نزار العوصجي: لا تتعجل يا قرداحي
لا تتعجل في تصريحاتك يا قرداحي قبل ان تستقرء التاريخ جيداً ، قبل ان تتمعن في مفرداته كاملةً ، قبل ان تدقق في مجرياته واحداثه كما هي دون تحريف ، ولا تجعل من عملك الاعلامي مدخلاً لغير الحقيقة ، التي غابت عن منظورك كما يبدوا ، إما ان كنت تدعي انك لا تعلم فتلك مصيبة ، وان كنت تعلم فالمصيبة اعظم ، فحال الكثير من الدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا ، لم يكن كما هو عليه اليوم قبل مجيئ الخميني الحاقد ليتسلم السلطة في إيران ، لم يكن أمن امتك العربية ووجودها مهدداً ، ولم يكن حال شعبك العربي سيئاً كما هو عليه اليوم ، بل على العكس كان افضل بكثير مما يمكن ان تتصور ، قبل ان تخرج الافاعي من جحورها ، ويمكنك التحقق من ذلك بنفسك ، فضوء الشمس لا يحجب بغربال ..
لسنا هنا بصدد الدفاع عن المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وادانة النظام الإيراني ، الا ان كلمة الحق يجب ان تقال مهما كلف الامر ، رغم الغصة التي في داخلنا نتيجة ما اصاب العراق من تدمير ، جراء تأمرهم جميعاً على قيادته الوطنية وشعبه العربي البطل الذي تصدى
على مدى ثمانية سنوات للمد الإيراني الفارسي المشبع بالحقد والكراهية للامة العربية ، تمكن فيها من اجهاض المشروع الصفوي الخبيث الذي اطلقوه وروجوا له تحت شعار مايسمى ب ( تصدير الثورة الاسلامية ) ، في الوقت الذي لا نعلم فيه عن اي ثورة وعن اي اسلام يتحدثون ، ولمن يسعى نظامهم تصدير ثورته المزيفة المزعومة ، فكل الدول التي تجاورهم اسلامية ، بل منها نبع الاسلام بكافة طوائفه ومذاهبه السنية منها والشيعية ، وفيها كعبة المسلمون واليها يحجون ، فكيف يصدرون ما ليس فيهم اصلاً وما لا يمتلكون ..
افضل ما قلته لاحقاً يا قرداحي ( متداركاً ) ان تصريحاتك تمثل وجهة نظر شخصية فقط ، ولم تصدر من شخص مسيحي ينحاز الى طرف معين دون الاخر ، كما اراد البعض ان يظهرها ويصورها ، وهذا امر جيد يقطع الطريق على من يسعى الى تحريف الحقيقة من خلال التلاعب بالمفردات ، ويمني النفس المريضة بخلق فتنة نحن في غنى عنها ، بل نرفضها كما يرفضها اغلب العقلاء الذين يمتلكون نضجاً سياسياً ورؤيا ثاقبة ، تغلب المصلحة العامة على المصالح الخاصة ، رؤية معاكسة لتك التي يتسم بها قصيري النظر من المنتفعين في زمن التردي هذا ، ليزيدوا من معاناة مسيحيي الدول العربية اكثر فاكثر ..
لهذا كله تجدنا ناصحون لك ولغيرك ونقول : لا تتعجل يا قرداحي في تصريحاتك بل تمهل ، ولتكن رقبتك طويلة كرقبة البعير ، بل اطول منها بكثير ، لكي يستغرق فيها الكلام وقتاً قبل ان يخرج من فمك فيدينك بما ليس فيك .
والسلام ختام …