طب وتكنولوجيا

شرائط ورقية لقياس مستوى السكر في الدم بدلاً من وخز الإبر

 

ثمة أسلوب جديد يمثل بديلاً لاختبارات فحص الدم الروتينية المؤلمة التي يجريها مرضى السكري، إذ تمكن فريق علمي تقوده جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) من استخدام طريقة تُمَكِّن الإنزيمات النشطة بيولوجياً من الصمود في مواجهة صعوبات الطباعة بالحبر النفَّاث، لصنع أجهزة قابلة لإعادة الاستخدام، بوسعها قياس تركيزات الغلوكوز في لُعاب البشر.
ويحاكي الأسلوب الجديد شرائط الورق الحسَّاس للحموضة، التي تستخدم لاختبار ما إذا كان سائل ما حامضاً أم قلوياً، حيث يعكف الباحثون حالياً على تطبيق مبادئ مثيلة وشبيهة لصناعة مستشعرات ورقية تشير بسرعة إلى الدلائل البيولوجية للمرض. ومن العناصر المحورية لهذا الأسلوب إحلال أجزاء بلاستيكية منخفضة التكلفة، يمكن تصنيعها بسرعة وبكميات كبيرة، محل الدوائر الإلكترونية التقليدية في المستشعرات.
في هذا الإطار تعاونت عالمة البيولوجيا الدكتورة ساهيكا إينال، الأستاذة المساعدة في الهندسة الحيوية في «كاوست»، مع البروفسور خالد سلامة، أستاذ الهندسة الكهربائية، وعالمة المواد الدكتورة ديريا باران، من أجل استخدام تقنية الحبر النفَّاث لصنع مستشعرات حساسة لتركيزات دقيقة للسكر في السوائل الحيوية.
استغل الفريق حبراً تجارياً مصنوعاً من بوليمرات جيدة التوصيل، وطبع أنماط قطب كهربي على نطاق فائق الصغر على صفحات من الورق اللامع. وبعد ذلك، طبعوا طبقة استشعارية تحتوي على إنزيم أُكْسيداز الغلوكوز أعلى الأقطاب الكهربية الدقيقة. ويخلق التفاعل البيوكيميائي بين الغلوكوز المتاح والإنزيم إشارات كهربية ترتبط بسهولة بمستويات السكر في الدم.
وتقول الدكتورة إلويس بيهار، الباحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في «كاوست» والمؤلفة الأولى للدراسة: «إن الورق مادة مسامية، مما يجعل من الصعب طباعة أحبار مُوَصِلَة وبيولوجية تذوب في الماء. وطباعة الإنزيم مهمة شاقة أيضاً؛ فهو حساس للتفاوتات في درجة الحرارة والجهد الواقع على خرطوشة الحبر ودرجة حموضة الحبر».
بعد تحسين ظروف طباعة الإنزيم، واجه الباحثون عقبة أخرى تعيّن عليهم التعامل معها. فبينما تحوي السوائل، كالعرق أو اللعاب، ما يكفي من السكر لأغراض الرصد والمراقبة، فإنها تحتوي أيضاً على جزيئات، مثل حمض الأسكوربيك، التي تتداخل كهربياً مع البوليمرات المُوَصِّلَة. وقد ساعدت تغطية المستشعر بغشاء من بوليمر نافيون ينبذ الشحنات السالبة الموجودة في غالبية الأنواع المُتداخلة، على قياس مستويات الغلوكوز وثيقة الصلة فقط دون غيرها في عينات اللعاب المأخوذة من المتطوعين.
وأثبتت التجارب أن الغلاف العلوي منح المستشعر فترة صلاحية غير مسبوقة، حيث صار في الإمكان الاحتفاظ بفعالية الإنزيم لشهر كامل إذا حُفِظَ في كيس مُحْكَم الغلق. وتشجع هذه النتائج الفريق على توسيع نطاق قدرات هذا النهج بإقحام إنزيمات مختلفة في الطبقة المُستشعرة.
وتقول إينال: «لا يتوقف التحسين قط في ميدان الهندسة. ومن ثم، فإننا نحاول أن نجعل هذا النظام أقوى لرصد مُستقلَبات أخرى في السوائل الحيوية. ونتطلع أيضاً إلى دمج أجهزة طاقة مطبوعة وذاتية التشغيل في المستشعرات، مما سيمنحنا منصة أيسر استخداماً تُغني عن البطاريات أو الأسلاك الخارجية».

زر الذهاب إلى الأعلى