نيويورك تايمز: تداعيات كارثية للحرب في أوكرانيا على الغذاء حول العالم
حذر مدير مركز أبحاث أنظمة المناخ في جامعة كولومبيا مايكل بوما وأستاذة الهندسة المدنية والمناخية في جامعة إلينوي، ميغان كونار من تداعيات كارثية للحرب الأوكرانية، على واردات العذاء العالمية.
وكتبا “مع مراقبتنا لوصول اللاجئين الأوكرانيين بالسيارات وسيراً على الأقدام إلى بولندا، فمن الصعب ألا يستعيد الواحد منا الحرب العالمية الثانية، التي دمرت المنطقة وانتشرت فيها المجاعة، ومات ملايين الأوكرانيين، جوعاً”.
ومع أن الوضع لم يصل إلى هذه النقطة بعد، فإن انقطاع الطعام لن يبقى مشكلة معزولة “فما يجري في أوكرانيا يتردد صداه في الخارج، ويهدد الطعام في الدول الأقل ازدهاراً التي تعتمد على صادرات الحبوب وبقية أنواع الطعام من أوكرانيا، وروسيا”.
منطقة البحر الأسود
وتحولت منطقة البحر الأسود، إلى منطقة نشطة للإنتاج الزراعي والتجارة. وتعتبر أوكرانيا واحدة من سلال الغذاء في العالم.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي تحولت روسيا وأوكرانيا إلى مصدرين مهمين للحبوب، ويصدر البلدان الآن 29% من القمح العالمي، ويساهمان بـ 18% من صادرات الذرة العالمية، و80% من صادرات زيت عباد الشمس العالمية.
وبعد يوم واحد من القتال، اهتزت سوق البضائع العالمية، وتوقف الشحن في ميناء أسزوف في الأسبوع الماضي. وارتفعت عقود القمح الآجلة 12% في مجلس شيكاغو للتجارة، وتفوق الارتفاع على الأسعار المتضخمة أصلا.
الحبوب
وتمثل الحبوب الجزء الأكبر من نظام التغذية العالمي. ويهدد ارتفاع الأسعار بالضغط على الدول الفقيرة مثل بنغلادش، والسودان، وباكستان، التي استوردت في 2020 نصف ما تستهلكه من قمح، من روسيا، أو أوكرانيا، بالإضافة إلى مصر، وتركيا اللتبن اشترتا الكمية الكبرى من الحبوب المستهلكة فيهما من البلدين المتقاتلين.
وفي 2010، ارتفعت أسعار الطعام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عندما حدت أوكرانيا من صادراتها من الحبوب، ما ضغط على واردات الطعام المستمرة لهذه الدول وساهم في الاضطرابات السياسية في المنطقة عامة.
وأدى تعطل سلاسل التوريد بسبب وباء كورونا إلى تضخم أسعار المواد الأساسية. وشهدت معظم الدول ذات الدخل المتدني والمستوردة للطعام زيادة في معدلات الفقر الغذائي.
وتعتبر روسيا وحليفتها بيلاروسيا اللتان تشنان حرباً ضد أوكرانيا مصدرين رئيسيين للأسمدة، وتظل روسيا الرائدة عالمياً، ما أدى لزيادة أسعارها رغم أنها، من الناحية التاريخية، باهظة الكلفة. وعليه فإن ندرة الأسمدة تعرض الإنتاج العالمي للخطر، في وقت يحتمل فيه خسارة كل صادرات الذرة، 13% والقمح 12% من أوكرانيا.
وقال برنامج الغذاء العالمي بالأمم المتحدة في نوفمبر(تشرين الثاني) إن العالم يواجه “جوعاً كارثياً” لمئات الملايين من سكان العالم، حيث تكافح منظمات الإغاثة الإنسانية مالياً لتوفير الطعام إلى الدول التي تواجه مشاكل، مثل أفغانستان التي تهدد المجاعة فيها، الملايين.
أسعار الوقود والطعام والأسمدة
وقال ديفيد بيزلي، مدير البرنامج إن “أسعار الوقود ترتفع، وأسعار الطعام تزيد، والأسمدة أصبحت غالية، كل هذا يغذي أزمة جديدة”.
وفاقم الغزو الروسي لأوكرانيا المشاكل بما يهدد أمن الدول التي تكافح لتوفير الطعام لسكانها. وعلى المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات لوقف أزمة الطعام بسبب أوكرانيا. وعلى الدول، بما فيها الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وأستراليا تجنب سياسات تقييد تصدير الحبوب، والعمل على مساهمة هذه التجارة في توفر الطعام في العالم. وعلى الدول التي تعتمد على أوكرانيا وروسيا لاستيراد الحبوب، العمل مع الدول الأخرى المنتجة للحبوب، وتنويع سلاسل توريد المواد الزراعية.
ويجب تقييم العقوبات على روسيا للتأكد من أنها لن تؤدي إلى مفاقمة نقص الطعام في الدول الضعيفة.
ويمكن للمجتمع الدولي خفض أسعار الأسمدة بخفض أسعار الطاقة والحفاظ على سوقها مفتوحة، ما سيساعد المزارعين حول العالم على إنتاج محاصيلهم.
وزادت أسعار الطعام ليس بسبب الوباء ولكن لأن زيت النخيل، والصويا، وجها لإنتاج الديزل الحيوي في الاتحاد الأوروبي، مثل زيت الذرة لإنتاج الإيثانول في الولايات المتحدة.
إن صرف هذه المواد للاستهلاك الإنساني قد يؤدي إلى خفض الأسعار وتعويض النقص من أوكرانيا وروسيا.
وطالب الكاتبان بالدعم المالي لبرنامج الغذاء العالمي الذي يعاني تحديات مالية ليكون قادراً على مواصلة عمله الإنساني.
ويعتبر الأمن الغذائي ضروريا لأمن الدول. وشاهدنا عبر التاريخ كيف عطلت النزاعات، إيرادات الطعام، وفي الأسوأ حولته إلى سلاح في الحرب.