ثقافة

الفن والانتفاضة العراقية في معرض تشكيلي في مدينة مالمو السويدية

مالمو / ايمان الحيالي

 

منذ اندلاعها الثاني في الخامس والعشرين من تشرين الأول  ساهم الكثير من الفنانين التشكيليين في مغتربات الوطن الشاسعة في التعبير عن مفردات الانتفاضة الشبابية التي غيرت في زمن قياسي الكثير من المفاهيم المقيتة التي سادت المجتمع العراقي لزمن بعيد.. غير ان المعرض التشكيلي  الذي اقامه الفنان التشكيلي العراقي علي النجار  في دار ننار للفنون في مدينة مالمو السويدية وحمل  عنوان Broken  zome يعد الاكبر حتى الان في التعبير عنها خارج  العراق .. حيث احتوى المعرض على 112 لوحة عبرت عن يوميات الانتفاضة بعد يومين من انطلاقتها ولغاية اليوم الاخير من شهر نوفمبر. موعد تجهيز قاعة العرض . حيث ينتج الفنان علي النجار لوحة او اكثر في اليوم الواحد. طيلة تلك  الايام . فقد فوجئ الجمهور وهو يدخل قاعة العرض بجدار عال يحتوي خمسون لوحة حملت تاريخ ايامها يقابله جدار اخر علقت عليه اربعة عشر لوحة حملت بعض صور الشهداء اوقدت امامها الشموع اما جدران المعرض الاخرى وارضياته فقد حملت عملا تركيبيا بعنوان (منزل الاحلام المفقودة)  يمكن ان يحيلك العمل الى بيوت كالقبور او قبور كالبيوت وتوسدت ارض المعرض لوحات عن اثار تدمير البيئة التي تحدثها الحروب والصناعات التي لا تراعي الحياة قدر مراعاتها الربح المميت. 

 

رافق المعرض عرض فيلم وثائقي حنل عنوان (نريد وطن) من إخراج  الفنان والشاعر كريم النجار المقيم في هولندا صورت  احداثه في ساحة التحرير  وكان ابطاله شباب وبنات ونساء ورجال الانتفاضة. 

الفنان وعضو حزب البيئة السويدي فريد سامي كمال عبر عن انطباعاته بعد المشاهدة بالقول:

اتابع الصورة الخبرية منذ انطلاقة الانتفاضة الشبابية لكني اليوم ارى الصورة الفنية النابعة من روح الفنان.. هذه الصورة رغم فجائعيتها الا ان الفنان  عبر عنها بصورة مدهشة تدعو للتامل العميق. 

اما الدكتور  حميد الجمالي.. ممثل ومخرج مسرحي  فقد اجهش بالبكاء  وهو يتامل المعرض ويقول: "الفن يقوم بمعادل موضوعي بين حدثين الاول واقعي معاش والثاني تعبيري ابداعي عن ذات الحدث".. وهو ما قدمه الفنان علي النجار في معرضه المدهش هذا. 

 

الاكاديمي العراقي والاعلامي د حسن االسوداني  اكد ان الفنان علي النجار في معرضه هذا يوثق بملوناته بالابيض والاسود محلمة هولاء  الفتية.. الذين اعادوا للارض مجد سنين وسنين.. اعادوه بلمحة عين وتركوا العالم فاغر فاه فاحالوا اسطورة موسى وعصاه اللاقفة الحيات الى مجرد قصة ترقص مرتعدة امام ابتسامتهم تلك التي لا يفسرها اكثر فلاسفة الموت حذاقة.. اني في ساحة التحرير الان ولست في معرض يبعد عنها الاف الكيلومترات.

 

من بين الحضور الكثيف الذي شاهد المعرض كان الفنان التشكيلي خليل ياسين حيث قدم شهادة امام الزوار قائلا:

حائط يملأه السخام للوهلة الاولى هكذا سيبدو  ، لكنك حين تمعن النظر ستتفكك طلاسمه الى رموز ثورة ، بماء النهر الذي تجري عند ساحله وفوقه الملحمة ، اتخذ شكل موج عبرت عنه رقم سومر الطينية ، شباب تصارع وحوش تحاول التهام الاجساد الغضة ،  رقص غناء انه التحدي لتلك الأنياب الحادة .

الطرف الثاني مقبرة الشهداء الذين انتقلت اجسادهم من ذلك الحائط لتستقر مع ورد وشموع يضعه الأهل والأحبة على شاهدة القبور .

كيف يمكن ان توثق كل هذا الحدث الآني لتخلق منه ملحمة تحكي لك أسطورة شعب بالاسود والابيض انها فنتازيا خلقها الفنان المقتدر علي النجار لأنبل ظاهرة عاشها ويعيشها العراق .

من منظمو المعرض كان لهم راي اخر في العروض التي ستليه حيث عبرت عن ذلك د. اسيل العامري مديرة دار ننار للفنون:

 هذا الغاليري حكم عليه الفنان  الكبير علي النجار ان لا يكون ما بعده كما كان ما قبله..منذ يومين وانا اتهيب دخول المكان… لو كان بيدي لطلبت منكم جميعا خلع احذيتكم فانتم في حضرة الشهداء.. لكنهم ليسوا ممن عتر العمر سنواتهم.. هم فتية احالوا الظلمة ضياء.

واذا كان ختامها مسك كما تنص الامثال… فلا مسك اضوع من وقفتنا اليوم لنختم سنة قدمنا فيها في دار ننار للفنون خمسة معارض وعديد الامسيات والتقينا عشرات الوجوه ..بكينا وضحكنا وتواعدنا على وطن ينسج خيوط فجره  بانامل من ذهب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى