أخبار

“نيويورك تايمز”: مقتدى الصدر وجه مفاجئ للإصلاحات بالعراق

بعد فوز تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر في الانتخابات البرلمانية العراقية، تنظر صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أسباب نجاح رجل الدين الشيعي وأهمية هذا التطور بالنسبة للبلاد.

وأشارت الصحيفة، في تقرير نشرته أمس، إلى أن مواقف الصدر شهدت خلال حياته السياسية تغيرات جذرية، في ظل تطورات الوضع داخل البلاد، مضيفة أن الأحداث المأساوية التي شهدتها البلاد أسهمت في إضعاف النمط الطائفي للحياة السياسية، ما أتاح للصدر التحول من زعيم ميلشيا شيعية إلى "وجه الإصلاحات والوطنية العراقية المفاجئ".

وذكر التقرير أن الصدر توصل إلى سلسلة تحالفات سياسية مفاجئة داخل البلاد، حيث يتمتع حاليا بدعم كل من الشيعة والعراقيين الراغبين في التخفيف من عواقب الأزمة الاقتصادية والليبيراليين والمثقفين واليساريين ونخبة من رجال الأعمال السنة.

وتابع التقرير أن الصدر تنحى عن داعميه السابقين في طهران، ولا يخدم فوز تحالفه في الانتخابات مصالح إيران والولايات المتحدة على حد سواء، بينما وجد الشيوعيون والديمقراطيون الاجتماعيون والفوضويون مفاجأة في الصدر رمزا للإصلاحات التي كانوا يحاربون من أجلها على مدى سنين طويلة وزعيما شعبيا تحتاج إليه البلاد في فترة التغيرات السياسية الجذرية.

وأعلن الصدر نفسه في مقابلة إعلامية قبل الانتخابات أن هدفه هو وصول تكنوقراط احترافيين، لا موالين لأحزاب معينة، إلى مناصب رئيسة في الحكومة بهدف تشكيل مؤسسات الحكم التي تخدم الناس، لا قوى سياسية.

غير أن مدير قسم الشرق الأوسط في "مجموعة الأزمات الدولية"، جوست هيلترمان، قال للصحيفة إن الصدر قد يواجه صعوبات في تطبيق أجندته الإصلاحية، حيث يعني تشكيل ائتلاف حكومي أوسع بالنسبة له التقارب مع قوى قد تخسر كثيرا جراء الحرب على الفساد التي يعد بشنها.

وأما بخصوص الصعيد الدولي، فقد تمكن الصدر، على الرغم من انتقاداته شديدة اللهجة تجاه الولايات المتحدة، من "إقامة الجسور" مع حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي، بمن فيهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وكان دبلوماسيون من عدة دول غربية، وخاصة تلك التي سبق أن قُتل عسكريوها من قوات الاحتلال بأيدي أنصار الصدر، قد عقدوا لقاءات معه.

وأوضحت "نيويورك تايمز" أن تلك الدول مستعدة لغض الطرف عن تلك الأحداث، آملة في التقارب مع الصدر بغية منع إيران من بسط نفوذها في العراق.

وذكّر التقرير بأن الصدر تقدم إلى المقام الأول في اللعبة السياسية العراقية عام 2003، بعيد سيطرة القوات الأمريكية وحلفائها على العاصمة بغداد، مقارنا إياه بـ"روبن هود"، حيث أمر بنشر أنصاره في العاصمة لتوزيع الأغذية على الفقراء وحماية المواطنين مما اعتبره أعمالا عدوانية من قبل الأمريكيين.

واستخدم الصدر في خطبه تصريحات شديدة اللهجة بحق الولايات المتحدة، داعيا أنصاره إلى مهاجمة قوات الاحتلال (ما دفع الرئيس الأمريكي حينئذ جورج بوش الابن إلى وصف رجل الدين الشيعي بأنه أكبر عدو لواشنطن في العالم إلى جانب تنظيم القاعدة).

وتراجع الصدر، حسب التقرير، عن مواقفه السابقة بعد استيلاء تنظيم "داعش" على مساحات واسعة في العراق، حيث كان أنصاره يحاربون إلى جانب القوات الحكومية المدعومة من قبل التحالف الدولي، وذلك بالرغم من أن 215 من المسلحين المؤيدين للصدر قتلوا وأصيب أكثر من 600 جراء اشتباكات مع قوات الأمن في البصرة عام 2008.

ولا تزال الأوساط السنية، حسب التقرير، تنظر بحذر إلى الصدر، لكن العديد منهم أدلوا بأصواتهم لصالح تحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي، ولذلك قد يمثل تشكيل ائتلاف حكومي يضم كتلتي الصدر والعبادي خطوة ملموسة نحو تجاوز الخلافات الطائفية داخل البلاد.

واختتم التقرير بالنقل عن زعيم الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي اعتباره مقتدى الصدر شخصية تستطيع حفز الملايين قائلا: "إذا تحسن مجتمعنا بفضله فسأكون أول المهنئين".

 

 

 

 

 

 

 

 نيويورك تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى