لندن تبحث عن مسرب المذكرات الدبلوماسية المهينة لترامب
تحركت لندن، للبحث عن المسؤول أو المسؤولين عن تسريب مذكرات دبلوماسية انتقد فيها السفير البريطاني لدى واشنطن رئيس الولايات المتحدة وإدارته، ما أحرج لندن مع حليفها التاريخي الذي ترغب في التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة معه، بعد بريكست.
وتسبب نشر مضمون هذه المذكرات السرية للسفير كيم داروش، في عاصفة سياسية في لندن بعد أن نشرتها صحيفة "ذا ميل أون صنداي" البريطانية الأحد.
ونُقل عن داروش في المذكرات المرسلة إلى بريطانيا واطلعت عليها الصحيفة، أن رئاسة ترامب قد "تتحطم وتحترق" و"تنتهي بوصمة عار".
وجاء في إحدى المذكرات المنسوبة، "لا نعتقد حقاً أن هذه الإدارة ستُصبح طبيعية أكثر، وأقل اختلالًا، وأقل مزاجية، وأقل تشظياً، وأقل طيشاً من الناحية الدبلوماسية".
وقالت الصحيفة، إن التعليقات الأكثر حدةً التي أطلقها داروش، كانت تلك التي وصف فيها ترامب بـ"غير مستقر" و"غير كفوء".
ويأتي التسريب بعد نحو شهر من زيارة ترامب إلى المملكة المتحدة والتي شهدت استقباله بإطلاق 41 طلقة من المدفعية في قصر باكنغهام وعشاء مع الملكة.
ويهدد النشر بتعقيد جهود لندن لإبرام اتفاقية تجارة جديدة مع واشنطن، قد تساعد في تخفيف الضرر الناجم عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
بدوره، شن ترامب هجوماً على السفير داروش قائلاً، إنه "لم يخدم المملكة المتحدة جيداً" وأنه وإدارته "ليسا من كبار المعجبين" به.
وتابع، "لسنا من كبار المعجبين بالرجل وهو لم يخدم المملكة المتحدة على نحو جيد. لذا يمكنني أن أتفهم ذلك، ويمكنني أن أقول أشياء عنه، لكني لا أكترث".
وانبرى مسؤولون بريطانيون للدفاع عن داروش، الدبلوماسي الذي يؤدي واجبه عبر تقديم تقييمات "صريحة" عن آخر التطورات في البيت الأبيض.
ونددت رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالتسريبات وقالت إنها "غير مقبولة على الإطلاق"، معربة في الوقت نفسه عن "ثقتها التامة" في داروش، وفق المتحدث باسمها.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: "سيُفتح تحقيق رسمي في التسريبات"، دون أن يُشكك في صحة المذكرات الدبلوماسية.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية، إن "سفراءنا يقدمون تقييمات صريحة، ودون تزيين للسياسة في البلاد" التي يخدمون فيها.
وتابع، "كما تتوقعون، تواصلنا مع إدارة ترامب لإيضاح وجهة نظرنا، نعتقد أن التسريب غير مقبول".
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، إن المسرب سيواجه "عواقب وخيمة للغاية في حال عثورنا على المسؤول".
تبرير
وأكد، أن "من المهم حقاً أن نقول إن السفير كان يقوم بوظيفته بتقديم تقارير صريحة، وآراء شخصية حول الذي يدور في البلد الذي يعمل فيه ومن مهام وظيفته إرسال هذه التقارير، لكنها آراء شخصية وليست آراء الحكومة البريطانية، وليست آرائي".
أما رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني توم توغيندهات فوصف التسريب بـ"الخيانة" ما تسبب في"ضرر كبير لسلامة المملكة المتحدة".
بدوره، اعتبر وزير التجارة الدولية ليام فوكس في حديث عبر شبكة "بي بي سي"، أن التسريبات "غير مهنية، وغير أخلاقية، ولا تعكس وطنيةً" و"من شأنها أن تقود نحو إلحاق الضرر بعلاقتنا" مع الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة "ديلي تلغراف"، إن هذه المذكرات يطلع عليها ما يصل إلى 100 شخص من العاملين في وزارة الخارجية، والوزارات الأخرى.
وتابعت، "لكن الأمر يستلزم مسؤولاً أو وزيراً ليكون بوسعه الاطلاع على كل المذكرات، ما يلقي الضوء حتماً على كبار الوزراء".
وتدور الشكوك حول المسؤولين الداعمين لبريكست الذين يخوضون صراعاً على السلطة في حزب المحافظين الحاكم.
وداروش هو أحد الدبلوماسيين الأكثر خبرة في واشنطن التي وصلها في يناير(كانون الثاني) 2016 قبل فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة.
وأكدت صحيفة "ذا ميل أون صنداي"، أن المذكرات التي سربها على الأرجح مسؤول بريطاني، تغطي فترة تبدأ من 2017.
وستشهد السياسة البريطانية إصلاحاً كبيراً مع انتهاء فترة حكم رئيسة الوزراء تيريزا ماي في وقت لاحق من الشهر الجاري.
ويعد وزير الخارجية السابق الداعم لبريكست بوريس جونسون أبرز المرشحين لخلافتها في منافسة مع هانت.
وسيتعين على خليفتها تعيين سفير جديد في واشنطن، مع انتهاء خدمة داروش في نهاية العام الجاري.
وأشار معلقون إلى أن المرشح الأكبر للمنصب مارك سيدويل، أقل تحمساً لبريكست من جونسون أو بعض أعضاء فريقه.
وقال المحرر الدبلوماسي في صحيفة "الغارديان" باتريك وينتور: "هناك تقارير أن مارك سيدويل الوزير الحالي في الحكومة يجرى إعداده للمنصب".
وتابع لكن ترامب "قد يشكك في سيدويل ويفضل شخصاً يدعم بريكست على نحو حقيقي".
وأشار إلى أن سيدويل "ربما لا يصلح لذلك… لكن نايجل فاراج الذي نظم حملة علنية لشغل المنصب قبل تعيين داروش في 2016… يصلح".
والتقى فاراج ترامب في عدة مناسبات، ورسخ موقفه المعادي للاتحاد الأوروبي بقيادة حزبه الجديد "نيو بريكست" الفائز في الانتخابات الأوروبية في مايو (أيار) الماضي.
واعتبر فاراج الإثنين، تسريب برقيات داروش عملاً "غير مسؤول للغاية" لكنه سعى للتقليل من أي اهتمام محتمل له بمنصب سفارة بلاده في واشنطن.
وأكد "أنا لست دبلوماسياً"، لكنه أضاف أنه "قد يكون مفيداً للغاية" تأسيس علاقة أفضل "مع إدارة فيها أصدقاء لي".