د. علي الجابري : السويد بين نيران داعش وسطوة العصابات الاجرامية
متطرف واحد وشاحنة مسروقة من وسط العاصمة السويدية ستوكهولم كانت كفيلة بتنفيذ أكبر عملية دهس إرهابية شهدتها السويد وسط العاصمة ستوكهولم.. وتلك إشارة واضحة الى خطر عمل الجماعات الارهابية التي غالباً ما تكون قادرة على تنفيذ عملياتها الارهابية بوسائل بسيطة ينفذها متطرف متعاطف مع التنظيم عن بعد؟! فكيف سيكون الحال بالنسبة لـ(150) داعشياً عائداً من ساحات الصراع في سوريا والعراق الى السويد ؟!
هؤلاء إعتادوا على مشاهد القتل والذبح والتطرف وكراهية الآخر لسنوات قضوها في صفوف التنظيم الارهابي، وعودتهم بهذه السهولة الى السويد هي نتاج لقناعتهم بأن قوانين البلاد تتيح لهم مواصلة حياتهم – وربما تطرفهم وإجرامهم – من دون عقاب حقيقي كالذي كان ينتظرهم لو قبض عليهم في سوريا او العراق؟!
وكل واحد من هؤلاء، يشكل خطراً اكبر من "رحمات اكيلوف" الذي نفذ هجوم الدهس في ستوكهولم ببشاعة ، رغم انه لم يتدرب على يد التنظيم ولم يكن بمستوى الاجرام الذي وصل اليه الدواعش في مناطق الصراع، وكان يتواصل مع التنظيم بوسائل بسيطة ويتابع فيديوهات للقتل والعنف وأراد أن يكون "بطلاً" عن بعد؟!
العائدون من داعش لا يخضعون للمسائلة وفقاً لاعتراف السلطات السويدية، والبلديات لا تعلم شيئاً عن الكثير منهم، وربما لا تعرف اعدادهم الحقيقية ولا عناوين سكنهم ؟! ما يعني ان لديهم القدرة على التحرك والتآمر والتواصل مع التنظيم، والتخطيط لعمليات إرهابية في عقر دار البلاد التي منحتهم الحرية والامان وحقهم في العيش مثلهم مثل أي مواطن أوروبي او سويدي ، بل وان البعض ينادي بإحتواء هؤلاء وتوفير فرص عمل لهم ورواتب ومسكن، بينما يعاني الكثير من المقيمين المعتدلين غير المتطرفين في البلاد من صعوبة ايجاد عمل او سكن مناسب؟! فأية رسالة توجهها السلطات لهؤلاء ؟ وكذلك لمن لديهم الاستعداد النفسي للتحول الى التطرف العنيف؟
بالمقابل تؤكد المخابرات السويدية ان هناك اكثر من ألفي شخص متطرف ينخرط في صفوف العصابات الاجرامية والمنظمات المتطرفة في البلاد، والارقام في إزدياد سنوياً ؟! وطالما ان القوانين ما زالت كما هي لا تتغير، فمن الطبيعي ان يتمادى افراد العصابات واعضاء الجماعات المتطرفة، لانهم يستهينون بعمل الشرطة وضعف القوانين وعدم وجود قانون رادع ، وخير مثال ذلك الشاب الذي ادانته المخابرات السويدية بإحراق مسجد شيعي في مالمو واحالته الى المحكمة التي أطلقت سراحه رغم تبني تنظيم داعش للعملية وقتذاك؟! وبعدها كشفت الدنمارك انه خطط لعملية ارهابية في الدنمارك مع آخرين وهو الان قيد المحاكمة في كوبنهاغن؟! فمتى تراجع السلطات السويدية قوانينها لتكون أكثر صرامة، او على الاقل تتسق مع قوانين الدول الاوروبية الاخرى في محاربتها للارهاب والعصابات الاجرامية؟ فهذا الشاب السوري الذي احرق المسجد في مالمو لم يكن ليجرؤ على الاستمرار في التطرف لولا إستهانته بالقوانين التي منحته الحرية رغم ادانته بالفيديوهات بإحراق المسجد!! ومثل هذا المتطرف هناك (2000) آخرين تعلم بهم السلطات ، وربما هناك ضعفهم لم يكتشفوا بعد !! وهناك (150) قاتلاً محترفاً عائدون من داعش.. جميعهم يشكلون قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة، عندها لا ينفع الندم ؟!!
وقبل هؤلاء جميعاً هناك البيئة التي ترعى وتحرض وتدفع الى التطرف، تتمثل في جمعيات ومنظمات ومساجد وعصابات إجرامية تعلم بها السلطات جيداً لكنها تتراخى في محاسبتهم، بل ان بعض تلك الجمعيات والمساجد تستفيد من الدعم المالي للجمعيات والمنظمات من أموال دافعي الضرائب في السويد، وتلك الطامة الكبرى؟!
* رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز