المجر تمنح امتيازات للعائلات الكبيرة لتفتح ملفّ الهجرة والخصوبة في أوروبا
أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان خلال عطلة نهاية الأسبوع أنه سيقدم إعفاءات ضريبية وتخفیض فوائد القروض للعائلات المجرية في محاولة من حكومته لزيادة معدل المواليد في البلاد.
وأشار أوربان، في بيان أصدره يوم الأحد الماضي، إلى سياساته المعادية للهجرة، كسبب لإطلاق تلك الامتيازات، وقال: إن عدد الأطفال من مواليد أوروبا أقل بكثير مما يجب.
وأضاف رئيس حكومة المجر أن دول أوروبا الغربية تعوّض النقص في عدد المواليد في بلادها من خلال المهاجرين، واستطرد بالقول: "لكننا لسنا بحاجة إلى أرقام، نحن بحاجة إلى أطفال مجريين".
وانخفض عدد سكان المجر إلى ما دون 10 ملايين نسمة خلال السنوات الأخيرة، وتشهد أحد أقل معدلات الخصوبة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وسافر نحو نصف مليون مجري إلى دول غرب أوروبا منذ انضمت بلادهم إلى الاتحاد الأوروبي العام 2004.
برنامج "الأطفال المجريين"
وقدّم أوربان رزمة من الامتيازات والحوافز للعائلات الكبيرة، وهي:
-
إعفاء من ضريبة الدخل الشخصية مدى الحياة للنساء اللواتي يلدن ويربين أربعة أطفال على الأقل.
-
قرض بقيمة 31500 يورو وبفائدة مخفضة للنساء دون سن الأربعين اللواتي يتزوّجن للمرة الأولى، سيتم إعفاؤها من ثلث القرض عند ولادة طفل ثانٍ وإلغاء كامل القرض بعد ولادتها طفلاً ثالثاً.
-
سيتم توسيع برنامج القروض للعائلات التي لديها طفلان على الأقل لمساعدتها في شراء منزل.
-
بعد ولادة طفل ثان، ستقدم الحكومة مبلغًا قدره 150 3 يورو للدين العقاري للعائلة، وبعد الطفل الثالث سىتقدم مبلغ 580 12 يورو، ثم 150 3 يورو لكل طفل لاحق.
-
يمكن للجد أو الجدّة الحصول على نوع من إجازة الأمومة المدفوعة حتى يبلغ الحفيد سن الثالثة.
-
سيتم توسيع مؤسسات الحضانة في المجر بـ21 ألف مكان جديد بحلول عام 2022.
-
سيتم تقديم إعانة بمبلغ 862 7 يورو لشراء سيارة من سبعة مقاعد للعائلات التي لديها ثلاثة أطفال أو أكثر.
يذكر أن عدد مواطني المجر ينخفض كل عام بمقدار 32 ألف شخص، كما أن نساء هنغاريا هن الأقل انجابا للأطفال مقارنة بالمتوسط المسجل في الاتحاد الأوروبي والبالغ 1.6 ولادة لكل امرأة، وفقاً لإحصاءات يورستات لعام 2016.
الخصوبة في الاتحاد الأوروبي
إذا ما أرادت دولة ما أن تزيد من عدد سكّانها أو أن تنأى بالعدد عن التراجع، فإنها تعتمد إما على الهجرة، أو أن تنجب كل امرأة 2.1 طفلاً، على أقل تقدير.
ووفقاً للإحصائيات المشار إليها، فإن دول الاتحاد الاوروبي ذات معدلات الخصوبة الأعلى مثل فرنسا (1.92) والسويد (1.88)، لا تصل معدلات الخصوبة فيها إلى مستوى الإحلال، وهو (2.1) طفلاً، لذا يتم الحفاظ على عدد السكّان من خلال الهجرة أو من خلال شيخوخة السكّان.
وحسب بيانات المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية ومعهد فيينا الديموغرافي، فإنه عدد السكّان في الاتحاد الأوروبي سينخفض بأكثر من 5 بالمائة مع حلول العام 2050، في حال انخفاض معدلات الهجرة، لكن، من المتوقع أن يشهد عدد سكان الاتحاد الأوروبي نمواً بنسبة 6.6 بالمائة مع حلول العام 2050 وذلك بفضل الهجرة (التي من المتوقع أن تتواصل لدى العديد من البلدان الأوروبية).
الهجرة أو شيخوخة السكّان
تحدثت "يورونيوز" مع الدكتور جورج ليسون، مدير معهد أكسفورد لشيخوخة السكان، الذي أكد أن تلك الأرقام لا تشير بالضرورة إلى شيء سلبي، وقال: إن "مستوى معدل الخصوبة في أوروبا منخفض منذ عقود.. لذلك، فإن فكرة أن أعدادنا ستتراجع إلى معدّلات منخفضة جداً هو أمرٌ غير صحيح."
ويمكن أن تعزى المعدلات المنخفضة إلى العديد من العوامل، ولكن، تمكين المرأة هو أحد العوامل الرائدة من أجل تجاوز هذه المشكلة، وصولاً إلى رفع معدلات الإنجاب، فمع اختيارهنّ المجال التعليمي والمهني، تختار النساء أيضاً شركاء حياتهن، لكنّ في وقت لاحق من العمر، وبالتالي يتقدّمُ السنّ الذي يقررن فيه إنجاب الأطفال، وهذا يعني أن توفير الإمكانيات للمرأة لأن تختار شريكاً لحياتها في منتصف العشرينيات من العمر مثلاً، يزيد من معدلات الخصوبة، خاصة إذا ما اقترن ذلك بامتيازات تمنحها الدولة للمرأة في هذا الخصوص.
يقول أندرو كارترايت، وهو زميل أبحاث في مركز الدراسات السياسية في جامعة أوروبا الوسطى: إن انخفاض معدلات الخصوبة في بلدان أوروبا الوسطى والشرقية يمكن أن يعزى إلى عوامل أخرى، مثل القفز.
وقال في حديث لـ"يورونيوز": إن القاعدة العامة تشير إلى أن انخفاض الأجور يؤدي إلى انخفاض معدل الخصوبة وارتفاع الهجرة إلى الخارج، لذا فإن جميع البلدان تقريبا في ( اوروبا الوسطى والشرقية) تشهد انخفاضا كبيرا في عدد السكان".
ولكن، باختصار، يقول ليسون: إن معدلات الخصوبة المنخفضة تعطي السكان "مجالاً للتنفس" والتفكير في كيفية التعامل مع قضايا يومية كالعمل والتسوّق..الخ، وأيضاً مع قضايا كبرى كتغير المناخ والأمور السياسية.
حوافز وامتيازات
تدرس إيطاليا تقديم أراضٍ إلى الآباء والأمهات الذين لديهم طفل ثالث، بينما تدير بولندا حملة إعلانية رفيعة المستوى لتشجيع الأزواج على الحصول على مزيد من الأبناء.
وأنشأت إحدى المناطق الروسية يوم عطلة لتشجيع الآباء المحتملين على قضاء بعض الوقت مع الجوائز المتاحة لأولئك الذين أنجبوا بعد تسعة أشهر، ومنذ عام 1938، فيما عرضت فنلندا على أمهات جديدات صندوق معبأ بالسلع والمنتجات المتعلقة بالأمومة والطفولة.
الخصوبة العالمية
وكانت دراسة نشرت أواخر العام الماضي بيّنت أن الخصوبة العالمية تراجعت بشكل عام إلى النصف منذ العام 1950 لكن لا تزال ثمة تباينات كبيرة تبعا لنمط الحياة إذ إن معدلات الولادات تتراجع في البلدان الغنية فيما ترتفع بسرعة كبيرة في البلدان النامية، وبحسب الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة "ذي لانست"، تراجع معدل الخصوبة لدى كل امرأة في العالم من 4,7 في 1950 إلى 2,4 حاليا.
وفي التفاصيل، تسجل 24 دولة تقع بشكل رئيس في قارتي أوروبا وأميركا معدل خصوبة لا يكفي للإبقاء على تعدادها السكاني الحاليـ، في المقابل، تسجل معدلات الخصوبة والولادات في إفريقيا وآسيا ارتفاعا بحسب هذه الدراسة التي أجراها معهد علم القياس والتقييم الصحي في جامعة واشنطن وهي جمعية ممولة من مؤسسة بيل وميليندا غيتس.
وجمع المعهد أكثر من 8 آلاف بيان صحي لتحليل ارتفاع عدد سكان العالم من 2,6 مليار في 1950 إلى 7,6 مليارات العام الماضي.
وحلت قبرص في المرتبة الأخيرة بين بلدان العالم لناحية معدلات الخصوبة مع معدل خصوبة لا يتخطى طفلا واحدا لكل امرأة بحسب بيانات المعهد. في المقابل، تصدرت نساء مالي وتشاد وأفغانستان القائمة مع أكثر من ستة أطفال في المعدل وصولا إلى سبعة أطفال في النيجر.
ر.خ / يورونيوز