آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: الحقد الاسود على العراق

لايخفى على احد ان كل الدول والاطراف التي شاركت في احتلال العراق وتدميره لديها عقدة من اهله وتاريخه وحضارته،ولهذا بدأت الثلل اللاعراقية بتنفيذ مخططات لازالة كل معالم التاريخ العراقي سواء كان ذلك قبل الاسلام او بعده،فلم تنجو منهم مأذنة الحدباء في الموصل، ومنارة جامع السراجي التاريخية في ثغر العراق البصرة الفيحاء مدينة الحسن البصري والاصمعي وبداية الفتح الإسلامي للعراق، منارة الجامع يعود بناؤها لأربعة قرون خلت، والدافع لازالتها توسعة الطريق المحاذي لجامع السراجي. وعلى طريقة اللصوص قامت جرافات المحافظ الذي يدعي انه يعبد الله بهدم هذه المنارة بعد منتصف الليل في مشهد همجي يحاكي مشهد جرافات الاحتلال الصهيوني وهي تهدم مساجد وبيوت المسلمين في فلسطين المحتلة. فكما لا يعرف الصهاينة حرمة بيوت الله لم يعرف من هدم مأذنة السراجي حرمة آيات الله وأسمائه الحسنى المطرزة لهذه المنارة. الفرق واضح بين شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وشجرة خبيثة اجتثت من الأرض ما لها من قرار، إنه الفرق بين الشرفاء الاصلاء أبناء دجلة والفرات الذين يحيون تأريخهم وامجادهم وبين الطارئون الذين تولوا أمر البلاد والعباد في غفلة من الزمن وبعد تغيير باطل صنعه اسيادهم الأعداء.

ابادة المجتمع العراقي
من يطلع على محتوى كتاب محو العراق خطة متكاملة لاقتلاع عراق وزرع آخر لمؤلفيه اوترمان و ريتشارد هيل وبول ويلسون ،يلاحظ انهم استخدموا مصطلح( ابادة المجتمع) الذي استخدمه لأول مرة كيت داوت في كتابه (فهم الشر: دروس من البوسنه ) والذي ينطبق على عراق ما بعد عام 2003 وهي الاسس التي حددها كيت داوت لتحطيم الدولة مستعينا بتجربه يوغسلافيا سابقا التي تحولت الى ست دول لاحقا .. انه السيناريو الذي تم وضعه في مراكز الابحاث الغربيه بعد دراسه لطبيعه المجتمعات التي يراد تمزيقها وتفتيت الدوله التي تعيش فيها مجاميع بشريه مختلفه منذ قرون من خلال تفجير الكراهيه…واذا عدنا الى ادوات تنفيذ هذا المخطط نجد ان الاحتلال وجد في الثلل التي كانت ترتزق على تشويه الدين بالخرافات والهرطقات ،افضل واسهل الوسائل لما خططوا له لابادة وانهاء العراق دولة وشعبا وتاريخا وحضارة واخلاق،علما ان هذه المخلوقات الهجينة التي فرضت على الشعب العراقي بقوة الاحتلال،قد سلمت 75% من ثروات العراق للامريكان سيما النفط مقابل تعهدهم بأبقاء هؤلاء النكرات بالسلطة الى اجل غير مسمى.
حرب ابادة العراق التي بدأت في عام 2003، ترتبت عليها العديد من الآثار السلبية على الشعب العراقي، ومن أبرزها :
1- الدمار الشامل للبنية التحتية والمرافق الأساسية كالكهرباء والمياه والصرف الصحي، مما تسبب في انخفاض معدلات المعيشة وزيادة نسبة الفقر بشكل كبير.
2- زيادة معدلات الجريمة والعنف في البلاد وانعدام الأمن، حيث إن هذه الحرب تسببت في تفكك النسيج الاجتماعي وتدمير القيم والأخلاق في المجتمع.
3- ارتفاع نسبة البطالة وتراجع معدلات الاقتصاد في البلاد، حيث انخفضت معدلات الإنتاج وتأثرت الاستثمارات الأجنبية في البلاد بشكل كبير.
4- تفاقم مشكلة النزوح واللجوء إلى الدول المجاورة، حيث تسببت الحرب في نزوح الملايين من العراقيين إلى دول مجاورة وزادت الأزمة الإنسانية.
5- زيادة الهجرة من العراق إلى دول أخرى، حيث أصبح الهجرة الجماعية أمراً شائعاً بين الشباب العراقيين الراغبين في البحث عن فرص العمل في بلدان أخرى.
6- تزايد خطر الإرهاب، حيث لا يزال العراق يعاني من مشكلات الإرهاب وأعمال العنف المستمرة حتى يومنا هذا، وهو أمر يؤثر سلباً على الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام.
ويضاف اليها التأثيرات التالية:

  • خسارة الأرواح البشرية: تسببت الحرب في مقتل وجرح اكثر من مليوني عراقي.
  • دمرت البنية التحتية للبلد: تم تدمير عدد كبير من المدارس والمستشفيات والمنازل والمصانع والطرق والجسور والمرافق العامة.
  • زيادة الفقر والبطالة: تأثرت الاقتصاد العراقي بشدة وتسببت الحرب في فقدان وظائف كثيرة وتدهور المعيشة. وهذا تسبب في تفاقم مشاكل كثيرة ، كما تضررت القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والزراعية في العراق
  • نزوح وتشريد السكان: تسببت الحرب في نزوح ملايين من العراقيين من مناطقهم الأصلية وتشريدهم لفترات طويلة من الزمن.
  • تزايد العنف والجريمة المنظمة: ان حل الأجهزة الأمنية والغاء الجيش في العراق، أدى إلى تسلل العنف والجريمة إلى المجتمع وتفشيها.
  • تأثير نفسي على الأفراد والمجتمع: يعاني المجتمع من ترسب الخوف والقلق بعد الحرب ومنع الحرية وعدم الأمان والتعتيم المعرفي.
  • الصراعات الطائفية والسياسية في العراق وتسببت في تقويض الاستقرار والوحدة الوطنية.
    استهداف النسيج الاجتماعي العراقي
    ومن المؤكد أن هذه المآسي لا تمثل سوى جزءًا صغيرًا من آثار حرب العراق ، حيث إن الحرب أنتجت آثارًا سلبية عديدة على الشعب العراقي على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني والبيئي والنفسي.المسيحيون بدورهم كانوا أيضًا عرضة لعمليات التهميش واقتطاع الأراضي والتغيير الديمغرافي، فقد انخفضت أعدادهم بحدة، لاسيما في مناطق وجودهم التقليدية بشمال العراق، وبالتالي ضعفت إلى حدٍّ كبير مستويات تمثيلهم السياسي، وتعمق هذا الواقع، مع غلبة الاستخدام الديني في العمل السياسي، وشعور المسيحيين والأقليات غير المسلمة بأنهم خارج نظام المواطنة.
    ومنذ تنفيذ مسرحية احداث الموصل وسهل نينوى التي كانت تضم مئات الآلاف من المسحييين ، فإن أوضاع المسيحيين لم تعد إلى وضعها الطبيعي، وبحسب تصريح لرجل دين مسيحي لصحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية، فإن “الأوضاع سيئة أكثر من أي وقت سابق. الأمور أصعب حتى من قبل تنظيم الدولة، إنهم يريدون انتزاع المسيحيين من البلاد”، وتضيف الصحيفة “أن المسيحيين، الذين يعيشون في سهل نينوى منذ آلاف السنين، يقولون إن ثقافتهم وحضارتهم تواجه الانقراض على يد الميليشيات التي تدعمها إيران”، ولعل ابرز عنوان لهذا الاستهداف لابناء العراق الاصلاء من المسيحين هو المؤامرة التي احيكت ضد الكردينال ساكو،لعلمهم ان هذا الرجل العراقي الوطني الشريف الذي يحب وطنه ويدافع عنه بكل غيره،لايقبل ان يماشيهم في تنفيذ مخططاتهم لتغيير هوية شمال العراق من كل النواحي.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى