أخبار

خيبة إسبانية – إيطالية من استمرار الخلافات الأوروبية

بعد فشل المجلس الأوروبي لوزراء المال والاقتصاد للمرة الثالثة خلال أسبوعين، في التوصل إلى اتفاق حول خطة مشتركة للنهوض من أزمة «كوفيد- 19»، أصيب الاتحاد الأوروبي بانتكاسة جديدة، الأربعاء، مع استقالة رئيس المعهد الأوروبي للبحوث الذي يعتبر الهيئة العلمية الرئيسية في الاتحاد، ومن أهم مراكز البحث العلمي في العالم، وما رافق هذه الاستقالة وتبعها من تطورات.

وكان البروفسور الإيطالي ماورو فيراري الذي تولى رئاسة هذا المركز مطلع العام الجاري، قد وجه كتاب استقالته إلى رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين، مساء الثلاثاء، معرباً فيه عن خيبته العميقة من فشله في إقناع المؤسسات الأوروبية بوضع برنامج علمي واسع لمكافحة فيروس «كورونا»؛ لكنه أعرب عن استعداده لمواصلة جهوده في مجال التعاون الدولي بكل حماس واندفاع.

وفي تعليقه على قرار الاستقالة، قال فيراري إنه بدأ يواجه مشكلات مع المفوضية الأوروبية مطلع الشهر الماضي، عندما تبين أن الجائحة ستؤدي إلى مأساة لا سابقة لها، واقترح وضع خطة أوروبية لمواجهة الفيروس، يتولى إعدادها أفضل الخبراء في العالم، ومدهم بالموارد اللازمة لتطوير أدوية ولقاحات ومعدات تشخيص جديدة: «وأن تتخذ قرارات الوقاية والاحتواء استناداً إلى القرائن العلمية، وليس إلى المزاج المرتجل للقادة السياسيين». كما انتقد فيراري «الغياب التام للتنسيق بين السياسات الصحية في الدول الأوروبية، وعدم التكافل المالي، وإغلاق الحدود الداخلية بين البلدان الأعضاء».

لكن بعد ساعات من الإعلان عن الاستقالة، صدر عن المركز المذكور بيان يدحض المعلومات التي أوردها فيراري، مؤكداً أن أعضاء المجلس كانوا قد طلبوا استقالته بالإجماع «بسبب عدم تفرغه لنشاط المركز، وتغيبه عن اجتماعات كثيرة مهمة، وتمضيته فترات طويلة في الولايات المتحدة، منصرفاً لبحوث يقوم بها هناك مع بعض المراكز الأخرى».

ويتزامن قرار فيراري مع ارتفاع منسوب الاستياء في إيطاليا وإسبانيا من أداء المؤسسات الأوروبية، في مواجهة جائحة «كوفيد- 19» التي أوقعت حتى الآن أكثر من 30 ألف ضحية في هذين البلدين، أي ما يزيد على ثلث الوفيات العالمية. وكان المجلس الأوروبي لوزراء المال والاقتصاد قد واصل مناقشاته حتى فجر الأربعاء، قبل أن يقرر العودة للاجتماع الخميس في محاولة أخيرة لإنقاذ القمة الأوروبية التي ليس مؤكداً بعد موعد انعقادها.

وكانت وزيرة المال والناطقة بلسان الحكومة الإسبانية ماريا خيسوس مونتيرو، قد أكدت الأربعاء أن مرحلة العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية سوف تبدأ أواخر هذا الشهر؛ لكن ضمن مجموعة من التدابير الجديدة التي ستحرص الأجهزة على إنفاذها، تحاشياً لموجة جديدة من انتشار الفيروس. وقالت مونتيرو إن الحكومة تتبع توجيهات الخبراء واقتراحاتهم، وهي تنتظر نتائج تطورات الوباء حتى نهاية الأسبوع المقبل، لوضع اللمسات الأخيرة على روزنامة المرحلة الثانية، وتفاصيل الإجراءات التي سوف تتضمنها.
وجاءت هذه التصريحات بعد أن عادت الوفيات في إسبانيا إلى الارتفاع لليوم الثاني على التوالي؛ حيث بلغت 757 في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، ليصل العدد الإجمالي إلى 14555، وكان عدد الإصابات الإجمالية قد ارتفع إلى 146690، بينهم أكثر من 20 ألفاً في صفوف الطواقم الصحية.

وتجدر الإشارة إلى أن إسبانيا التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً في عدد الوفيات بعد إيطاليا، والثانية أيضاً بعد الولايات المتحدة في عدد الإصابات المؤكدة، تسجل أعلى نسبة في العالم من حيث عدد الوفيات مقارنة بعدد السكان، كما تسجل أعلى عدد من حالات الشفاء التي بلغت 48 ألفاً، استناداً إلى معلومات وزارة الصحة التي أفادت بأن خبراءها يقدرون العدد الفعلي للإصابات بعشرة أضعاف تلك المؤكدة. وقال ناطق بلسان الحكومة إن الأجهزة الصحية ستبدأ مطلع الأسبوع المقبل بحملة اختبارات لتحديد الإصابات، تشمل 30 ألف عائلة، لتكوين فكرة أدق عن انتشار الفيروس، قبل تحديد التدابير التي سترافق مرحلة العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية.

وكان المدير العام المساعد لمنظمة الصحة العالمية، بروس آيلورد، قد وصف الاستجابة الإسبانية لجائحة «كوفيد- 19» بأنها «بطولية ومبتكرة»، في تصريحات قال فيها: «في هذه الحرب علينا أن نعرف في كل لحظة أين وصلنا، وما هي الموارد التي يمكن الاعتماد عليها. والهدف الأساسي يجب أن يبقى دائماً إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح، والعودة إلى الحياة الطبيعية التي لن تكون لفترة كما تعودنا عليها». وأضاف: «ما زلنا نجهل الكثير عن هذا الفيروس، ولا نعرف ما هي الأسباب التي أدت إلى انتشاره بسرعة في بعض البلدان. نتعلم كل يوم منذ أربعة أشهر، وليس من السهل أن ننظر إلى الوراء لنقول أين أصبنا وأين أخطأنا».

وفي إيطاليا، استمر عدد الوفيات في التراجع، بينما انخفض عدد الإصابات الجديدة دون الألف للمرة الأولى منذ بداية الأزمة التي أوقعت حتى الآن أكثر من 17 ألف ضحية، بينهم 94 طبيباً، و26 ممرضاً، و6 صيادلة.

وقال ناطق بلسان الحكومة: «للمرة الأولى، بدأنا نرى نوراً ضعيفاً في نهاية النفق، وهدفنا هو أن يزيد عدد الحالات التي تخرج من المستشفيات على عدد الحالات الجديدة التي تستدعي العلاج فيها»؛ لكنه حذر مجدداً من الإفراط في التفاؤل، وأكد أن الحكومة لم تحدد بعد تاريخاً لبدء مرحلة العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، مشدداً على ضرورة التقيد بتدابير الوقاية والعزل التي قال إن عدداً كبيراً من المواطنين ما زال يتراخى في تطبيقها أو يتعمد انتهاكها. وكانت وزيرة الداخلية قد هددت باتخاذ تدابير قاسية في حق الذين يخالفون إجراءات العزل، بعد أن سجلت الأجهزة الأمنية أكثر من 240 ألف مخالفة في الأسابيع الثلاثة المنصرمة.

وبينما رجحت مصادر أن تبدأ مرحلة العودة إلى الحياة الطبيعية مطلع الشهر المقبل، أفادت وزارة الصناعة بأن هناك ما يزيد على 70 ألف مؤسسة أوقفت نشاطها منذ بداية الأزمة، ثلاثة أرباعها في مناطق الشمال التي تشكل القاطرة الصناعية والاقتصادية للبلاد. وكان وزير الصناعة قد أشار إلى أن عجلة الحياة ستعود إلى الدوران أولاً إلى المصانع والمؤسسات الأساسية، قبل أن تعمم على الشركات الأخرى والمواطنين.

وكانت الحكومة الإيطالية قد أصدرت مرسوماً بإغلاق الموانئ في وجه سفن إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين في المتوسط، بعد أن أصبحت مراكز استقبال المهاجرين في مدن الساحل الجنوبي والجزر عاجزة عن استيعاب المزيد، وغير قادرة على تأمين العناية الصحية اللازمة لهم.
aawsat
 

زر الذهاب إلى الأعلى