آراء

نزار العوصجي: الأحزاب السياسية في العراق

من المؤكد إن تكون الحقيقة دامغة حين تثبتها الوقائع ، لذا يصعب على الشخص العاقل تجاهلها ..
أولى الحقائق هي إن جميع شخوص الاحزاب السياسية و الدينية التي جاء بها المحتل ، الذين شاركوا في عملية أدارة الدولة بعد الغزو و الاحتلال البغيض في 2003 ، يخشون بشدة من خسارة سطوتهم و نفوذهم داخل العملية السياسية ، لذا نجدهم حريصين أشد الحرص على ديمومة إستمرار الوضع الراهن على ماهو عليه ، مما يعني إستمرار وجودهم بكل سلبياته و مساؤه ، لذا نجدهم يستقتلون لحماية بعضهم البعض حتى و إن اختلفوا ، لأنهم يدركون جيداً إن خسارة سطوتهم تعني ملاحقتهم قانونياً ، بحق كل ما اقترفوه من جرائم و سرقات ..
حين نبحث بين طيات أولويات عمل الاحزاب السياسية المتسلطة ، لا نجد إي ذكر لمفهوم النزاهة في حساباتهم ، لا وجود للوطنية في قاموسهم ، لا وجود للخدمات في رؤيتهم ، لا وجود للقيم و الأخلاق و الكرامة في كينونتهم ..
شعاراتهم الانتخابية جميعها زائفة ، و الحفاظ على ديمومة وجودهم في السلطة و الخشية من الزوال هو الشغل الشاغل في كل وقت ، لذلك نجدهم يفعلون أي شيئ للحفاظ على أستمرار مخطط سرقة ثروات العراق ، و تدمير كل ما من شأنه الحيلولة دون تحقيق ذلك ..
الطامة الكبرى إن هؤلاء الشرذمة يتبجحون بالوطنية ، و يدعون الشعب للاحتفال باليوم الوطني ، ولا نعلم عن إي يوم وطني يتحدثون !!
هل يعلم هؤلاء المرتزقة إن اليوم الوطني الذي ينتظره الشعب بفارغ الصبر ، هو يوم خلاص العراق و العراقيين من اللصوص و الفاسدين و سراق المال العام و الخاص ..
هل يعلم هؤلاء إن اليوم الوطني هو يوم خلاص العراق من الانفلات الأمني و من المليشيات المسلحة الجاثمة على صدور أبناء الشعب الصابر ..
و إن اليوم الوطني الذي يستحق الاحتفال به ، هو ذلك اليوم الذي تتمكن فيه الدولة من فرض سيطرتها على أرض الوطن من شماله إلى جنوبه ، دون أدنى تدخل أجنبي من إي طرف كان ، و تحت إي عنوان او مسوغ ..
كما إن اليوم الوطني هو اليوم الذي تحفظ فيه كرامة المواطن في العيش الكريم و السكن الآمن ، دون آن يذل في المطالبة بتوفير ما يحتاج من خدمات ..
أثنان و عشرون عاماً عجاف مرت و شعبنا يرزح تحت سطوة شخوص يتخذون من الدين وسيلة للوصول إلى مأربهم الدنيئة ، في التسلط على مقدرات الوطن و خيراته ..
شخوص يسرقون و ينهبون و يقتلون و يهجرون و يدمرون ، دون وازع من حياء او ضمير ، و دون ان تهتز لديهم قيم الرجولة و الغيرة و الشرف ..
أثنان و عشرون عاماً عجاف مرت و هم يشرعون مايحلوا لهم من تشريعات ما أنزل الله بها من سلطان ، و يحللون و يحرمون ما تقتضيه مصالحهم الشخصية و الفئوية و الحزبية ، حتى و ان كان ذلك على حساب مصلحة الوطن و الشعب ..

إن حالة الهلع و الرعب التي تنتاب العملاء الذين نصبهم الاحتلال ، كلما ذكر أسم البعث في الأعلام تدعوا للشفقة حقاً ، حيث يسيطر هاجس الخوف على هؤلاء الدخلاء من عودة البعث الى الواجهة السياسية و استلامه لمقاليد السلطة مرةً اخرى ، ذلك لأن البعث فكر تربى عليه الكثير من الرجال الأمناء الأوفياء ، القادرين على انتشال العراق و شعبه من حالة التردي التي وصل اليها بعد الاحتلال البغيض ..
نعم هؤلاء الرعاع يخافون من سماع أسم البعث ، لأن البعثيين أثبتوا بالفعل أنهم الأفضل و الأشجع في مواجهة التحديات ، في حين أن سياسيي الصدفة جبناء لا يمتلكون الشجاعة الكافية على مواجهة الأعداء ، و حتى في مواجهة أخطائهم ، لذا يخشون من المقارنة مع البعثيين عندما تستوجب المقارنة ، لأنهم ببساطة ليسوا رجال دولة ؟؟
ان هؤلاء المرتزقة و العملاء يعلمون جيداً ان الذي أسقط حكم البعث في العراق هو المحتل الأمريكي و ليست الأحزاب السياسية ، و ليست الجماعات التي تدعي المعارضة ، و ليس انقلاب عسكري ..
فلولا المحتل الامريكي لبقي البعث يحكم العراق حتى الساعة ..
لهذا نجد ان الخطاب المتخبط الذي يصدر من هذا النكرة او ذاك و في مقدمتهم المجرم نوري القريضاوي ، يدل دلالة واضحة عن مدى الهلع و الرعب الذي يدب داخل نفوسهم و يقلق منامهم ، ذلك لانهم يعون جيداً ان البعث ليس حزباً كباقي الأحزاب ، و إنما هو فكر و رؤية نابعة من الواقع المرير لتحاكي تطلعات جماهير الأمة العربية في الحياة الحرة الكريمة ، كما ان أهداف حزب البعث العربي الاشتراكي ليست آنية او مرحلية ..
ان تخوفات سياسيي الصدفة و قلقهم و توجسهم و حديثهم المستمر عن امكانية عودة البعثيين ليست محض هراء ، لذا فأنها من الممكن ان تكون هي الدخان الذي يشير إلى وجود النار تحت الرماد ..
إن هؤلاء النكرات يعلمون جيداً آن البعثيين ليسوا طلاب سلطة ، و إن ما يمنع عودتهم للحكم هو الموقف الامريكي الراعي للنظام السياسي الحالي ولا شيئ أخر سواه ، فمتى ما رفعت الولايات المتحدة الأمريكية يدها عن حمايتهم ، فأن يد البعثيين الطولى قادرة على قلب الموازين في إي لحظة متى ما ارادوا ، و هذا ما يتمناه الشرفاء من أبناء الوطن و الأمة العربية ..

زر الذهاب إلى الأعلى