هنا اوروبا

مئات المهاجرين في مخيم شمال باريس ينتظرون “المجهول”

عشرات الخيم الملونة متراصة تحت جسر قناة "سان دوني" شمال العاصمة الفرنسية. مهاجرون أفارقة بمعظمهم يسكنون تلك الخيام من فترات متباعدة نسبيا، بعضهم جاء قبل خمسة أشهر، آخرون قدموا البارحة. لاجئون ولاجئات يسكنون ذلك المخيم ويشتكون من قلة الخدمات المتوافرة لهم إضافة إلى افتقارهم للمعلومات حول كيفية تقديم لجوء في فرنسا. مهاجرنيوز زار المخيم وتحدث مع بعض أولئك المهاجرين، كما اتصل ببعض الجمعيات التي تعمل ضمن إطار باريس للوقوف على حقيقة الوضع في ذلك المخيم وما هي الخطوات التي تعتمدها الجمعيات لمساعدة هؤلاء المهاجرين.

في منطقة "بورت دو لا فيليت" شمال  العاصمة الفرنسية باريس وتحت جسر قناة "سان دوني"، تتراصف عشرات الخيم بشكل متناسق، ألوان زهية فاقعة يتناثر حولها مجموعة من المهاجرين الأفارقة. للوهلة الأولى وللعين غير المدربة، قد يبدو وكأن هؤلاء في رحلة استجمام وتخييم على إحدى القنوات الرديفة لنهر السين الباريسي الشهير، إلا أن تلك الألوان وذلك التناسق الهائل، يخفيان كما هائلا من المآسي الإنسانية التي بدأت في بمعظمها في أفريقيا ولن تنتهي في فرنسا.

مهاجر نيوز توجه إلى موقع المخيم، عشرات الشبان الأفارقة يجلسون قبالة الخيم وعلى حافة القناة يستمتعون بأشعة الشمس النادرة في هذا الوقت من العام في باريس. الشبان المهاجرون يبادلونك التحية بوجوه بشوشة وحشرية ظاهرة لسبب تواجدنا هناك. يجيبون عن الأسئلة بعفوية بالغة، بل وحتى يدعوك بعضهم إلى زيارة خيمهم.

معظم المهاجرين في هذا المخيم قادمون من إريتريا والسودان وجنوب السودان. جزء كبير منهم قدم إلى فرنسا عبر إيطاليا، أحد المهاجرين الإريتريين قال لمهاجر نيوز إنه جاء من ألمانيا، "قضيت خمسة سنوات في ألمانيا، رفض لجوئي هناك، لذا قررت أن آتي إلى فرنسا لأجرب حظي هنا".

 

             معظم المهاجرين في مخيم بورت دو لا فيليت يأتون من أفريقيا. الصورة: شريف بيبي

 

 

 

مهاجرات ومهاجرون يتشاركون المخيم

بين المهاجرين الذكور نساء مهاجرات أيضا، يرقبن الوجوه الغريبة عن المخيم عن بعد، لا يستسغن الحديث إلى الصحفيين. سلامة، مهاجر إريتري قال لمهاجر نيوز إنه هناك "مجموعة من النساء، معظمهن من إريتريا، جئن مؤخرا إلى هذا المخيم، لا أعرف الكثير عنهن فهن لا يختلطن بنا كثيرا".

مهاجر سوداني فضل عدم الكشف عن اسمه قال لمهاجر نيوز إن الحياة في هذا المخيم صعبة جدا، "بعض المهاجرين هنا جاؤوا قبل خمسة أشهر، آخرون جاؤوا البارحة، الخدمات هنا غير كافية، إذا أردنا الاستحمام فعلينا أن نذهب إلى مكان خاص للاستحمام يبعد حوالي 20 دقيقة من هنا بالمواصلات، الجمعيات نادرا ما تأتي إلى هذا المخيم للوقوف على احتياجاتنا".

الجدير بذكره أن مركز استقبال المهاجرين في لا شابيل  ليس بعيدا عن موقع المخيم، إلا أنه مكتظ بالمهاجرين وليس لديه القدرة على استيعاب أعداد إضافية. سلامة قال لمهاجر نيوز إنه يذهب إلى لا شابيل من وقت لآخر، "ليس هناك الكثير للقيام به هناك، كما أنني لم أحظ بمعلومات كافية عن تساؤلاتي من اللحظة التي وصلت فيها إلى فرنسا".

يشكو سلامة ومهاجرون آخرون من عدم قدرتهم للوصول إلى المعلومات بشكل جيد. "كثيرون منا يريدون البقاء في فرنسا، إلا أننا لا نعرف كيف نتصرف أو إلى أين نذهب أو أين نستطيع أن نجد المساعدة. نفتقد إلى من يوجهنا في موضوع تقديم طلبات اللجوء".

مهاجرون كانوا يقفون بجانب سلامة قالوا لمهاجر نيوز أنهم كانوا يريدون استكمال رحلتهم إلى بريطانيا، إلا أن الطريق إلى هناك أصبح مستحيلا، "البقاء في باريس أفضل من الذهاب إلى كاليه" أحدهم أضاف، "أعتقد أن الأسلم والأفضل الآن هو البقاء هنا، فرنسا بلد جميل وأود أن أبحث عن فرص لتحسين حياتي هنا".

"أكثر من 600 مهاجر يفتقدون للخدمات الأساسية"

يقدر سلامة أعداد المهاجرين في ذلك المخيم بنحو 600، يفتقدون لكافة الخدمات الأساسية التي يحتاجها المهاجرون، "لا تزورنا الجمعيات هنا كما في أماكن أخرى، لا نحظى بالرعاية الطبية اللازمة لأننا لا نملك الأوراق المطلوبة.تذكرون كريم اللاجي السوداني الذي قضى الأسبوع الماضي في لاشابيل. أنا كنت أعرفه، كريم كان لديه الأوراق، كان لاجئا، مع ذلك كان ينام في العراء ولم يحظ بالرعاية المطلوبة والتي تتناسب مع وضعيته كلاجئ".

ويؤكد أحد المهاجرين السودانيين على أن إدارة يوميات المخيم تقع على عاتق المهاجرين أنفسهم، "إن حصلت مشكلة نحاول أن نصلح بين أطرافها، إلا أنها إذا تطورت وكبرت لا نستطيع القيام بشيء، حتى الشرطة لا تأتي وتتدخل في تلك الحالة".

 

 

     سلامة، مهاجر إريتري. الصورة: جوليا دومونت

 

 

 

ويضيف سلامة "قبل يومين اندلعت مشكلة هنا، مجموعة من الأشخاص السكارى من خارج المخيم جاؤوا وحاولوا الاعتداء على بعض المهاجرات هنا. كبرت المشكلة وتطورت، لم نعرف ماذا نفعل، لم تتدخل الشرطة، الكثير من المهاجرين هنا هربوا، تركوا خيامهم وأغراضهم وهربوا، كان الوضع مأساويا".

"نعالج حوالي 40 شخص يوميا"

لويس برادا، المسؤول عن رعاية المهاجرين في باريس في منظمة "أطباء العالم" قال لمهاجر نيوز: "نأتي ثلاث مرات اسبوعيا الى لا شابيل ، الموقع هناك يخولنا الاطلاع على أوضاع المهاجرين الصحية في موقعين، بورت دو لا فيليت وبورت أوبرفييه. حاليا لدينا طاقم طبي مؤلف من طبيبين وممرضتين يعالجون نحو 40 شخصا يوميا. كما نعكف على إعداد لائحة بالمشاكل الصحية التي نجدها عند المهاجرين، ومن ضمنها جحالات الجرب والسل التي تبقى ضمن حالات نادرة".

 

          600    يقدر عدد المهاجرين المقيمين في مخيم بورت دو لا فيليت بـ600 شخص. الصورة: شريف بيبي

 

 

 

يان مانزي من "أوتوبيا 56" قال لمهاجرنيوز: إن "70% من المهاجرين في بورت دو لا فيليت هم ممن تنطبق عليهم  شروط معاهدة دبلن او ممن رفضت طلبات لجوئهم في النهاية سيتم توزيعهم على مراكز استقبال خاصة، إلا أنهم يخشون الذهاب إلى تلك المراكز خوفا من الترحيل. لا أستبعد أن نشهد قيام مخيمات شبيهة بمخيم كاليه في أنحاء مختلفة من فرنسا".

وأضاف يان "جمعية ‘الدعم الميداني‘ تأتي بشكل دائم إلى بورت دو لا فيليت لتوزيع الطعام. كما أنه لدينا نقطة استعلامات دائمة بالقرب من مركز لا شابيل حيث نوزع طعام الفطور يوميا إضافة إلى توفير المعلومات للمهاجرين".

 

 

 

 

 

infomigrants

زر الذهاب إلى الأعلى