هنا اوروبا

ألمانيا.. اللاجئون “من أجل الجنسية” يؤثرون على لمّ الشمل!

تتجه ألمانيا لتحديد سقف سنوي لعدد اللاجئين، لكن هناك من يلجأ إلى ألمانيا بقصد الحصول على جنسيتها، رغم إقامتهم في دول آمنة. بعض اللاجئين يرون أن ذلك يؤثر عليهم، وعلى لم شمل عائلاتهم. فهل تتحمل دوائر اللجوء في ألمانيا مسؤولية ذلك؟

 

 

 

 

عندما أتت اللاجئة السورية راما حموش مع أختيها عبر طريق البلقان إلى ألمانيا عند بداية موجة اللجوء، كانت تعتقد أن فراقها عن أبيها وأمها وأختها الصغيرة لن يطول، لكن مرت أكثر من سنتين ومازالت عائلة اللاجئة السورية القاصرة مشتتة كآلاف العائلات السورية الأخرى.

كانت العائلة تعيش في بلدة معضمية الشام في ريف دمشق، وبسبب القصف  العنيف الذي أدى إلى تدمير منزلهم اضطرت أن تنزح من مكان لآخر، حتى انتهى بها الأمر أن تلجأ الأخوات الثلاث إلى ألمانيا، بينما لم يستطع الأب والأم والأخت الصغيرة أن يخوضوا طريق اللجوء بسبب الوضع الصحي للأم.

تقول أخت راما، لانا حموش، لمهاجر نيوز إنه وبالرغم من حصول أختها على الحماية المؤقتة، كان مازال لديهم الأمل بلمّ شمل العائلة، في آذار/مارس 2018، حيث تنتهي القيود على لم الشمل. لكن أملها بلمّ شمل عائلتها بدأ يخفّ تدريجيا. فأختها الصغيرة ستبلغ الـ18 من عمرها بعد ستة أشهر. ليس ذلك فحسب، بل إن التحالف المسيحي مع شريكه الحزب الديمقراطي المسيحي، اتفقا على تعليق لمّ الشمل حتى شهر آب/ أغسطس، إذ سيسمح بقدوم 1000 شخص في كل شهر.

على حساب اللاجئين لأسباب إنسانية
تقول لانا إنه كلما تكلمت أختها الصغيرة مع والدتها، فإنها تبكي، مضيفة أن راما أصبحت تحتاج لطبيب نفسي بسبب سوء حالتها النفسية، وتتابع: "أصبحنا نلوم أنفسنا أننا أتينا إلى ألمانيا، لكننا لم نكن ندري أن الحكومة الألمانية ستعيق لمّ شمل عائلتنا والذي تحفظه القوانين الإنسانية والديمقراطية هنا".

 

 

 

                 أثار الاتفاق المبدئي في ألمانيا بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي على وضع سقف لأعداد اللاجئين موجة من الجدل

 

 

 

 

تؤكّد لانا أنه مع توجه ألمانيا لتحديد سقف لعدد اللاجئين وعدد حالات لم الشمل فإن كل شخص "غير مستحق للجوء" يؤثر بشكل سلبي على "اللاجئين الحقيقيين"، كما تقول، وتتابع: "الأشخاص الذين يأتون إلى ألمانيا فقط للحصول على الجنسية، بالرغم من أوضاعهم الجيدة في دول أخرى، كالإمارات مثلاً، يظلمون اللاجئين المستحقين للجوء، ولو بشكل غير مباشر".

وكان موقع مهاجر نيوز قد حاور العديد من اللاجئين، حالاتهم تشبه حالات مثل التي تقصدها لانا. من بينها شاب سوري في بداية العشرينات، وصل إلى ألمانيا قبل سنتين بفيزا سياحية قادماً من الإمارات التي ولد فيها، وحصل على حق اللجوء في ألمانيا. وحالة عائلة سورية تعيش في السعودية ورب الأسرة يرأس قسم تسويق مبيعات منتجات غذائية في الرياض. وبالرغم من استقرار أوضاعهم في السعودية. إلا أن العائلة السورية أرسلت ابنتها، التي تبلغ الـ17 من العمر، إلى السويد من أجل تقديم اللجوء هناك، وتقوم بلمّ شمل عائلتها.

ضرورة مراعاة الحالات الطارئة
ويؤكد المحامي والاستشاري في شؤون اللاجئين مجد اسماعيل أن الكثير من اللاجئين في دول أخرى، وخاصة في دول شرق أوروبا وروسيا استغلوا الوضع في ألمانيا في بداية موجة اللجوء وتوجهوا إليها، وأضاف: "بالرغم من الوضع المادي الجيد لكثير من اللاجئين في بعض الدول الأخرى، إلا أنهم توجهوا إلى ألمانيا طمعاً بجنسيتها".

تبدي لانا تفهمها للأشخاص الذين يرغبون بتحسين ظروف حياتهم، لكنها تؤكد أن اللجوء هو للحالات الإنسانية، وتضيف: "البعض يخلط الأولويات، فيصبح العمل وجمع النقود أهم من الحالات الإنسانية الهامة، ومنها لم شمل العائلات، خصوصاً القاصرين منهم". 

وتوافق اللاجئة السورية هيفاء كوشان، والتي فقدت ثلاثة من إخوتها وإحدى أخواتها بسبب القصف في سوريا، على ضرورة أن تراعي الحكومة الألمانية الحالات الإنسانية الطارئة، وتعطيها الأولية.

 

 

 

           تتأمل اللاجئة السورية هيفاء كوشان صور إخوتها الثلاثة الذين فقدتهم في الحرب

 

 

 

تقول هيفاء، والتي ما تزال والدتها في سوريا مع أخيها القاصر: "أصبحنا نعتقد أن الحصول على الإقامة في ألمانيا مسألة حظ"، وتتابع: "بعض السوريين يحصلون عي الإقامة على أساس أنهم هاربون من النظام السوري، لكنهم في الحقيقة من المؤيدين له".

"البت بطلب اللجوء غير منظم"
وتعتقد هيفاء، والحاصلة على الحماية الثانوية، أنه يوجد "ثغرات" في أحكام المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، والمتعلقة بمنح حق اللجوء، وهذا ما يؤكده المحامي مجد اسماعيل المقيم في مدينة لايبتزغ.

يقول اسماعيل: "حصل تخبط كبير لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، وخاصة في بداية موجة اللجوء، حيث إن بعض الناس التي أتت من دول آمنة وكان وضعها جيداً، حصلت على حق اللجوء، بينما لم يحصل بعض السوريين الهاربين من الحرب إلا على الحماية الثانوية".

وقد سبق لمنظمة برو أزول، المدافعة عن اللاجئين قد سلطت الضوء على بعض المشاكل في آلية عمل المكتب الاتحادي، حيث أكدت في منتصف العام الماضي أن عملية البت بطلبات اللجوء لدى المكتب الاتحادي "غير منظمة ويمكن أن تؤدي لارتكاب أخطاء"، متهمة إياه بإثقال كاهل المحاكم الإدارية بسبب كثرة عدد حالات الطعن في أحكامها.

يقول المحامي مجد اسماعيل: "المشكلة في المكتب الاتحادي أن الكثيرين ليس لديهم خلفية قانونية، ولذلك يخطئون في تقرير مصير الناس".

"الأمان أهم من الجنسية"

وبالإضافة إلى ذلك فإن تحقيقا داخليا أجراه المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بنفسه أثبت وجود أخطاء كثيرة في حسم ملفات لجوء، ما جعل وزير الداخلية يعلن مراجعة نحو ١٠٠ ألف قرار لجوء. وبعد مراجعة المئات منها تبين وجود أخطاء بالفعل.

تقول هيفاء إن أخاها الصغير، علاء، ما يزال يعيش على أمل أن يستطيع الخروج من الظروف الصعبة هناك، فهو يبلغ الخامسة عشر من العمر ويعيش في ريف درعا والذي يتعرض أحياناً للقصف، وما يزيد من معاناته هو تلك الشظية التي تعرضت لها والدته في رأسها.

وتسعى هيفاء أن يلتم لم شمل عائلتها في ألمانيا، من خلال الاستعانة بالمنظمة الدولية للهجرة، والتي تنسق معها الحكومة الألمانية برنامج إعادة توطين اللاجئين.

تقول لانا حموش إنها لم تكن تتوقع أبداً أن تقسى عليهم ألمانيا لهذه الدرجة، وتتابع: "لم نأت طمعاً بثروة أو بمال، أتينا من أجل أن تعيش عائلتنا بأمان"، وتتابع: "لا نريد الجنسية، بل نريد الأمان".

 

 

 

مهاجر نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى