دراسة تدق ناقوس الخطر : 3 ملايين عامل أوروبي لن يكون بوسعهم تسديد فواتير التدفئة شتاءاً
تواجه أوروبا نقصاً حاداً في إنتاج الكهرباء منذ شهور ربما تتطور إلى أزمة خلال الشتاء المقبل، حيث ارتفعت فواتير الكهرباء إلى الضعف في بعض دول الاتحاد الأوروبي، مقارنة بما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي. ازداد سعر الكهرباء، الذي سجل بالفعل ارتفاعاً حاداً منذ شهور على خلفية أسعار الغاز العالمية، في العديد من البلدان مؤخراً، لا سيما في إسبانيا.
تشهد أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا ارتفاعا منذ أشهر. وفي بعض الدول، يشعر المستهلكون بالفعل بتأثيرات ذلك. وقدرت دراسة نشرها الاتحاد الأوروبي لنقابات العمال اليوم الأربعاء (22 سبتمبر/ أيلول 2021) أن ما يقرب من 3 ملايين عامل أوروبي فقير “لن يكون بوسعهم” تسديد فواتير التدفئة في الخريف والشتاء.
في منتصف أيلول/سبتمبر، طلبت مجموعة مؤلفة من 40 نائبا في البرلمان الأوروبي من المفوضية التحقيق مع شركة “غازبروم” الروسية العملاقة، متهمة إياها بخفض إمدادات الغاز عبر أوكرانيا لدفع ألمانيا إلى الموافقة على وضع خط أنابيب غاز “نورد ستريم 2” عبر بحر البلطيق بالخدمة بشكل أسرع، مما أدى إلى رفع الأسعار في أوروبا. ونفت الشركة الروسية أي تلاعب بالسوق.
قالت مفوضة شؤون الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون: إن المفوضية الأوروبية تراقب “عن كثب” تطور ارتفاع أسعار الكهرباء داخل دول التكتّل، وتناقش مع الدول الأعضاء “سبل” الحد منه. مشيرًة إلى أهمية الالتفات إلى الإصلاحات طويلة الأجل مثل الاستثمارات في توفير الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة باعتبارها “الحل الرئيسي على المستوى الأوروبي”.
اوضحت مفوضة الطاقة قبل الاجتماع المنعقد في سلوفينيا، الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي “سنناقش مع الوزراء سبل مواجهة هذا التحدي .. تراقب المفوضية الوضع عن كثب، وتناقش الوسائل المتوافرة لدينا” للحد من هذا الارتفاع. وأضافت سيمسون “في الوضع الحالي، أوروبا تحتاج إلى الاستثمار في الطاقات المتجددة، لأنها تقدم بالفعل بديلاً من اعتمادنا على استيراد الوقود الأحفوري”.
وأشارت كادري سيمسون إلى أنه لتخفيف التأثير على المستهلكين، قد تلجأ دول الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى خططها الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود التي تم وضعها استجابة لوباء فيروس كورونا. وقالت “من خلال التمويل المتاح في إطار خطة التعافي الأوروبية البالغة 750 مليار يورو، ستكون دول الاتحاد الأوروبي قادرة على المشاركة في تمويل تلك “الاستثمارات الضرورية لجعل المنازل أكثر قدرة للوصول إلى استخدام الطاقة بحيث يمكن أن تنخفض تكاليف التدفئة بشكل كبير”.
يأتي هذا الإعلان وسط ارتفاع أسعار الكهرباء في جميع أنحاء أوروبا هذا العام، كما وصلت أسعار الكربون إلى مستوى قياسي. وقالت كادري سيمسون يوم الجمعة (17 سبتمبر) إن “ارتفاع أسعار الكهرباء مدفوع بشكل أساسي بالطلب العالمي” على الطاقة، بما في ذلك أسعار الغاز التي ظلت ترتفع بشكل مطرد منذ يناير- كانون الثاني الماضي” حسب قولها.
أوضحت المسؤولة الأوروبية ان “هناك العديد من الحلول التي من شأنها أن تساعد على المدى المتوسط والطويل، وأولها هو تقليل اعتماد قطاع الطاقة على الغاز والفحم، اللذين ارتفعت أسعارهما بشكل كبير في الأشهر الأخيرة” مؤكدة : “لا تزال مصادر الطاقة المتجددة تنتج بأفضل الأسعار، لذا فإن الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة ستعمل على استقرار الأسعار في المستقبل”.
وأضافت أن الحلول الأخرى تشمل أسواق كهرباء متكاملة بشكل أفضل عبر حدود الاتحاد الأوروبي واستثمارات في قطاع الطاقة.
وتعد تكلفة الغاز الطبيعي المحرك الرئيسي لارتفاع أسعار الطاقة، التي كانت أعلى بنحو الربع خلال شهر آب/أغسطس الماضي مقارنة بالعام الماضي. وطالبت الحكومة الإسبانية قبل الاجتماع المفوضية الأوروبية بوضع قواعد يمكن للحكومات الوطنية اتباعها لمواجهة ارتفاع الأسعار.
يقول الاتحاد الأوروبي إن “أسعار الطاقة المرتفعة القياسية تجعل من قضية التحول الأخضر حلا يمكن التسريع بتنفيذه”. وتندرج ضمن هذه الخطة مواجهة أسعار الطاقة المرتفعة القياسية في دول الاتحاد الأوروبي من خلال وضع استراتيجية تفضي إلى التخلص من الوقود الأحفوري وتسريع التحول إلى الطاقة الخضراء.
في إسبانيا، فرضت الحكومة ضريبة مؤقتة على الأرباح غير المتوقعة من شركات الطاقة، والتي يمكن أن تولد 2.6 مليار يورو حتى انتهاء صلاحيتها المخطط لها في نهاية آذار/مارس. وستنخفض الضريبة الخاصة على الكهرباء من 5.1 إلى 0.5 بالمئة، الحد الأدنى الذي يسمح به قانون الاتحاد الأوروبي، حتى نهاية العام.
أوضحت الحكومة أن الزيادات الأخيرة في فواتير الكهرباء مدفوعة بارتفاع أسعار ما يسمّى بشهادات الكربون -التي تمنح الشركات الحق في إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون وواردات الغاز التي تحتاجها البلاد لاستكمال مزيج الطاقة لديها-، والطلب المتزايد على الطاقة في أشهر الصيف.
وبات المواطن الإسباني خلال سبتمبر/أيلول الجاري يدفع فاتورة كهرباء مرتفعة بنسبة 40 بالمئة عما كان يدفعه في الشهر نفسه من العام الماضي. ويلاحظ أن استخدامات الطاقة لا تقتصر فقط على الإضاءة، ولكنها تشمل كذلك التدفئة والطبخ. وبالتالي فإن ارتفاع فاتورة الطاقة يضيف أعباء جديدة على الأسر في أوروبا التي تعاني من تجميد الرواتب وارتفاع البطالة بسبب تداعيات جائحة كورونا على النمو الاقتصادي وسوق الوظائف. وشهدت المدن الإسبانية العديد من المظاهرات ضد شركات إنتاج الكهرباء خلال فترة الصيف وفي هذا الصدد، طالبت إسبانيا الاتحاد الأوروبي بدعم إجراءات الحدّ من ارتفاع أسعار الكهرباء، خوفًا من ردّ فعل شعبي مناهض لإستراتيجية خفض انبعاثات الكربون.
وفي تموز/يوليو، وافق الاتحاد الأوروبي على خطة فرنسية بقيمة 30.5 مليار يورو للتشجيع على توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، معتبراً أنها “تتوافق مع قواعد مساعدات الدولة في الاتحاد الأوروبي”.
كانت فرنسا قد أبلغت عن مشروع دعم لمشغلي منشآت الطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية من خلال الإعلان عن مناقصات. وأوضحت المفوضية أن هذه المساعدة”متناسبة وتقتصر على الحد الأدنى الضروري”. وتعتبر المفوضية الأوروبية “أن الآثار الإيجابية لهذا الإجراء، وبخاصة على البيئة، تفوق الجوانب السلبية المحتملة فيما يتعلق بتشويه المنافسة.
ومن بين مصادر الطاقة المتجدّدة المطروحة لإتمام التحول في قطاع الطاقة، برز الهيدروجين، باعتباره من بين الخيارات الأنسب، حيث إنه “عنصر كيميائي حامل للطاقة وليس مصدراً لها وباستطاعته تخزين كمية هائلة من الطاقة” كما يمكن استخدامه في خلايا الوقود لتوليد الكهرباء أوالطاقة والحرارة وهو وقود نظيف أي عندما يستهلك في خلية وقود لا ينتج إلا الماء والكهرباء والحرارة.
المصدر/ يورو نيوز