أخبار

أسرار الاستاد الأسود… بيت رعب داعش في الرقة

 

قبل استيلاء داعش على مدينة الرقة السورية، واتخاذها عاصمة لدولته الزائفة، بني ملعب لكرة القدم حمل اسم "الاستاد الأسود" نسبة لبنائه من أسمنت داكن اللون. ولكن اسم الملعب حمل لاحقاً معنى جديداً، بعدما أصبح مقراً للرعب تحت حكم التنظيم الإرهابي. 
وكان الاستاد هو آخر مكان تحصن به مقاتلو داعش قبل هروبهم وهزيمتهم على يد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، يوم الجمعة الأخيرة. وعندها سارع مقاتلو قسد، ومعظمهم أكراد، لنشر العلم

الكردي على سلالمه الخشبية، تعبيراً عن نصرهم الكبير. 

مقر الرعب 
عند زيارته للمعلب، التقى فلاديمير فان ويلغيربرغ، مراسل صحفي مقيم في إربيل، ومحلل في السياسات الكردية لصالح "مركز جيمس تاون" بعض العائدين إلى الرقة، ممن صعب عليهم استرجاع ذكرياتهم المرعبة.

وعند تجوله في المكان، وصف كيف حلت مشاهد من القتل والموت مكان أخرى رياضية وترفيهية.

وقال أحد سكان الرقة، عيسى سابور، 42 عاماً: "قبل أن يسيطر داعش على الرقة، كنا نجري هنا مباريات لكرة القدم. لكن الاستاد تحول مقراً لقطع الرؤوس، وإلى سجن تم إعدام أكثر من 80٪ ممن اعتقلوا فيه". 

وقال عيسى: "أنشأ داعش تحت أرضية الاستاد الرياضي، مكان غرف الرياضيين والحمامات، زنزانات وغرف تعذيب، خاصة بفرعه الأمني الرهيب، والذي عرف باسم الأمني".

أسباب
وذكر المراسل أنه رأى داخل تلك الزنزانات رسومات وكتابات سجلها معتقلون ومقاتلون، كتب بعضها بالروسية وبعضها بالعربية، وأخرى بالإنجليزية. وحمل جدار مهدم اسم "حسين الكجوان، قتل في 2016/2/25، لسبب مجهول". وكتب أسفل تلك العبارة، بلغة إنجليزية ضعيفة، قائمة تضم أسباباً لاعتقال شخص ما: 

– ارتكب جريمة وضبط ويداه ملطختان بالدماء.

– استخدم تويتر أو مواقع جي بي إس تفتح حال استخدامه للموبايل. 

– تحميل فيديوهات وصور من مواقع على الإنترنت، ما يعني أنه توجب عليه أخذ إذن الأمير قبل تحميل تلك المواد. 

– اعتقال مشتبه به من الشارع، ولرجال الحسبة (شرطة داعش) الحق للقيام بتلك المهمة.

ويلفت المراسل لعدم اهتمام عناصر داعش بما قام به شخص ما، أو بما لم يقم به، فهم لديهم "أسبابهم الموجبة" لاعتقاله.

شهادات
واعتقل عيسى نفسه عدة مرات من قبل داعش، وأمضى داخل ذلك الاستاد الأسود خمسة أيام. وقال: لم أكن قادراً على التحدث إلى أي معتقل. فقد كانوا يضربون السجناء بواسطة إطارات السيارات، ويعلقون بعضهم من السقف. وكان المسؤولون عن التعذيب تونسيين".

ويقول ويلغيربرغ إنه رأى في السجن تحت الاستاد كابلات حديدية وحبال بلاستيكية استخدمت لتعليق سجناء. وشاهد صحفيون كيف تحولت أجهزة رياضية عادية إلى وسائل للتعذيب. وما زالت رائحة الموت ممزوجة برائحة اسمنت وغبار ناتجة عن تهدم تلك الردهات السوداء.

وقال عيسى: "كانوا يعتقلون أشخاصاً عند اتهامهم بالكفر، أو بتعاملهم مع التحالف الدولي أو مع النظام السوري". 

الأيام الأخيرة
وقال أحد سكان الرقة، وليد 45 عاماً: "قبل أيام من سقوط الرقة، ذهبنا لمقابلة أحد زعماء داعش، وطلبنا منه السماح لنا بمغادرة المدينة. لكنه قال لنا إن خرجتم من بيوتكم سوف نقتلكم. ولم يكن عندنا ماء أو طعام، وكنا نشرب ماء غير صالح للشرب. وقد عمد داعش لتفخيخ كل بيت. وقد توفيت زوجتي وأمي، ونجوت من القصف، لكن داعش رفض السماح لي بمغادرة الرقة". 

وبحسب بعض التقديرات، وخلال الأيام الأخيرة للمعركة، وبعد السماح لبعض العناصر السوريين من داعش بمغادرة المدينة بموجب هدنة، احتفظ عشرات من المقاتلين الأجانب بمئات بل ربما آلاف من المعتقلين داخل الاستاد الأسود كدورع بشرية.

يقول عيسى: "يجب قتل هؤلاء المقاتلين، لأنهم في حال عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، سوف يرتكبون جرائم كما فعلوا هنا".

24

 

زر الذهاب إلى الأعلى