د. حسن السوداني : بلغ السيل الزبى
لكل لعبة في العالم اشتراطاتها ومن اهمها : ان من يدخل فيها عليه ان يقبل شروطها مهما كانت النتائج ومن يخالف الشروط عليه ان يتحمل جزاء تلك المخالفة..
في انظمة الديمقراطيات الحديثة التي وقعت عليها الأحزاب السياسية التي حكمت العراق بعد عام 2003 بنود تلزمهم تنفيذها وهم قد دخلوها ويعون جيدا ان الفاصل والحكم فيها هو الشعب وان البطاقات الصفراء والحمراء سرعان ما ستظهر وعندها لابد من اكمال اللعبة بهزيمة المخالف حتما.
هذه البديهية يتناساها الجميع فيقع المحظور دائما وتتكرر الصورة التي تسفر عن ذات المشهد الذي طالما شاهدناه في السنوات الاخيرة.. في مصر وليبيا واليمن وتونس والعراق ، ولعل ما يجعل اللعبة مثيرة اكثر هو ان لا احد كان يتخيل ان قادة تلك الدول التي ارتجت الارض تحت اقدام حماياتهم واجهزتهم الامنية والمخابراتية سيقفون ذات يوم مصفدين باغلال الذل في قفص الاتهام يتوسلون قضاتهم العفو والمغفرة بعد ان نسوا ذلك العفو وتلك المغفرة طوال فترات حكمهم!! ملك ملوك افريقيا يستصرخ الثوار وفرعون مصر يلعب بانفه كاي مجنون وطاغوت العراق يفحص فمه وانفه كبعير اصابه الجرب وبهلوان اليمن يقتل على الطريق العام وهو يفر كاللص من قصره!!
غير ان مشاهدة ذل اولئك الطغاة وفرحنا بعدالة السماء بحقهم سرعان ما انست الطغاة الجدد تلك المصائر التي لم تمض عليها بضع سنين حتى عادت حليمة لعاداتها القديمة وشمر الموهومون عن غباء منقطع النظير لاجئين للخيار المستحيل (القتل) حيث لا يعود الموتى مرة اخرى ولا ينفع الاعتذار لذويهم وحيث لاتنفع كل منظفات الكون من غسل وجه القتلة الملطخ بالدم ..
مهما تكن نتائج ما بعد القتل فان العقاب هو الوحيد الذي لايمكن تغيره..
ربما يرجأ الى حين الا انه حتمي كالسيل حين يبلغ الزبى