مصرية تلقي بطفلتيها في بئر مياه بسبب معايرتها بـ«إنجاب البنات»
تتعرض بعض الأعمال الدرامية المصرية للاتهام بـ«المبالغة» بسبب القضايا التي تعالجها درامياً ويراها كثيرون أنها لا تمُتّ إلى الواقع بأي صلة وأنها من وحي خيال المؤلف الذي يريد اجتذاب الجمهور عبر الإثارة والمغالاة في القتل والانتقام… لكن ثمة قصة واقعية صدمت المصريين، لم تكن أقل مأساوية من التي تُعرض على الشاشات في موسم دراما رمضان، حيث جرت وقائعها في محافظة «قنا» جنوب مصر.
القصة الواقعية بقنا تبدو «أكثر وحشية» من التي تسردها المسلسلات المصرية، فرغم أن أسرة أحمد شمس الدين، المكونة من 5 أفراد (الزوج والزوجة و3 بنات)، والتي تعيش بقرية نجع البراغيث التابعة لدائرة مركز أبو تشت، بقنا، كانت تمر بظروف اقتصادية صعبة، فإن الخلافات بين الزوج والزوجة بسبب «إنجاب البنات» كانت أكثر ما يعكّر صفوها ويجلب الأزمات بينهما.
فقد كان الزوج يعاير زوجته بإنجاب البنات فقط، بشكل دائم، وفي المرة الأخيرة تركت الزوجة بيت زوجها بسبب تلك الخلافات وذهبت إلى بيت عائلتها، وهناك اتفقت مع شقيقها وشقيقتها على التخلص من اثنتين من بناتها وفاء (4 أعوام)، وشقيقتها إيناس (3 أعوام)، ثم ألقياهما في ظلمة بئر مياه عمقها نحو 15 متراً، وفق تأكيدات شهود العيان وتحريات الشرطة التي نقلتها صحف ومواقع إخبارية مصرية.
وظلت الطفلتان داخل البئر تصارعان الموت والاختناق ساعات طويلة حتى سمع صراخهما أحد المارة الذي استغاث بآخرين لإنقاذهما، وتم إبلاغ الشرطة ونقل الطفلتين إلى المستشفى، بعد أن فقدتا القدرة على الكلام فترة طويلة، قبل أن تستمع لهما أجهزة التحقيق.
ووفق صحف مصرية فإنه تم تشكيل فريق بحث، برئاسة المقدم أحمد عبد الحق، وكيل فرع البحث الجنائي، والنقيب أحمد المعداوي، معاون مباحث أبو تشت، وتبين أن مرتكبي الحادث هما «حمدي. أ. م»، 37 عاماً، عامل، وشقيقته، 44 عاماً، «خال وخالة» الطفلتين، اللذان اعترفا أمام مباحث المركز بارتكاب الواقعة، بسبب خلافات نشبت بين والد الطفلتين وأسرة والدتهما بسبب إنجاب البنات.
وقررت النيابة العامة بمركز أبو تشت محافظة قنا، حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيق.
ويقول خالد عويس، رئيس مجلس مدينة أبو تشت، الذي يشرف على لجنة حماية الطفل الفرعية في المركز، لـ«الشرق الأوسط» إنه يتواصل مع المسؤولين حالياً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية الطفلتين بعد تعرضهما لمحاولة القتل، مشيراً إلى أن «الأسرة ظروفها الاقتصادية سيئة، وتعيش في الجهة القبلية من نجع البراغيث»، موضحاً أن «هذا الحادث ينمّ عن جهل كبير بشأن إنجاب البنات».
وتعد قضية إنجاب الإناث في صعيد مصر من الأمور التي لم يتم محوها تماماً من الموروث الشعبي رغم البرامج الحكومية والإعلامية التي عملت على تصحيح هذه المفاهيم «الخاطئة» وزيادة نسبة تعليم الفتيات بجنوب البلاد خلال السنوات الأخيرة، وفق خبراء علم اجتماع مصريين.
تم التعرض لهذه القضية في عدد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية على غرار «أريد رجلاً» بطولة إياد نصار وسهير المرشدي. وغيرها، من التي تناولت تفضيل العائلات إنجاب الذكور على إنجاب الإناث.
aawsat