هنا اوروبا

إسبانيا: “الفراولة نعم…لكن ليس على حساب حقوق وكرامة” المهاجرات المغربيات

لاتزال تطورات قضية الاعتداءات التي تتعرض لها العاملات المغربيات في حقول الفراولة في جنوب إسبانيا متواصلة. وكانت السلطات الإسبانية اعتقلت شخصين من رؤساء العمل في هذه القضية قبل أن تفرج عنهما بسراح مؤقت. وانفجرت القضية بعد تقدم عاملات بشكاوى أمام القضاء الإسباني، يتهمن فيها مشغليهن بالتحرش الجنسي أو محاولة الاغتصاب. وقالت إحدى النقابات المحلية في شعار لها: "الفراولة نعم…لكن ليس على حساب حقوق وكرامة" المهاجرات المغربيات والنساء العاملات عامة.

 

اهتزت منطقة الأندلس  الاسبانية قبل أيام على دوي قضية اعتداءات تعرضت لها عاملات مغربيات في حقول الفراولة في جنوب إسبانيا. وانفجار هذه القضية "جاء كنتيجة لتراكمات معاناة العمال المهاجرين في قطاع الفلاحة بهذه المنطقة منذ سنوات"، يلفت الناشط الحقوقي المغربي في منظمة العفو الدولية في الأندلس عزيز صابر.

وتعرضت هذه العاملات "لتحرشات جنسية وللتهديد بالاغتصاب وللتهديد بالطرد من العمل"، يشير صابر، قبل أن تقرر بعضهن عرض شكاوى أمام القضاء الإسباني. وتنوب المحامية الإسبانية فيليبا لوخان عن عشرة نساء منهن، وتعتقد أنه "توجد نساء أخريات متضررات، إلا أنهن لم يقدمن شكاوى". وقامت السلطات الإسبانية "باعتقال شخصين من رؤساء العمل"، يلفت صابر، حظيا لاحقا بحكم يقضي بإطلاق سراحهما مؤقتا، إذ يظلان قيد الملاحقة القضائية.

ونظمت مجموعة من المنظمات النسائية في 17 من الشهر الجاري مسيرة لدعم العاملات الموسميات، دعت إليها نقابة "إس أ ثي" المحلية، التي تدافع عن حقوق العمال في المنطقة. "الفراولة نعم، لكن مع الحقوق"، صدحت أصوات المشاركين في هذه المسيرة. كما أصدرت تنسيقية النساء في الأندلس بيانا، أكدت فيه "رغم تفهمها لدور الفلاحة في اقتصاد المنطقة، إلا أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب حقوق وكرامة النساء".

شروط "تمييزية"

تصل هؤلاء العاملات المغربيات إلى إسبانيا للعمل في حقول الفراولة في إطار اتفاق إسباني مغربي يعود إلى بدايات الألفية الثانية. وانتقل عددهن من 200 في 2001 إلى 16 ألفا في العام الحالي. ويتم انتقاء المرشحات بناء على "شروط تمييزية، لا تحترم الكرامة الإنسانية للعاملات"، يعلق الناشط الحقوقي عزيز صابر.

ويمكن إجمال هذه الشروط في النقاط التالية: أن يكون عمر المرشحة بين 18 و45 عاما، تنحدر من الأحياء الريفية، تتمتع بصحة جيدة، ويقل عمر أطفالها عن 14 عاما لضمان عودة العاملات إلى بلادهن عند انتهاء موسم جني الفراولة.

وهذه الطريقة تنسجم مع توجهات الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لجلب اليد العاملة في المجالات التي تشتكي من نقص فيها، دون أن تسمح للمهاجرين بالاستقرار النهائي في الدول الأوروبية، حسب ما جاء في تقرير سابق حولهن للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان. وتضطر إسبانيا للاستنجاد بخدمات 50 ألف عامل غالبيتهم من المهاجرين، لجني الفراولة خلال الفترة الممتدة من شباط إلى يونيو من كل عام.

وتمتد مدة عقود العمل لبضعة أشهر، وتحصل العاملة على ما بين 39 و40 يورو لقاء ست ساعات ونصف ساعة من العمل مع استراحة يوم الأحد. لكن العاملات يتحدثن عن تلقيهن رواتب أقل بكثير من ذلك، بل هناك عاملات أكدن أنهن لم يتوصلن برواتبهن، تفيد المحامية الإسبانية لوخان، ويتجنبن التصريح بذلك مخافة عدم تجديد عقودهن في السنة المقبلة.

انتهاكات بالجملة

لا يحترم أرباب العمل مضامين العقود، حيث لا تحصل العاملات على الرواتب المتفق عليها في العديد من الحالات. "قالوا لنا إنه القطاف الثاني، وسيدفع لنا 0,75 يورو مقابل الصندوق الواحد" البالغ وزنه 5 كلغ، قالت إحدى العاملات لوكالة الأنباء الفرنسية دون أن تكشف عن اسمها، ما يجبرهن على الإسراع لجني أكبر عدد من الصناديق، وإلا يتعرضن للطرد.

ولا يقتصر الأمر على التحرش الجنسي فقط، فهؤلاء العاملات يشتكين أيضا من سوء ظروف العمل والسكن، وعدم احترام المشغلين لما تضمنته عقود العمل بخصوص ذلك، حيث يجدن أنفسهن في مساكن عشوائية أو مساكن غير لائقة، تفتقد "لأدنى شروط العيش كالماء والكهرباء"، كما يقول الناشط الحقوقي في منظمة العفو الدولية عزيز صابر. فيما تفيد وزارة التشغيل المغربية في بيان أن "جني الفواكه الحمراء والفراولة يخضع لإجراءات الاتفاقية الجماعية الموقعة بين الحكومة الإسبانية ومهنيي القطاع"، والتي تضمن للعمال الأجانب الاستفادة من "نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الإسبانيون".

وعلى خلفية هذا القضية، تعهدت السلطات الإسبانية بوضع إجراءات جديدة لمراقبة القطاع ابتداء من الموسم المقبل، لتفادي أي تجاوزات محتملة. لكن المحامية الإسبانية لوخان، تعتبرها "سطحية"، ولا تستهدف الإشكال في جوهره. ويعزي الناشط الحقوقي صابر تفاقم أوضاع المهاجرين في المنطقة إلى "فراغ نقابي"، تعاني منه المنطقة، ويترك العاملات والعمال المهاجرين عموما وجها لوجه أمام شراهة بعض أرباب العمل في مراكمة الأرباح والثروات.

 

 

 
 
 
 
 
 
 
وكالات
زر الذهاب إلى الأعلى