نزار العوصجي: أنها إيران.. رمز الخيانة

مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن موعد أجراء المفاوضات المباشرة مع النظام الإيراني ، دخلت الأزمة مرحلة جديدة ، مرحلة صعبة و دقيقة تتطلب من القيادة الإيرانية أتخاذ قرارات مصيرية لا تحتمل التأجيل ، تتناسب مع حجم التهديدات القوية و الغير مسبوقة التي تواجهها ..
فالمشهد العام يبين ان إيران تواجه تصعيداً غير مسبوق يتمثل في الحشود الأمريكية الكبيرة في محيطها ، إلى جانب تهديدات إسرائيلية دقيقة تشمل توجيه ضربات شديدة ، تستهدف منشآتها النووية و نظام الصواريخ البالستية ، بالأضافة الى عزمها على ايقاف برنامج تصدير الثورة الأسلامية و انهاء الشعارات الرنانة ضد أمريكا و إسرائيل ..
في الجانب الأخر فان دول الخليج العربي بشكل عام تشهد حالة من الترقب الحذر تجاه الأزمة المتصاعدة بين الولايات المتحدة و إيران ، و رغم تباين المواقف العلنية بين التشدد و التهدئة ، إلا أن هناك قواسم مشتركة بين دول الخليج العربي في تعاطيها مع الحدث ..
هذا ما دفع سلطنة عُمان إلى تبني دور الوسيط و المحايد في استضافة جولة المفاوضات الحاسمة بين المبعوث الأمريكي و وزير الخارجية الإيراني ..
و يُعزى هذا الأختيار إلى العلاقات القوية التي تربط عُمان بكلا الطرفين ، و سعيها الجاد لتفادي أندلاع صراع عسكري يمكن ان تكون له تبعات مدمرة على دول المنطقة بشكل عام و في مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ..
من هنا يبدوا ان المأزق الإيراني يزادد تفاقماً ، فإيران التي ملأت الدنيا ضجيجاً على مدى عقود من الزمن ، و هي تنادي بشعار “الموت لأمريكا” ، هاهي اليوم تجلس بكل هدوء على طاولة التفاوض مع “الشيطان الأكبر”..
لقد بدأت إيران تدرك حقيقة زيف كذبة التحالف مع القوى العظمى ، و عدم جدوى إتفاقيات الدفاع المشترك ، بالأضافة إلى وهم الأعتقاد بان هنالك أصدقاء يمكن الأعتماد عليهم ، أستناداً الى مبدء ( الصديق وقت الضيق ) ، و ان الصديق هو السند الذي يقف إلى جانب صديقه في وقت الشدة ..
ففي اللحظة المفصلية من المواجهة الصعبة مع امريكا و إسرائيل ، وجد النظام الإيراني المتغطرس نفسه وحيداً ، متروكاً ليواجه مصيره المحتوم وسط موقف بالغ التعقيد ، بعد أن تخلى عنه من كان يعتقد انهم حلفائه الأستراتيجيين المتمثلين بروسيا و الصين ..
لقد بات من الواضح أن حكومة موسكو لا تنوي الدفاع عن طهران مطلقاً في حال تعرضت لهجوم عسكري من إي نوع و من إي طرف كان ، و هو موقف ليس بجديد على السياسة الروسية ، التي كثيراً ما نكثت عهودها و مواثيقها و تخلت عن حلفائها في الأزمات و في أوقات الشدة ، و الأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر لها ..
في المقابل تلتزم الحكومة الصينية في بكين صمتاً محسوباً بدقة متناهية ، مشفوعاً برغبة شديدة في رؤية الولايات المتحدة و هي تخوض حرباً ليست سهلة ، قد تستنزف قواها في الشرق الأوسط دون أن تتورط فيها بشكل مباشر ..
فيما يبدو أن طهران لم تعد تملك رفاهية المماطلة أو كسب الوقت ..
ان من أشد ما يثير الأستغراب و الدهشة تلك التصريحات التي يروج لها نظام الملالي بأدعائه ان إيران دولة إيدلوجية ذات فكر ديني أسلامي ، لا يمكن ان تتخلى عنه مهما كلف الأمر ، ذلك ما جعل إيران التي تفكر بمصلحتها فقط ولا شيئ غير مصلحتها ، ان تعمل على مساندة و دعم ما يسمى بفصائل المقاومة الأسلامية و سوقها لتكون كبش فداء ..
لذا فانها تؤمن لتلك الفصائل كافة احتياجاتها المادية و التسليحية و المعلوماتية ، في سبيل وضعها في مواجهة الكيان الصهيوني ، الذي يعد حجر عثرة في طريق المشروع الفارسي ..
الهدف من ذلك أنهاك قوته تمهيداً لأنهاء وجوده ، لتتفرغ بعد ذلك لتنفيذ مخططها في نشر فكرها الأسلامي المزعوم ، المسمى ( تصدير الثورة الأسلامية ) ، في شتى الأنحاء ..
هذا الأدعاء يوضح حقيقة أستمرار إيران في مجانبة حقيقة أطماعها التوسعية التي تخفيها عن الأنظار ، و رسم صورة مخالفة لما يجول في ذهن مفكريها المجوس الذين يسعون جاهدين لتفريس المنطقة ، و غرس الخنجر المسموم في خاصرة العالم بأستعادة أمجاد الإمبراطورية إلفارسية من جديد ..
لذا نجدهم يعملون جاهدين على تجاوز العقبة الأساسية المتمثلة بوجود الكيان الصهيوني ، على أمل أزاحته من الوجود ، بأستخدام أذرع إيران المنتشرة في عدد من الأقطار العربية ، تمهيداً لبسط نفوذها ..
ليشمل عموم الوطن العربي من المحيط الى الخليج ، بذلك تكون إيران قد تمكنت من الأستحواذ على ثروات العرب و مواردهم ، بالأضافة إلى السيطرة على الممرات المائية الدولية ، بدءاً من مضيق هرمز مروراً بباب المندب و قناة السويس وصولاً الى مضيق جبل طارق ، بذلك يطبقون على أقتصاد العالم بيد من حديد ، فيصبحون قادرين على التحكم به ..
ما تقدم ليس بنظرية صعبة المنال لنظام عرف بخبثه و كررهه و حقده على الأنسانية و الأمة العربية و العالم أجمع ، مالم تكبح جماحه في الحيلولة دون أمتلاكه للسلاح النووي ، و مالم يوقف زحفه المتصاعد نحو دول المنطقة ، و مالم تقطع اذرعه المنتشرة هنا و هناك ، تلك الأذرع التي تفعل كل ما يطلب منها دون أدنى تفكير ، متبرقعة برداء الدين و المذهب ، مناصرة عن جهل لشعار تصدير الثورة الأسلامية ألزائف ..
ختاماً و بعيداً عن التزويق نقول : ذلك هو المنطق و تلك هي الصورة على أرض الواقع ، فهل يعي العالم هذه ألحقيقة ؟؟