آراء

نزار العوصجي: شرعنة الفساد والسرقات الممنهجة

اعجبني بيت للشعر لابن القيم الجوزية ، يقول فيه :
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ..

للحديث شجون كما يقال ، ذلك ما يجعلنا في حيرة من إمرنا ، كيف نبدء ومن إين ، هل نبدء من شرعنة الفساد إم من السرقات الممنهجة ؟؟
هل نبدء بسرقة جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا باكملها ، إم سرقة وتهريب ملايين البراميل من النفط الخام ، إم سرقة منشئات الدولة الصناعية ، إم سرقة كامل معدات مصفى بيجي ، إم من سرقة امانات الضرائب التي سميت بسرقة القرن ..
نرى ان نبدأها بالسرقات التي يكفلها القانون ، واولها تقرير خطير يكشف عن سرقة إيران للفوسفات العراقي نوع سوبر فوسفات و دي أي بي الفسفوري من صحراء غرب العراق و تحديداً من محافظة الأنبار منجم عكاشات غرب القائم على حدود سوريا ، و هذه المنطقة خارج سيطرة الدولة العراقية و هي تحت قبضة و سيطرة ميليشيا كتائب حزب الله الإيرانية ..
العراق يمتلك ثاني أعلى إحتياط بالعالم من الفوسفات يقدر بأكثر من 11 مليار طن و يمتاز الفوسفات العراقي بالجودة العالية و قربه من سطح الأرض ..
و يمتلك العراق ثلاثة أنواع من الفوسفات و هي : الفوسفات العادي و سوبر فوسفات و فوسفات دي أي بي و هو أغلى أنواع الفوسفات في العالم و سعر الطن حاليا تجاوز ال 800 دولار أمريكي أما سوبر فوسفات خام سعره 333 دولار للطن ..
و حسب معلومات دقيقة فان شركة “قدس فوسفات” التابعة لفيلق القدس الإيراني استخرجت في حكومة السوداني فقط من 1-1-2023 لغاية 27 -07-2023 أكثر من 20 مليون طن سوبر فوسفات خام ، سعر الطن حوالي 333 دولار و استخرجت أكثر من عشرة ملايين طن فوسفات دي أي بي و هو فوسفات ثنائي الأمونيوم و يعد أغلى الأسمدة الفسفورية في العالم و تجاوز سعر الطن الواحد 800 دولار أمريكي ..
تسيطر ميليشيا كتائب حزب الله الإيرانية على مساحة 55 كيلومتر مربع غرب العراق فيها مقالع السوبر فوسفات و ثنائي الأمونيوم الفسفوري و هي قريبة جداً من سطح الأرض و تمتاز بسهول استخراجها ..
في حكومة عادل عبدالمهدي ، أخذ قاسم سليماني الموافقة من عبدالمهدي ، لدحول عناصر ايرانية لإستخراج الفوسفات و أرسل سليماني جنديه أبومهدي المهندس زعيم كتائب حزب الله مع الكتائب للسيطرة على المنطقة و حماية العناصر الإيرانية التي تسرق الفوسفات العراقي و تنقله الى ايران ..
و أسس أبومهدي المهندس لواء عسكري كامل من حزب الله تابع للحشد و تموله الحكومة العراقية لحماية الإيرانيين و هم يسرقون الفوسفات العراقي و نقله الى ايران ..
‎قاسم سليماني أسس شركة ايرانية جديدة تسمى “قدس فوسفات” هي التي تستخرج الفوسفات العراقي و تنقله الى ايران ويستخدم قسم منه داخل ايران و 70% يتم تصديره وبيعه الى دول اخرى و الأموال تستخدم لتمويل الحرس الثوري الإيراني و فيلق القدس الإيراني .،
في حكومة عادل عبدالمهدي استخرجت ايران بحدود أربعين مليون طن سوبر فوسفات خام و فوسفات ثنائي الأمونيوم الفسفوري الذي تجاوز سعره ال 800 دولار للطن الواحد ..
مجموع ما سرقته ايران من الفوسفات العراقي و نقلته الى ايران من حكومة باطل عبدالمهدي و حتى حكومة السوداني أكثر من 100 مليون طن ..
‎أكثر من 60 مليون طن سوبر فوسفات خام سعر الطن 333 دولار و تعادل 19 مليار دولار امريكي و 980 مليون دولار ..
‎و أكثر من 40 مليون طن فوسفات ثنائي الأمونيوم الفسفوري سعر الطن أكثر من 800 دولار تعادل 32 مليار دولار امريكي ..
‎يبلغ مجموع ما سرقته ايران من الفوسفات العراقي
‎51 مليار و 980 مليون دولار امريكي ..
52 مليار دولار مجموع ماسرقته ايران من الفوسفات العراقي ، و حكومة السوداني ترفص استخراج الفوسفات العراقي و ترفض استثمار الفوسفات العراقي ، لأنها متواطئة مع ايران ضد العراق ، و تخشى من غضب ايران و تخاف من ميليشا كتائب حزب الله التي تحرس الإيرانيين و هم يسرقون الفوسفات العراقي و نقله الى ايران و من ثم بيعه الى دول اخرى !!!

ثاني السرقات التي يكفلها القانون تتمثل في الكشف عن اكبر سرقة للنفط العراقي ، حيث اعلنت مصادر حكومية عن تورط شركة bp النفطية البريطانية المساهمة لشركة شل النفطية احدى شركات النفط التابعة لشركة رويال داتش الأمريكية عن سرقة مايقارب عن 500 الف برميل من النفط الخام العراقي عن طريق التلاعب بالعدادات من قبل خبراء تابعين لشركة بي بي البريطانية المسؤولة عن نظام العد لكميات النفط المستخرجة من قبل الشركات النفطية العاملة في محافظة البصرة ، وان هذا النفط يتم سرقته وتهريبه بطرق رسمية وقانونية عن طريق ناقلات تابعة لشركة النفط البريطانية bp بريتيش بتروليوم وشركة النفط الأمريكية شل ، وقسم منه يباع بالبيع المباشر عن طريق سومو و بموافقات من قبل شركة تسويق النفط ومقرها الرئيسي في بغداد .. وبينت المصادر أن كمية النفط العراقي المنتج يومياً هو 6 مليون برميل ، وليس 4 ونص مليون برميل كما تعلنه الحكومة ، وان الذي بسرق يومياً يقدر بمليون ونصف برميل من النفط الخام ..

اما ثالث السرقات التي يكفلها القانون فتسمى بالخصخصة .. فماذا يقصد بالخصخصة ؟؟
انها تعني بالمعنى الدقيق للكلمة ، اتفاقية يتم بمقتضاها نقل ملكية المشروعات من القطاع العام إلى القطاع الخاص ..
من هذا التعريف يتضح أن الخصخصة تعني ، نقل ملكية المشروعات العامة ، الى اشخاص او شركات خاصة تحديداً ، إي ان لهذه الإتفاقية مايميزها عن غيرها ، كونها موجهة الى القطاع الخاص ..
تتم الخصخصة وفقاً لمعايير كثيرة ، يكمن اكثرها تعقيداً في القيمة التي تحددها الدولة لبيع تلك المشاريع ، الى جانب مصدر اموال الشراء التي تدفع لسداد القيمة ، وإسلوب الإيفاء بألتزام المشتري في التسديد ..
تحت مسمى الخصخصة تسرق منشأت الدولة ليتم اظهارها بمطهر الخاسر ، بهذا يكون من الافضل بيعها والتخلص منها ، وخير مثال على ذلك مايحصل في شركة توزيع المنتجات النفطية ، فبعد ان كانت شركة رابحة تحولت بقدرة قادر الى شركة خاسرة ، الغاية من ذلك هو التمهيد لعملية بيعها ، ليتم شرائها بأموال غير معلومة المصدر ، سنأتي على ذكرها لاحقاً ..

