وزير التربية: نصف الفرنسيين سيصابون بوباء كورونا المتجدد
عندما قالت المستشارة الألمانية الأسبوع الماضي إن «فيروس كوفيد – 19 المتجدد يمكن أن يصيب ثلثي الألمان»، اعتبر كثيرون أنها تبالغ رغم خلفيتها العلمية والرصانة والجدية اللتين تتصف بهما. إلا أن أنجيلا ميركل ليست الوحيدة من المسؤولين التي لديها رؤية «كارثية» لما سيحصل من تطورات في الأسابيع والأشهر المقبلة رغم التدابير الاستثنائية التي أقرتها الحكومات في غالبية البلدان. ففي فرنسا، أعلن وزير التربية جان ميشال بلانكير، المعروف هو الآخر بجديته، أن «استراتيجية الحكومة ليست منع الفيروس من الانتشار لأننا نعلم أنه، على الأرجح سينتشر ليصيب أكثر من نصف (المواطنين)، ولكن هدفنا السعي لأن يكون انتشاره أبطأ ما يمكن زمنياً». وذهب مدير عام وزارة الصحة جيروم سالومون في الاتجاه نفسه إذ أكد أن الوضع يتجه، في الأيام القليلة المقبلة، نحو «عدوى معممة»، شاكياً من أن الفرنسيين لا يتعاملون مع الوضع الخطير بـ«الجدية اللازمة» و«لا يعون كفاية مسؤولياتهم إزاء وقف انتشار العدوى». وكشف سالومون أن 50 في المائة من المصابين بكوفيد – 19 هم دون سن الستين فيما الاعتقاد السائد أنه يستهدف بالدرجة الأولى كبار السن.
كلام بلانكير وسالومون جاء في سياق الإجراءات الاستثنائية التي أقرتها الحكومة الفرنسية وآخرها ما صدر مساء السبت عن رئيسها أدوار فيليب. فرنسا ولجت، رسمياً، «المرحلة الثالثة» من انتشار الوباء حيث لم يعد الهدف من مواجهته الاحتواء ومنع الانتشار بل إبطاؤه. ومن أجل ذلك، قررت السلطات بعد إغلاق المدارس والجامعات والمتاحف والمواقع الأثرية والمكتبات العامة وكل ما من شأنه أن يجتذب الناس، إغلاق مراكز التزلج والمطاعم والمقاهي ودور اللهو والسينما والملاهي الليلية والمسارح والمحال التجارية ومنع التجمعات لأكثر من مائة شخص. كذلك، حثت المواطنين الإقلال من استخدامهم لوسائل النقل العمومية مع دعوة الشركات لتفضيل العمل عن بعد. ولمزيد من التحوط، قررت الحكومة خفض عدد القطارات وحافلات المترو وقصر المسافات البعيدة على عدد قليل منها ما يشمل أيضاً رحلات الطائرات. خلاصة القول إن الأنشطة المتاحة اقتصرت على الصيدليات والمحال الغذائية ومحطات الطاقة والمستشفيات، مما يعني أن الدورة الاقتصادية الفرنسية باتت شبه متوقفة.
ولكن ما لم تحرمه الحكومة، رغم ما سبق، هو الذهاب إلى صناديق الاقتراع في إطار الانتخابات المحلية التي جرت جولتها الأولى أمس. وليل السبت الأحد، تكاثرت الدعوات التي تدعو السلطات لتأجيلها من أجل تجنب المخاطر المرتبطة بها. لكن قرار الحكومة كان المضي بها أقله في الجولة الأولى، مستندة في ذلك إلى مشورة الجهات المتخصصة. بيد أن تفاصيل المشاركة بينت انخفاضاً ملموساً نسبته 16 في المائة عن الانتخابات السابقة. وثمة تساؤلات عن مصير الجولة الانتخابية الثانية «والأخيرة» التي ستجرى مبدئياً الأحد المقبل. وبحسب خبراء قانونيين، إن تأجيل الثانية يمكن أن يعني إلغاء نتائج الدورة الأولى. كذلك ثمة رأي شائع مفاده أن مشاركة متدنية للغاية ستوفر سبباً للتشكيك في شرعية النتائج وصدقيتها.
وكانت باريس أمس مدينة مختلفة تماماً عما يعرفه سكانها وزائروها. فالساحات والجادات والشوارع التي تحتضن عادة يوم الأحد الآلاف من المواطنين والسياح كانت شبه مقفرة. كذلك تراجعت حركة السير. إلا أن الكثيرين استعاضوا عن المقاهي بالحدائق العامة وضفاف نهر السين وهم يتخوفون من القادم من الأيام وما سيحمله من موانع إضافية. وإذا كانت فرنسا لم تعمد بعد إلى إغلاق حدودها كما فعلت دول أوروبية أخرى، فإن الكثيرين يتوقعون ألا يتأخر هذا التدبير في الأيام القليلة المقبلة.
الشرق الاوسط