قرية في ألمانيا تكافح لانتشال نفسها من أوحال الفيضانات
الكنيسة عبارة عن صيدلية وسوبر ماركت ومركز لتوزيع الأغذية، فريق إدارة الأزمات يجتمع في المدرسة القديمة، وفرق الإطفاء مرابطة في روضة الأطفال، لا تزال هناك حالة طوارئ في بلدة مايشوس المطلة على نهر الآر في غرب ألمانيا، هذه البلدة تضررت بشدة من الدمار البالغ الذي تسببت فيه كارثة الفيضانات قبل أسبوعين.
ولكن يبدو أن هذا الدمار والألم كان سبباً قوياً في التضافر بين سكان البلدة البالغ عددهم 900 شخص، خاصة بعد أن انعزلوا عن العالم الخارجي لعدة أيام في بداية كارثة الفيضانات، ويقول راينر كلايسيجس العضو في فريق إدارة أزمة مايشوس والمجلس المحلي للبلدة: “وجدنا تضافراً جيداً للغاية، لم يكن أمامنا خياراً آخر، وكان علينا تنظيم الجهود”.
وتم تشكيل فريق إدارة الأزمة في اليوم التالي للفيضان، ويقول كلايسيجس: “نظرنا من تتوفر لديه أية مقومات؟ من يستطيع المساهمة بماذا؟ حتى يومنا هذا يجتمع الفريق كل مساء، حيث تتم مناقشة ما حدث خلال اليوم وما سيحدث في اليوم التالي”.
وتوجد في الكنيسة أكوام من الملابس، وأدوات نظافة، وأحذية مطاطية – وأيضاً ألعاب، تقول إحدى متطوعات الإغاثة: “يُسمح للناس بالمجيء وأخذ أشياء لأنفسهم، لدينا إمدادات كافية”، تشعر المتطوعة بانكسار في قلبها كلما يمر أحد من السكان الذين فقدوا كل شيء في ليلة الفيضان، وتقول: “ما يبقينا جميعاً على قيد الحياة هو أن لدينا مجتمع قرية رائع، الجميع يساعد الجميع، لأنه حتى إذا لم تكن قد فقدت منزلك، فقد فقدنا جميعاً موطننا”.
وباشر مدير قوات الدفاع المدني في البلدة، برتهولد أولريش، عمله في ليلة الكارثة، حيث جاب الشوارع بمكبر صوت لتحذير الناس وإخراجهم من منازلهم، وفي اليوم التالي كانت المروحيات تنقذ الناس من فوق الأسطح.
ويقول أولريش: “بعض المشاهد كانت مأساوية، نحن مجرد قرية صغيرة، الكل يعرف بعضه بعضاً”، مضيفاً أن فرق دفاع مدني من مناطق أخرى، مثل لودفيجسهافن وشباير ونيوشتات، جاءت إلى البلدة للمشاركة في عمليات الإنقاذ.
وفي اليوم الأول بعد الفيضان كان كل فرد في البلدة يقدم المساعدة لرعاية السكان، يقول كلايسيجس: “أتت الممرضات إلى نقطة تجمع الجرحى”، تم جلب البطانيات والمشروبات والطعام، ويروي كلايسيجس أنه بطريقة ما تأثر كل شخص في القرية بما حدث، حتى لو لم تغمر المياه منزله، وبعد ذلك، تم توفير إمدادات للسكان بالمروحيات من الجو.
ودائماً ما يكون هناك مهام جديدة: كان لابد من التخلص من اللحوم لدى اثنين من الجزارين في البلدة، بالإضافة إلى محتويات ثلاجات المواطنين، يقول كلايسيجس: “لكننا كنا سريعين إلى حد ما، فقد صنعنا حفرة كبيرة على قمة الجبل – وتخلصنا من كل شيء خوفاً من خطر انتشار أوبئة”، مضيفاً أنه كان لابد بعد ذلك جلب المياه على متن جرارات ومقطورات – لأنه لم يكن هناك ماء أو كهرباء.
ويقول نائب عمدة البلدة، هارتفيج بالتس: “كان من الواضح أننا لن نحصل على مساعدة بسرعة”، وقد كان في البلدة أيضاً طبيب طوارئ كبير وضابط شرطة سابق، ويقول بالتس: “لقد شكلنا مجموعات ونظمناها، أي شخص مكاننا كان سيفعل الشيء نفسه”.
ويقول كلايسيجس: “لقد أصبحت الكنيسة مركز الحياة، هذا هو مستودعنا لكل شيء، وببساطة مجرد مكان للتجمع لمعالجة ما مررنا به ولتناول الجعة معاً، أعتقد أن كنيستنا لم تكن ممتلئة في السنوات الأخيرة كما كانت عليه في الأيام الماضية”.
ولا يزال ثلثا القرية سليماً، لكن التقديرات تشير إلى أن فيضانات 14 يوليو(تموز) الجاري المدمرة غمرت حوالي 50 منزلاً في القرية ودمرت الطريق الرئيسي على طول نهر آر، يقول أولريش إنه كان هناك طريقان عبر الغابات يؤديان إلى خارج القرية، لكنهما صالحان فقط للمركبات المخصصة للسير على الطرق الوعرة، هنا أيضاً كان لدى شخص من القرية حل، حيث قام مقاول بناء بتمهيد طريق من القطران عبر الغابة في غضون أقل من أسبوع.
ويعرب أولريش عن تعجبه عندما يفكر “في المدة التي يحتاجها المرء عادة في ولاية راينلاند-بفالتس للحصول على الموافقات التقنية لرصف طريق لمسافة مترين مربعين، وكيف أنه تم رصف هذا الطريق الآن”، موضحاً أن “هذا الطريق أصبح الآن شريان حياة مايشوس”، ويقول أولريش: “كانت الروح في القرية جيدة، لكن الأمر برمته أدى إلى تضافر القرية من جديد”.
وتستمر المساعدة في القرية، حيث تدعم فرق الدفاع المدني 7 زملاء تضرروا من الفيضانات، وتساعد مجموعات من البلدة مزراعي العنب في أن تبقى مزارع الكرم الخاصة بهم “على قيد الحياة بطريقة ما”، كما يقول أولريش، وحتى لا يكون هناك ضرر اقتصادي إضافي لمصنعي النبيذ، يقول أولريش: “هذا هو موسم مزارع الكرم”.
وتم الآن إعادة ربط مايشوس بالطريق الرئيسي، وهناك أيضا قوات إغاثة مزودة بمعدات كبيرة وآلات بناء، ويقول كلايسيجس: “نحن ما زلنا مسؤولين عن فريق إدارة الأزمات”.
ولقي ما لا يقل عن 134 شخصاً حتفهم في فيضان نهر آر، ويقول كلايسيجس: “كل ما نفعله حتى الآن هو العمل، كل يوم تفكر مجدداً: هذا مجرد حلم سيئ، ثم تقوم وتنظر إلى مزارع الكرم، إنه لمشهد شاعري، لكن على الجانب الآخر نهاية العالم”، مضيفاً أنه حتى في ذلك لا يوجد خيار آخر أمامنا: “هذا هو موطننا، سنقوم ببنائه مرة أخرى”.
وأشادت إحدى المتطوعات في الكنيسة بمدى روعة الاستعداد للمساعدة من خارج البلدة أيضاً، وقالت: “لكن لدينا طلب واحد: لا تنسوننا، حتى على المدى الطويل، ما يحدث الآن هو مجرد ساعة الصفر”.
د ب أ