تحقيقات ومقابلات

الحب في زمن النزوح : قصة حب إستثنائية في الموصل تنتهي بالزواج في مخيمات النازحين

الحب في زمن النزوح ؟!

 

يورو تايمز تحضر حفل زفاف إستثنائي في مخيمات النازحين في الموصل ..

 

لاول مرة .. قصة حب بين شاب وفتاة من الموصل تنتهي بالزواج في مخيمات النازحين بعد خلاصهم من داعش 

 

 

كتابة : علي الجابري / عامر البياتي 

 

 

لم يكن كغيره من الايام في مخيمات النازحين من مدينة الموصل بسبب الحرب التي يخوضها الجيش العراقي منذ أكثر من شهر لتحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش الارهابي. فقد كان يوما إستثنائياً يحمل السعادة والفرح ، رغم قساوة الظروف التي يمر بها سكان مخيم “حسن الشام”.

 

“خليل” شاب عراقي من حي عدن في مدينة الموصل ( من مواليد 1981)، انتهز اول فرصة للخروج من بيته بعد ان تمكنت القوات الامنية العراقية من تحرير منطقته من قبضة تنظيم داعش، ليلتحق بمخيم النازحين تاركاً أهله في بيتهم.. فهو لم يخرج مثله مثل غيره هرباً من نار الحرب، بل خرج من اجل الحب الذي فارقه منذ ان بدأت معركة الموصل.

 

حب في زمن النزوح

 

ارتبط خليل بفتاة من مدينته اسمها “فاطمة” ( من مواليد 1991)  قبل ستة أشهر، لكن الحرب ابعدتهم عن بعضهم البعض، الا انه لم يعرف اليأس ، والتحق بحبيبته الى مخيمات النزوح، وما ان وصل الى نقطة التسجيل في المخيم حتى اعلن للملأ انه جاء عاشقاً وليس نازحاً، معرباً عن رغبته بالزواج من حبيبته التي فارقها منذ اندلاع شرارة تحرير المدينة.

 

وما كان من مؤسسة البرزاني الخيرية الا ان تتلقف الفكرة وتتبناها، ووفرت للحبيبين مستلزمات الزفاف، حتى وإن كانت في خيمة بسيطة في صحراء الموصل.

 

صحيفة “يورو تايمز”  حضرت مراسم الزفاف يوم الخميس 7 ديسمبر 2016، وتحدثت مع العريس خلال مراسم الزفاف، والذي كان يجلس على كرسي بسيط هو وعروسته ، وسط فرحة كبيرة لسكان المخيم، وغناء ودبكات كردية أدخلت الدفأ في نفوس الاطفال النازحين الذين رقصوا على أنغامها، بينما كان الرجال “يدبكون” فرحاً بهذه المناسبة التي اشعرتهم بالامل في الحياة مهما قست الظروف.

 

يقول العريس خليل ان الظروف لا تقف امام تحقيق حلمه بالزواج من الفتاة التي عشقها، ووجودها في المخيم لم يمنعه من السعي للزواج منها ، واقامة حفل الزفاف، لانه لم يكن بإمكانه اقامة مثل هذا الحفل عندما كان هو وحبيبته تحت قبضة تنظيم داعش الذي يمنع كل مراسم الفرح والغناء. واضاف “انصح الشباب بالزواج مهما كانت الظروف صعبة، لاننا بحاجة الى الفرح ونسيان المعاناة والالم”.

 

euro times

مؤسسة البرزاني الخيرية

 

من جهته قال نجم الدين محمد من مؤسسة البرزاني الخيرية، التي تولت تنظيم حفل الزفاف على نفقتها،  ان هدفهم اكتمل بتبني هذا الزواج ، لان المؤسسة لا تهدف فقط الى توفير الطعام والمأوى الى النازحين، انما تسعى الى إدخال الفرحة الى قلوبهم لكي يتمكنوا من تجاوز الازمة التي سببها احتلال تنظيم داعش الارهابي الى الموصل ، لذلك قمنا بتبني فكرة إقامة حفل الزفاف للعروسين، وحرصنا على توفير كل الاجواء الطبيعية للاعراس والطقوس المتعبة في الظروف الطبيعية. وقمنا بتجهيز العروس في صالون للتجميل وتوفير بدلة الزفاف للعريس، كما قامت المؤسسة بتجهيز خيمة جديدة للعروسين فيها كل المستلزمات البيتية ووسائل التدفئة، وكذلك حجزنا للعروسين غرفة في احد فنادق أربيل لقضاء الاسبوع الاول من الزواج في اجواء مثالية. ووفرت المؤسسة خلال حفل الزفاف وجبات طعام لثلاثمئة شخص من سكان المخيم.

 

الفرحة كانت كبيرة ، شاركت فيها القوات الامنية التي تتوالى حماية المخيم ، وقام الكثير منهم بتقديم هدايا للعروسين، بينما رقص آخرون على أنغام الموسيقى الكردية التي بددت المعاناة والالم في وجوه النازحين ، ورسمت الابتسامة والامل بغد افضل بعد الخلاص من سطوة هذا التنظيم الظلامي المجرم ، الذي كبت الحريات، وصادر الثروات ، وقتل الالاف من أبناء المدينة، مثلما شرد أضعافاً مضاعفة منهم.

 

قصة خليل وفاطمة مثلها في مدينة الموصل الكثير من القصص التي يمتزج فيها الالم بالامل والتشبث بالحياة، بعد اكثر من سنتين من الظلام والقهر والاستبداد. وملامح التفاؤل تجدها ترتسم في وجوه النازحين رغم ظروفهم القاسية في المخيمات حاليا، لكنه الامل الذي يصنع المعجزات. 

ويبقى السؤال : كم عاشق وعاشقة تبددت احلامهما في زمن الارهاب الداعشي الذي أعاد مدينة الموصل ( أم الربيعين ) الى القرون الوسطى؟

 

لمشاهدة الفيديو :  انقر هنا 

 

 

الحقوق محفوظة لصحيفة "يورو تايمز " ووكالة الصحافة الاوروبية.

 
زر الذهاب إلى الأعلى