو الآن أكثر تنافسية بشكل بارز.
24