المجر تغلق أبوابها أمام طالبي اللجوء
منذ أن أفرجت المجر عن طالبي اللجوء إثر قرار قضائي، يشعر كارزان محمد شريف أمين بأنه وحيد بالفعل، إذ غادر غالبية الذين كانوا معه بسرعة، إلى الغرب فيما لم يعد يصل أي مهاجرين جدد الى هذا البلد.
وقال الكردي العراقي والأب لأربعة أولاد وهو أحد آخر المهاجرين الموجودين في الدولة بأوروبا الوسطى لوكالة فرانس برس: "لم يعد هناك أحد تقريباً هنا للتحدث معه".
وفي مايو (أيار) الماضي، أدانت محكمة العدل الأوروبية المجر لأنها كانت تحتجز تلقائياً منذ 2017 في "مخيمي عبور" عند حدودها الجنوبية طالبي الحماية الدولية.
ولم يقبل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان هذا "الاعتداء من بروكسل" وشدد سياسته في مجال الهجرة بشكل إضافي. وأغلق هذين المخيمين ونقل حوالى 300 طالب لجوء إلى مراكز استقبال داخل البلاد، أين قرر قلة منهم البقاء.
منذ يونيو (حزيران) الماضي، لم يعد يسمح بدخول مهاجرين جدد قانونياً إلى البلاد، ما يشكل بحسب الأمم المتحدة انتهاكاً للقانون الأوروبي والدولي.
لم يعد بإمكان طالبي اللجوء إيداع ملفاتهم على الأراضي المجرية. وعليهم تقديمها إلى السفارات المجرية في الدول المجاورة.
لكن قلة من طالبي اللجوء يفعلون. في صربيا، الدولة الرئيسة التي يمر عبرها المهاجرون قدم سبعة أشخاص فقط طلبات لسفارة المجر في 31 يوليو (تموز) حسب الأرقام التي قدمتها الحكومة.
أمام السلطة المجرية المكلفة بالنظر في شؤون اللجوء مهلة شهرين لتقييم "إعلانات النوايا" هذه، وإذا وافقت على الطلب يبقى المعنيون لمدة شهر قيد حجز تلقائي في المجر.
لم يشأ كارزان الرحيل مثل الآخرين، فهو يأمل في قبول طلبه في الشهر المقبل، ليتمكن من الإقامة لاجئاً في المجر. وقال: "إنها دولة في الاتحاد الأوروبي، أليس كذلك؟ أريد فقط أن يكون أولادي سعداء".
ويضيف أنه فر من العراق لتجنب الخدمة العسكرية، ولا يزال يحتفظ بذكرى سيئة للأشهر الـ18 التي أمضاها مع عائلته في أحد "مخيمي العبور" في المجر.
وتابع "عشنا معاناة وقلقاً أكبر مما عشناه في العراق" مضيفاً أن أصغر أولاده ولد في المجر وأن "رؤيتهم يكبرون في سجن مجري" تثير فيه تساؤلات.
هذان المخيمان اللذان تحيط بهما أسلاك شائكة بنيا على طول السياج الحدودي الذي أقامه أوربان في 2015 مثيراً استنكاراً الاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه المجر في 2004.
واعتبرت المجر الموقعة على اتفاقية جنيف أنها غير مغلقة وأن طالبي الحماية الدولية ليسوا محرومين من الحرية لأنه يمكنهم العودة إلى صربيا.
لكن الأخيرة الدولة رفضت استعادة المهاجرين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في منطقة عازلة قانونيا.
بعد الإفراج عنه، نقل كارزان محمد شريف أمين إلى فاموسابادي قرب مدينة غيور وسلوفاكيا، أين لم يعد هناك سوى 15 شخصاً فقط بحسب قوله.
لكن مغادرة طالبي اللجوء لم تؤد إلى تسريع النظر في ملفه.
تقول تيميا كوفاكس المحامية من لجنة هلسنكي المجرية، وهي منظمة غير حكومية تعرض مساعدة قانونية على المهاجرين، إن الإدارة تبدي بطئاً "لا يمكن تفسيره".
وقالت لوكالة فرانس برس: "كل شيء يستغرق وقتاً فيما يجب أن يذهب الأولاد إلى المدرسة، كما أن ذلك يمنع مقدمي طلبات اللجوء من الاندماج" في المجتمع.
واعتبر المتحدث المجري باسم وكالة الامم المتحدة للاجئين ارنو سيمون، أن "الحكومة تخلصت عملياً من كل طالبي اللجوء".
لكن الشرطة المجرية أعلنت توقيف حوالى 20 ألف شخص في المجر، أو حاولوا دخولها دون أوراق بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) 2020. ووضعوا قيد الحجز الاحتياطي او أعيدوا إلى صربيا.
وأظهرت أرقام الأمم المتحدة أن في يوليو (تموز) فقط أُطرد 804 أشخاص من المجر نحو صربيا.