تحقيقات ومقابلات

ما لا تعرفه عن حزب الجمهورية إلى الأمام ـ الحزب الحاكم في فرنسا .. الطريق البديل عن الاحزاب التقليدية

 

حزب سياسي وسطي يميني، يصفه مؤسسه "إيمانويل"  بأنه حزب وطني تقدمي. اختار ماكرون أن يكون حزبه يمينيا على الرغم من تعاونه مع حكومة الرئيس السابق فرانسوا هولاند الذي ينتمي إلى جبهة اليسار، حيث شغل ماكرون منصب وزير الاقتصاد في حكومة "هولاند" حتى استقالته في آب من عام 2016. 

آبان شغله لذلك المنصب نشبت منافسة شديدة بين رئيس الوزراء السابق "مانويل فالز" و"ماكرون". وحينها صرح ماكرون بأنه لا ينتمي إلى اليمين ولا إلى جبهة اليسار وفي تلك الظروف التي برز فيها عجز حكومة هولاند على احتواء الازمة الأمنية قرر ماكرون تأسيس حزبه الجديد "الجمهورية إلى الأمام" في نيسان من عام 2016، والذي أكد حين تأسيسه بأنه حزب وسطي تقدمي وهذا قبل أن يعلن استقالته من حكومة "مانويل فالز". 

الدراسات الحزبية تشير إلى أن التكوين السياسي لهذه الحركة يؤهلها للجمع بين الديمقراطيين الاشتراكيين والديغوليين اليمينيين. فالهدف الأساسي من تشكيلها هو الخروج من نطاق الصراع التقليدي بين الأحزاب اليمينية واليسارية الكبرى. 

 

طريقة الانتماء

 

تميز حزب الجمهورية إلى الأمام بأنه لا يفرض اشتراكا على أعضائه على العكس من بقية الأحزاب الفرنسية العريقة. وهو يسمح لأعضائه بالانتماء حتى لو حافظ على انتمائه لحزب آخر في نفس الوقت.

يمكن للفرد أن ينتمى إلى الحزب عن طريق الموقع الأليكتروني للحزب https://en-marche.fr

دون الحاجة إلى التوجه إلى احدى المقرات أو الالتقاء بأحد المسؤولين. 

ويشكل أصحاب الشهدات العليا تقريبا 80 بالمئة من عدد أعضائه.

ويسمح لأي عضو أن يشكل خلية حزبية في المنطقة التي يرغب بها دون الالتزام بعدد معين لأعضاء الخلية الحزبية وتكون للخلية الحزبية كامل الحرية في اختيار ما يتم تسميته بالمسؤول أو المرجع الخاص بالخلية. 

قبل أن يتسلم ماكرون مهامه الرئاسية بلغ الحزب تقريبا (2600) خلية. ومنذ ذلك الحين لم يتم الاعلان عن عدد الخلايا التي تشكل الحزب.

وفي شهر تموز 2018، أعلن "كريستوف كاستانير" الأمين العام للحزب عن تشكيل معهد التدريب السياسي الذي يؤهل الجيل الجديد للمشاركة في الحياة السياسية والنقاشات العامة. 

خلال احصائية الشهر الماضي اكتوبر 2018 اكدت المعطيات احتواء الحزب على (406000) عضوا ناشطا في الحزب وهو رقم ضخم اذا اخذنا بنظر الاعتبار عمر الحزب البالغ عامين فقط. 

ومن الأمور الأخرى التي تميز هذا الحزب مقارنة ببقية الأحزاب الفرنسية هو انعدام الانتخابات الداخلية.. أمر ينظر إليه بقية الاحزاب كغياب للديمقراطية الحقيقية.

 

قيمه الأساسية هي الوحدة الوطنية، والتمسك بالهوية ضمن اطار الاتحاد الأوروبي، ولا يأخذ بنظر الاعتبار التمييز بين المواطنين من ناحية العرق أو اللون أو الدين. 

"الجمهورية إلى الأمام" يعتبر من الأحزاب المعتدلة في آرائه وهو لا يركز بتاتا على مسألة الدين، ولا يعتبر الحجاب من الأمور التي يجب محاربتها كما برزت تلك الفكرة بوضوح شديد في عهد رئيس الوزراء الأسبق "مانويل فالز". 

حاول حزب الجمهورية إلى الأمام التأكيد على الهوية الفرنسية فقط. 

عقب فوز ماكرون في الانتخابات أصبح "كريستوف كاستانير" أمينا عاما للحزب.