في سياق اخر وتحت مسمى الإعمار تنشأ المجمعات السكنية التي تشيد على انها استثمار ، لو دققنا جيداً لوجدناها عقارات للدولة ، حصل عليها أشخاص وجهات نافذة باساليب ملتوية ، مستغلين نفوذهم في الإستيلاء على ممتلكات واراضي الدولة ، وخير مثال على ذلك موقع مطار المثنى ، تلك المساحة الشاسعة من الأرض في قلب العاصمة بغداد ، تم الإستيلاء عليها من قبل عصابة الدعوة ، كذلك هو الحال بالنسبة الى معسكر بسماية ، ومضمار العابد ، ومضمار سباق الخيل في المنصور ، ومعرض بغداد الدولي ، وجميعها عقارات عامة للدولة لاتقدر بثمن ..
لم يقف الإمر عند هذا الحد ، بل انهم عمدوا الى التلاعب بتصنيف الإراضي الزراعية ، وتحويلها الى مناطق سكنية ، دون الرجوع الى التخطيط العمراني للمدن ، وهذا مايحصل بشكل يثير الريبة في مناطق الدورة واطراف بغداد ، بالاضافة الى تجريف المزراع واقتلاع الاف النخيل والأشجار المثمرة ، وحرمان المواطنيين من خيراتها ، في الوقت الذي يتم استيراد الفواكه والخضروات من دول الجوار ..

لقد ابتكروا للسرقة مسميات ، فتحت مسمى توسيع القاعدة العلمية تفتح الجامعات الأهلية والخاصة ، من دون استيفائها للشروط الواجبة لذلك ، وهذا ما جعل الجامعات العراقية غير معترف بها في دول العالم ، بعد ان كانت مثال يقتدى به في الرصانة العلمية ، لذا نجد ان الخريجين لايمتلكون ادنى مستوى علمي او ثقافي يؤهلهم للحصول على مقاعد للدراسات العليا في الخارج ، كذلك هو الحال عند العمل لدى المؤسسات المهنية الرصينة ، او حتى مؤسسات الدولة ..
وتحت مسمى الإرتقاء بالمستوى التعليمي في مراحله الإولى ، يتم فتح المدارس الخاصة التي لاتستوعب سوى عدد قليل جداً من مجموع طلبة المراحل الإبتدائية والمتوسطة والإعدادية ، ليرتادها اولاد الإغنياء تحديداً ، نظراً للإجور الخيالية التي يتقاضونها .. بدلاً من اهتمام الدولة بالمدارس الحكومية التي تضم 99% من عموم طلبة العراق ، والعمل على بناء مدارس جديدة تواكب التطور العالمي ، وفق المعايير التي تؤكد عليها منظمة اليونسكو ..

لكي لانطيل في سرد كل مايحصل اليوم ، فذات الواقع ينطبق على المستشفيات والمستوصفات العلاجية والمراكز الصحية ، بعد ان تحولت الحكومية منها الى مسالخ لعباد الله من البشر ، حيث لا عناية او اهتمام ، لا علاج ولا دواء ، ولا رعاية صحية وفق ابسط القواعد ..
فالداخل اليها حتماً مفقود ، والخارج منها ليس مولود بل موؤد اي في عداد الموتى ، لذا عمدوا الى انشاء المستشفيات الخاصة التي تبتز المواطن لكي يحصل على جزء يسير من الرعاية التي كان يحصل عليه مجاناً في المستشفيات الحكومية قبل الاحتلال ، كل ذلك يجري تحت مسمى رفع المستوى الصحي ..

ماتقدم يشير الى نقطتين اساسية :
الاولى : ان اللصوص الذين جاء بهم المحتل البغيض عاجزين عن ادارة قطاعات الدولة ، بما فيها المشاريع الانتاجية والعمرانية والخدمية والتعليمية والصحية ..
والثانية : ان السرقة والنهب ديدنهم وشغلهم الشاغل ، والا فمن اين جاؤا بكل هذه الأموال ؟؟

ان الوصف الامثل لما تقدم يمكن تلخيصه في سطرين مضمونها : الفشل الذريع الذي منيت به العملية السياسية بعد الاحتلال البغيض منذ عام 2003 ولحد الان ، الى جانب سعي اللصوص لإيجاد منافذ لتبيض الاموال المسروقة ، بعد ان تقطعت بهم السبل واشتد عليهم الخناق في تهريب تلك الإموال ، فلجؤوا التي تبيضها داخل العراق ، ولسان حالهم يقول : القانون يحميني ، من ذا الذي يعاديني ..

لله درك ياعراق الشرفاء …

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى