آراء

سحبان فيصل محجوب: تحديات الصيف اللاهب… الكهرباء والانتاج الوطني الخجول

في الربيع وظروفه المناخية المحايدة واختفاء بعض جوانب معاناة الناس تجاه تردي خدمة الكهرباء التي قد تنعدم فيها الانقطاعات الكهربائية غير المبرمجة الناتجة عن شحة الانتاج أمام الطلب أو نتيجة للعوامل الجوية المختلفة يطل على قنوات الاتصال الاعلامي المختلفة العديد من المعنيين ( الببغاوات) المدربين على حياكة المسوغات والذين أتقنوا المناورة في رمي كرات الفشل بعيدا ًعن ساحاتهم ليستعرضوا الإجراءات المتخذة تجاه الأزمة الصيفية المقبلة للكهرباء، متناسين بذلك أن تكرار مثل هذه المحاولات قد أصبحت محط التندر والتسفيه لدى المواطن، ما يرافق هذا الاشارة الصريحة والمباشرة إلى أن ما يضمن نجاح حزمة الإجراءات المتخذة لغرض تحقيق تغذية كهربائية أفضل مع حلول الصيف المقبل هو ارتباطه بعوامل خارجية واقعة خارج مسؤولية الإدارة الوطنية لقطاع الكهرباء، وعلى وجه التحديد، ضمان تجهيز الغاز الإيراني اللازم لتشغيل العديد من محطات التوليد العاملة ضمن المنظومة الكهربائية العراقية كذلك استمرار عمل خطوط نقل الطاقة الأربع التي يجري بوساطتها توريد كميات محددة من الكهرباء الإيرانية إلى المنطقة الجنوبية من العراق.
على شاشة الحاسوب البسيط دعونا نضع مستوى الإنتاج المتوقع في الصيف المقبل والمصرح به على وسائل الإعلام على لسان القائمين على شؤون الطاقة الكهربائية، إذ تشير توقعاتهم إلى وصول إنتاج المنظومة الكهربائية إلى ٢٥٠٠٠ ميكاواط، فهل يا ترى جرت الحسابات لتحديد هذه القيمة، بعد الأخذ بعين الاهتمام النسبة المتفاقمة للطاقة الضائعة والتي قد تتجاوز الثلاثين بالمائة من الإنتاج والتي تهدر بين الضياعات الفنية والإدارية المعروفة؟ وهل يشمل هذا ما تنتجه محطات المستثمرين التي يشترى إنتاجها على وفق سعات مكائنها وشروط توفير الوقود اللازم لها من الجهات الحكومية المتعاقدة معها؟ وأخيرا ً هل تم استبعاد كميات الطاقة الموردة من إيران لتكون خارج نطاق هذه الحسابات والبالغة قرابة ( ١٠٠٠ – ١٢٠٠ ) ميكاواط؟ يضاف إلى هذا كله ما يفرضه توافر الغاز المستورد من إيران في سلامة استمرار عمل محطات توليد الكهرباء العراقية في إنتاجها والذي يبلغ قرابة ٨٠٠٠ ميكاواط والذي يعد انتاجاً محليا ً معوقًا لاعتماده على عامل حاكم يتوجب تأمينه من خارج الحدود.
بالعودة إلى شاشة الحاسوب وما تم تسقيطه من أرقام عليها فإن المحصلة النهائية من الإنتاج الوطني (الصافي) لا يتجاوز ما قيمته ٥٠٠٠ ميكاواط وهو قريب مما كانت توفره محطات الكهرباء الوطنية ( الحكومية) وذلك بالاعتماد على القدرات المادية والفنية والبشرية من الموارد الوطنية الخالصة قبل سنة الاحتلال ٢٠٠٣ وفي ظروف استثنائية فرضتها قرارات الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على العراق استمرت، منذ العام ١٩٩١ ولمدة ١٢ عاماً تلته، نعرض هذه الحقيقة على الرغم مما قامت به مجموعة من العصافير الالكترونية من تغيير متعمد في سنوات إنشاء الكثير من محطات إنتاج الكهرباء الوطنية المنجزة قبل الاحتلال والمثبت تأريخ انجازها ضمن الأرشيف الوطني إلى ما بعد سنة ٢٠٠٣ حيث طال ذلك العديد من مواقع وشبكات الاتصال بهدف متعمد وهو محاولة تبييض صفحة سوداء ألقت بتداعياتها على مختلف جوانب الحياة فهو استعراض وهمي وغير مشروع ليس بغريب أن تتبناه منصات مدفوعة الثمن.
أمام هذا الأمر ومع إقتراب موسم الصيف أرى أنه لا خيار عملياً بحوزة المواطن، الآن، غير الاعتماد على البديل الوطني المتاح وهو اللجوء إلى منظومة المولدات الأهلية التي أثبتت فعاليتها بجدارة في مثل هذه الظروف بالرغم مما تتضمنه من جوانب ذات تأثيرات بيئية ومالية مختلفة وعلى المعنيين توفير قواعد الدعم الفني والتنظيمي لإسناد دورها في هذه المرحلة الصعبة .

مهندس استشاري/ رئيس هيئة الكهرباء العراقية الأسبق

زر الذهاب إلى الأعلى