د. عبدالسلام الطائي: حكومة انقاذ الطوبجية.. لا فرض ولا نية!
“متى ما هلهل شاجور الثوار، قولوا غرد ابنك يا عجوز، لاح الامل“
الطوبجية كلمة تركية تعني جنود المدفعية الذين سمح لهم اقامة الصلاة بالبسطال لصعوبة خلعه، فاصبحت صلاتهم مضربا للامثال( صلاة الطوبجية.. لا فرض- ولا قبلة ولا نية)
الفئات المستهدفة بهذا المقال هي، بعض القوى والشخصيات الوطنية التي تشكل عنصر فاعلا لا مفعولا به، كذلك بعض دعاة حكومة الانقاذ الالكترونية، وهم في حقيقتهم ما هم الا كلاب صيد وقنص لحكومة الاحتلال، كما تعد العناصر الدساسة، ،اللعانين الملعونين والطعانين المتسللين والمستوطنين في الحركات الوطنية من العينة المستهدفة ايضا .
في هذه الايام، وفي ظل الظروف الدولية العاصفة باعصار السياسي قادم على دول الرمال المتحركة ، وجراء ترددات ذلك الاعصار، خيمت على كل منظمة او مؤسسة سياسية ام ثقافية حالة ضبابية يسودها التردد وعدم الحسم واتخاذ القرار، المؤدية بتلك المنظمة الى مرحلة التييه، ينبغي التحسب لها قبل وبعد بلوغها، قبل فوات الاوان.
وقد كان من نتائج مخرجات حالة او مرحلة التييه، في الاونة الاخيرة، كثرة دعاة حكومة الانقاذ وتقديم العروض المادية والمغريات الوظيفية لتجنيد وشراء ذمم بعض ثوار تشرين بسوح التظاهرات من قبل كلاب صيد حكومة المستعمرة الخضراء ، كما كثرة اعلانات التجارة السياسية، من خلال نشر قوائم لتشكيلات وزارية لحكومات انقاذ (وطنية) من قبل بعض ( الوطنجية) و(الثورجية) فاق عدد وزراء الانقاذ عدد الفضائيات ، تشكيلات كاريكاتورية، كرافعة للقفز بها لامريكا قد شكلت ، باغطية اكاديمية اغلبهم من منتحلي (الدال- دال سززية) وقوى، مع – ارضة (وطنية ، حكومات انقاذ دعا لها بعض سماسرة دول مجاورة، واخرون من الشتامين اللعانين والطعانين بالاعراض واخرون من صنف السائس البائس، المحسوب على السياسين، ان ذلك السائس(السياسي) راعي الحصن والحمير ليروضها، كي يسوقها كيفما يشاء، الذين هم من تسببوا بالعديد من الكوارث لبلدنا، قبل وبعد الاحتلال .
لازال بعضهم يعقدون افتراضيا جلساتهم عبر الزووم ، زاعمين انهم يمثلون ثوار تشرين الابطال وقواهم الوطنية، وظنا من هؤلاء (الفرسان) كما يخيل لهم، انهم باجتماعاتهم هذه قادرين على خطف انظار البيت الابيض، عسى ان يبيض الديك الابيض عليهم او يحصلوا على قطرات من الترياك الايراني، ناسين او متناسين، بان من استعان بغير الله والشعب وقواه الوطنية ذل.
ان متاجرة( الطوبجية) بدماء شهداء ثوار تشرين فاقت تجارتهم الفاسدة على من تاجر قبلهم بثوار الاعتصامات. وبذلك السلوك البهلواني لهؤلاء ،اختلط الحابل بالنابل لدى بعض القوى والكوادرالسياسية الوطنية الغيورة على العراق الجريح، واصبح بعضنا” بين حانة ومانة حتى ضاعت لحانا” ما بين السياسي والسائس فيهم، لقد عشعش السائسون ولا وبل دخلوا مرحلة شم النسم المنعش في عالم السياسية منذ الاحتلال الى يومنا هذا، بسب حالة التييه السياسي الذي وصلت اليه قوى وطنية لازال الامل فيها، لكن بغيابها اضطر الكثيران يتنقل ما بين الاحضان، عسى في تجواله هذا ان يجد ضالته، حتى سقط قسم منهم، بسبب التيه السياسي في نفق تشكيلات وجبهات وحكومات تزعم، الانقاذ الوطني.
ونتيجة لذلك التيه السياسي، بات الكثيرون يسيرون، ولايعلمون، وراء كل ناعق وزائق ، وخلف كل طبال، الذي كان يجوب محلاتنا وازقتنا البغدادية، وهو يصيح (شوباش) ، فيتراكض الناس اليه “على حس الطبل خفي يرجلية” عسى ان يصلوا لنهاية النفق للخلاص من هذه الحالة المازقية. ان ذلك التخلخل والتردي، يحصل عندما يختلط الحابل بالنابل ما بين السياسي والسائس، فتلوح في الافق حينها، علامات ضياع الوطن وحواضنه، لقد لدغنا من ذات الجحر مرتين او اكثر وقد انزلق على قدميه الكثير، نحو كل زاعق وناعق طبال، لذا فقد ان اوان الحسم واتخاذ القرار بلا تردد للخروج من هذا التيه باقل الخسائر.
ونحن في هذا التيه امامنا خياران، خيار طلبان او خيار التحاور، بحكم السنن التي اقرت شرعيته بموجب القوانين الوضعية والسماوية، وبما اننا اكاديميون، تهمنا الاجيال القادمة لا الانتخابات القادمة، نرى بان الحوار المنظم والخالص النية، يجب ان يتم مع الاخر، ان صدقت نواياه، بدون نظارات شمسية، خاليا من المجاملات بعيدا عن التدخلات الاقليمية ، حوار يعترف فيه الجميع باننا ، جميعا كالقمر المنير، له جانب مظلم .
معارضة مؤسسية لا فيسبوكية ولا وتسأبية
ما ان تناقلت فضائيات محلية دون غيرها دعوة للحوار ، وعلى صوت تلك الفضائيات خفت ارجل زمر “سياسية” على حس الطبل، اخذت تدعو لوحدة القوى لتشكيل التجمعات الفيسبوكية والوتسأبية، استعدادا للحوار والدخول في العملية السياسية.. فلا حوارا مجديا لانقاذ العراق بدون غطاء دولي اممي وعربي، نظرا لكون احزاب السلطة متفقة مع دول الجوار اكثر من اتفاقها مع بعضها البعض، ومع الشعب، فضلا عن فقدان ثقة الاحزاب ببعضها.
كما يقتضي الحوار صياغة عقد سياسي جديد-دستور- للمتحاورين، للخروج من الحالة المازقية التي حصلت بين الحكومة والشعب وقواها الوطنية، على الاخص بعد امتناع اكثر 80 % اي الغالبية المطلقة من الشعب، المشاركة بالانتخابات الاخيرة، تلاها اندلاع انتفاضة تشرين الثورية التي حيرت التاريخ، لكون ثوارها من جيل ما بعد الاحتلال، ثم انهم خرجوا من رحم المجتمع الشيعي العراقي العربي ضد التجمع السياسي الحاكم، الولائي لايران، الذي كانت ايران تعول عليهم ، وهو خير برهان ودليل على ان الاصطراع في العراق ليس مجتمعيا، لا مذهبيا ولا عرقيا، بل هو اصطراع ما بين الاحزاب السياسية والمجتمع العراقي .ولكي لا يكون الحوار الوطني كاريكاتوريا، وبنظارات شمسية بل يجب ان يتم ذلك الحوار بدون مساحيق تجميل ، من اجل وضع الاصبع على الجرح ليخرج الجميع متعافين سالمين غانمين، ان صدقت نوايا الحاكمين.
ستراتيجية الخروج
ولكي تحترمنا الامم ليكون لنا وموطئ قدم على جدول الاعمال السياسي للدول المؤثرة ، ومن اجل ان يطمئن العالم بمدى اهلية وامكانية اعادة دمج المعارضة الوطنية بالمجتمع الدولي، فنحن بامس الحاجة اليوم الى اعادة فلترة البنية البشرية للمؤسسة السياسية و(فرملتها) كما تفرمل الحاسابات، للتخلص من العناصر الدساسة، كعناصرالدمج السياسي بهذا الحزب او ذاك للغم مكاتبه بالعناصر الولائية الموالية للسلطة، ولا تستثني عمليات (الفلترة) الطعانون والشتامون، من كل الفايروسات الالكترونية وكلاب الصيد المجندون، والمدانون بجرائم الاختلاس والمخدرات التصنيعية قبل الاحتلال، فاولئك مكانهم السجون لا الاحزاب الرسالية، تحسبا من ان تطرد يوما العملة الرديئة العملة الجيدة، ان لم يكن ذلك قد حصل!، ان تطهير المؤسسات السياسية بات ملزما من (طواب الطوبجية) وشعارات واناشيد الثورجية والوطنجية، لدعاة حكومة الانقاذ الولائية لايران، قبل الشروع ببناء معارضة مؤسسية، ذات عقد سياسي يبنى عليه مشروع وطني واحد موحد جامع ، بحاجة لقيادة لا لقيادات تفاوضية او تحاورية، لئلا يغرد كل على ليلاه.
بلا ريب، فان الاسترشاد بمبادئ واليات العمل التحاوري التصالحي لتجربة مانديلا بجنوب افريقيا، سواء في مجال رفع الحظر عن حزب المؤتمر القومي الافريقي وتغير الدستور وعودة كوادر الدولة بعد تعويضها، تعد فاتحة لبناء معامل الثقة بين جميع الاطياف المتحاورة، بما يتماشى مع قواعد العدالة الانتقالية، ان العديد من مبادئ مانديلا، تصلح خارطة طريق لاستراتيجية الخروج في الحوار الوطني العراقي لانها ستساهم في التخلص من عقدة النظام السابق والنظام والحالي. وبناءا عليه، ادعو الى :
تشكسل لجنة من اكاديمية تضم كفاءات وخبراء في الاعلام والسياسة والقانون بمختلف التخصصات، تمثل كل اطياف المعارضة ، تتولى توحيد مشروعها الوطني لصياغة نظام لها، للتحول من معارضة شكلية الى معارضة مؤسسية، تشرع الى استحضار عامل القوة لحماية مشروعها الوطني، وفق مسلمة ان، للفكر السياسي والبندقية فوهة واحدة، وفق سياسة الردع الدبلوماسية، لوح بالعصى لئلا تضطر لاستخدامها.
حينها يصبح للمعارضة المؤسسية وزنا اقليميا ودوليا. وما عدا ذلك سنظل نحرث بالماء، كمن يبني قصورا على كثبان رمال والاعصار سياسي قادم ومتحرك تحركه العوامل غير الطبيعية، من حيث لا تعلمون، ولات ساعة ندم..
ـ استاذ علم الاجتماع بجامعة بغداد