 

 

موقف الحزب في المؤسسات التشريعية:

 

حصل الحزب على (306) مقعد في الجمعية الوطنية من مجموع (577) وهي تعتبر نسبة جيدة بشأن اتخاذ القرارات، إلا أن نقطة الضعف تكمن في مجلس العموم "السينا", إذ يحتل اعضاء الحركة (22) مقعدا فقط من مجموع (348) وهي نسبة لا تؤهله لتوفير الغطاء الداعم للقرارات التي يتخذها الحزب عبر الجمعية الوطنية. 

 

أما في البرلمان الأوروبي فأن حزب الرئيس ماكرون يشكل أقلية ضئيلة بنسبة مقعدين فقط من مجموع (74) مقعدا وهكذا فأن صوت هذا الحزب لن يتم سماعه على المستوى الأوروبي في حال خروج الرئاسة الفرنسية من بين يديه. 

 

في الانتخابات البلدية الأخيرة حصلت الحركة على ثلاث دوائر بلدية من أصل (69) دائرة بلدية في عموم فرنسا وأراضي ما وراء البحار. 

هذه النتائج غير المرضية للرئيس الفرنسي تعود بالأساس إلى صعوبة وقوف حزب فتي لم تكتمل ولم تتضح آيدلوجيته بعد مقابل أحزاب عريقة تدار من قبل سياسيين ذوي باع وخبرة طويلة . 

 

التمويل 

 

حزب الجمهورية إلى الأمام لا يفرض على أعضائه دفع رسوم الاشتراك إلا أنه اعتمد بالمقابل على التبرعات غير الاجبارية من الاعضاء. 

أكد ماكرون عقب تأسيس حزبه بأنه حصل على (2000) متبرع قدموا له المبالغ التي يحتاجها لتمويل حملته الرئاسية. وفي ديسمبر من عام 2016 ارتفع عدد المتبرعين إلى أكثر من 10 آلاف متبرع.  

وحسب القانون الفرنسي فأن التبرع للاحزاب السياسية يجب أن لا يتجاوز مبلغ 7500 يورو للفرد الواحد. لكن مبالغ التبرع وفرت لماكرون ميزانية قاربت 100 مليون يورو لتجعله من الأحزاب الأكثر ثراءا في فرنسا. وفي نفس الوقت يشهد الحزب ازديادا ملفتا للنظر بما يخص عدد الأعضاء.

ترأس اللجنة المالية للحزب "كريستيان دارنات" الذي يشغل في نفس الوقت منصب المدير التنفيذي لبنك BNP الفرنسي.

يتهمه بعض الصحفيين بأنه انفق ومول حزبه من ميزانية وزارة المالية عندما كان ماكرون يشغل منصب وزير المالية في عهد "فرانسوا هولاند" وأنه استغل 80 بالمئة من ميزانية الوزارة البالغة (120) مليون يورو لتمويل حزبه وحملته الرئاسية. اتهامات لا تزال تؤرق الرئيس الفرنسي.

 

حزب الجمهورية إلى الأمام والعالم العربي.

 

بصفته حزب فتي حديث التكوين لم تتبلور له آيدلوجية ثابتة بشأن القضايا الكبرى إلا أن مواقف ماكرون السياسية هي المرآة التي تعكس موقف هذه الحركة. 

فبشأن القضية الفلسطينية لم يعتبر فلسطين من الأولويات إلا أنه منذ التأسيس أكد على رفضه لسياسة بشار الأسد، وذلك لأن فرنسا كانت من البلدان التي تحملت جزءا من نتائج تلك الحرب والتي تمثلت بموجات الهجرة التي أثقلت كاهل الدولة. 

أما خلال أزمة الخليج فقد استقبل الأليزيه حاكم قطر بتاريخ السادس من  تموز 2018 وتم خلال الزيارة ابرام معاهدة تعاون استراتيجي من خلال التوقيع على عدد من العقود بقدر 12 مليار يورو وهي تتعلق بشراء طائرات حربية، وكذلك أيرباص وأيضا منح فرنسا حق تشغيل وصيانة مترو الدوحة.. عقب هذه الزيارة أصبحت الرئاسة الفرنسية وكذلك حزب الجمهورية إلى الأمام يعتبر قطر شريكا استراتيجيا مهما، وتمت الاشادة بدوره الفعال بشأن مكافحة الارهاب في الشرق الأوسط. 

دعم الحزب الفرنسي الحاكم لقطر وفر لها الغطاء الاستراتيجي الذي يمهد للدوحة سبل الدفاع الوطني عبر تطوير المنظومة الدفاعية بواسطة الاسلحة التي استوردتها من باريس. 

 

 

منذر المدفعي  منذر المدفعي

*مدير مكتب صحيفة "يورو تايمز" في باريس

زر الذهاب إلى الأعلى