لوموند: حوار غير مسبوق بين ماكرون و”أحفاد” حرب الجزائر
أفادت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استقبل يوم الخميس الماضي في قصر الإليزيه، لمدة ساعتين، 18 شاباً فرنسياً من اصل جزائري، م عاشوا حرب الجزائر لتبادل الاحاديث بحرية عن ذلك النزاع بهدف تهدئة “جرح الذاكرة”.
لا أتحدث عن المجتمع الجزائري في أعماقه ولكن عن النظام السياسي العسكري الذي تم بناؤه على هذا الريع المرتبط بالذاكرة
وقالت الصحيفة إن ماكرون أراد أن يُخاطب هؤلاء الشباب خصوصاً، لأن نور وأمين ولينا وغوتييه ولوسي ويوان هم أحفاد مقاتلين في “جبهة التحرير الوطني” أو حركيين أو فرنسيين سكنوا أو ولدوا في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر (أقدام سوداء ويهود). وأحدهم هو حتى حفيد الجنرال سالان، الرئيس السابق لمنظمة الجيش السري (OAS). ومنذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، يلتقي هؤلاء الشباب، ومعظمهم من الطلاب، مع بعضهم البعض ويفكرون في كيفية تجميع كل هذه الذكريات التي ورثوها. وقد جمعتهم سيسيل رونو المسؤولة عن تنفيذ توصيات تقرير بنجامين ستورا حول “ذاكرة الاستعمار والحرب الجزائرية” المقدم في يناير (كانون الثاني) الماضي للرئيس إيمانويل ماكرون.
وبحسب الصحيفة فقد حددوا لأنفسهم مهمة تقديم عشر رسائل إلى ماكرون بحلول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) والتي يفترض أن تغذي تفكيره في ما يتعلق “بمصالحة الذاكرة بين الشعبين الفرنسي والجزائري”. ويعد استقبال ماكرون لهم في قصر الإليزيه بمثابة نقطة انطلاق وفرصة للرئيس الفرنسي لمواجهة جيل جديد من الشباب المعنيين بمصالحة الذاكرة الفرنسية- الجزائرية.
مناهج الدراسة
واستمع ماكرون إلى هؤلاء الشباب وإلى ملاحظاتهم دون أن يقاطعهم. واقترحت رجاء، البالغة من العمر 20 عاماً، أن تشكل الجزائر من استعمارها إلى الحرب، “موضوعاً أساسياً في مناهج المدارس الفرنسية”.
أما نورة التي نشأت في الجزائر العاصمة، فأوضحت للرئيس الفرنسي، أن الشباب الجزائري لا يكنون “كراهية لفرنسا”. ورد عليها ماكرون، قائلا: “لا أتحدث عن المجتمع الجزائري في أعماقه ولكن عن النظام السياسي العسكري الذي تم بناؤه على هذا الريع المرتبط بالذاكرة. أرى أن النظام الجزائري متعب وقد أضعفه الحراك. لدي حوار جيد مع الرئيس تبون، لكنني أرى أنه عالق داخل نظام صعب للغاية”.
خطاب حول الحرب
واقترحت لوسي، وهي حفيدة أحد الحركيين، وتبلغ من العمر 27 عاماً، أن يلقي الرئيس الفرنسي خطاباً كبيراً حول حرب الجزائر يقول فيه الحقيقة التاريخية (…). بينما اقترح يوهان، البالغ من العمر 35 عاماً، وهو حفيد أحد اليهود المعمرين العائدين، “البناء المشترك” لأماكن الذاكرة في المنطقة.
ولتحقيق ذلك، دعا إلى تسهيل إصدار التأشيرات حتى يتمكن الشباب من الجانب الآخر من القدوم لزيارتهم. وهذا هو موضوع الساعة في الوقت الراهن.
وقلصت باريس الأسبوع الماضي منح التأشيرات للجزائريين (إلى جانب المغاربة والتونسيين) في مواجهة رفض البلاد إعادة مواطنيها الذين هم في وضع غير نظامي في فرنسا. ولطمأنة ضيوفه الشباب، أكد ماكرون أنه “لن يكون هناك تأثير على الطلاب ومجتمع الأعمال. سنقوم بالتضييق على الأشخاص ضمن النظام الحاكم، الذين اعتادوا على التقدم بطلب للحصول على تأشيرات بسهولة. هي وسيلة ضغط للقول لهؤلاء القادة إنه إذا لم يتعاونوا لإبعاد الأشخاص الموجودين في وضع غير نظامي وخطير في فرنسا، فلن نجعل حياتهم سهلة”.
وفي رده على إحدى المداخلات، قال الرئيس الفرنسي إنه يريد إنتاجاً تحريرياً تبثه فرنسا، باللغتين العربية والأمازيغية، في المنطقة المغاربية، لمواجهة “التضليل” و”الدعاية” التي يقودها الأتراك، الذين “يعيدون كتابة التاريخ”.
هل كانت هناك أمة جزائرية؟
ويتساءل الرئيس الفرنسي: “هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال”، ويضيف أنه كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي. ويذهب إلى القول: “أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماماً الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها، وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون. وهو أمر يصدقه الجزائريون”.
24