خالد القشطيني: من لسان شاعر إلى حنجرة مطرب
تتجلى براعة الشعر الأندلسي، في قصائده وموشحاته وأزجاله، في تعلق الشعراء المحدثين والكثير من المطربين والموسيقيين بما جاد به أهل الأندلس في الأمس. والأمثلة كثيرة. خطر في بالي منها ما فعله أمير الشعراء، أحمد شوقي، في ذلك التراث. وكان منها ما جاءه من وحي ابن زيدون في قصيدته الغزلية الكافية القافية، إذ قال:
ما للمدام تديرها عيناك
فيميل في سكر الصبا عطفاك
لم يتمالك أحمد شوقي غير أن يعطينا قصيدة بأنغام تلك القافية الموسيقية، فيجود علينا بقصيدة مشهورة استهلها بهذه الكلمات:
شيعت أحلامي بقلب باكِ
ولممت من طرق الملاح شباكي
ورغم أن كلمات أحمد شوقي عجزت عن اللحاق بكلمات ابن زيدون، فإن المطرب الكبير محمد عبد الوهاب شاء أن يسبك كلمات أحمد شوقي، وليس كلمات ابن زيدون، في جنائن أنغامه الموسيقية التي سحرتنا بأنغامها. وكان عبد الوهاب قد التقط منها هذا الجزء الجميل الذي طالما هزنا في شبابنا، وما زال يهزنا ونحن إليه كلما سمعناه:
يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى
والذكريات صدى السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة
غناء كنت حيالها ألقاك
لم أدر ما طيب العناق على الهوى
حتى ترفق ساعدي فطواك
وتأودت أطراف بانك في يدي
واحمر من خفريهما خداك
ودخلت في ليلين فرعك والدجى
ولثمت كالصبح المنور فاك
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت
عيني في لغة الهوى عيناك
الشرق الاوسط