مقالات رئيس التحرير

د. علي الجابري : ملكيون أكثر من الملك .. يقمعون الضحية ويبررون للجاني بلا وعي

مقرف ومثير للاشمئزاز هو موقف المتطرف السويدي "مارتن ستريد" الذي وصف المسلمين بإنهم بشراً ليسوا مكتملين مئة بالمئة ؟!.

هذا السياسي المغمور ينتمي لحزب يميني متطرف معاد للمهاجرين والاجانب، ويكفي ان رئيس وزراء السويد "ستيفان لوفين" سبق ان وصف هذا الحزب ب "النازيون الجدد"؟!

غباء هذا السياسي كشف ما في قلبه من غل وحقد تجاه دين ينتمي اليه مئات الملايين في مختلف أنحاء العالم، ويكشف حقده على مواطني بلده من المسلمين، والذين لا ينقصون عنه شيئاً في المواطنة، وفي ما قدموه لبلدهم السويد.

لكن بالمقابل فإن هذا التصريح يكشف عن ضعف في فعاليات المجتمع المدني من ذوي الاصول العربية والاسلامية، التي كانت ردود أفعالهم هزيلة، ولا تتناسب مع موقف قادة الاحزاب السياسية السويدية على سبيل المثال ، والذين كان لهم رد حاسم ورافض لهذا التصريح بعد وقت قصير من تصريحه المثير للاشمئزاز. وهو ما يتطلب وقفة جادة من قبل السويديين من اصول عربية او مسلمة تجاه هذا الحزب المتطرف والذي يسعى الى تدمير القيم الديمقراطية في السويد.

والطامة الكبرى ان الاغلبية من السويديين من ذوي الاصول العربية يذهبون الى التصويت في الانتخابات التشريعية لبلدانهم الام التي ابتعدوا عنها منذ عقود او سنوات، بينما لا يعيرون أهمية للانتخابات السويدية التي تحدد مصيرهم ومصير ابنائهم، ما يفتح الطريق أمام الاحزاب العنصرية للحصول على مقاعد اكثر في البرلمان ؟! 

وهناك فئة من السويديين (من أصول مهاجرة) أصبحت تدعم الاحزاب العنصرية التي تعادي المهاجرين، بإعتبار إنهم حصلوا على الجنسية السويدية ، ولا يريدونها لغيرهم، ويعتقدون إنهم أصبحوا في مأمن من خطر المتطرفين الذين لا يفرقون بين مهاجر قديم ومهاجر جديد ؟!!

والاكثر سوءاً ان تجد البعض الاخر ممن يعملون في مؤسسات سويدية رصينة كما هو الحال في إذاعة السويد في قسمها العربي (ملكيون أكثر من الملك) كما يقول المثل الدارج !! 

لا أعلم خلفيات وتوجهات العاملين في القسم العربي للاذاعة السويدية لكن ما أثارني للكتابة هو حرص (أحدهم) على حذف التعليقات التي تنتقد المتطرف السويدي الذي هاجم الاسلام والمسلمين ، بينما سمحوا لانفسهم بنشر كلامه المسيئ ؟! ويتذرعون بشروط وضوابط النشر ، التي يبدو ان فصّلت على مقاساتهم، حيث لا مجال لانتقاد السياسيين او المسؤولين السويديين ، وكأننا نعيش في بلد ديكتاتوري متسلط ؟! بينما نجد الاعلام السويدي الناطق بالسويدية ينتقد ويكشف ملفات فساد ويفضح السياسيين، ويمارس دوراً رائدا في قيادة المجتمع. وتجد مواقع التواصل الاجتماعي تفتح الابواب على مصراعيها أمام الرأي والرأي الآخر ، ولا تقوم تلك المؤسسات الاعلامية بحذف التعليقات ومصادرة الآراء؟! إلا في القسم العربي الذي يركز جهده في الرد على الجمهور وحذف اي تعليق لا يروق لهم تحت مسمى (الشروط والضوابط)؟!

تخيلوا ان رئيس الوزراء السويدي يقول عن حزب ديمقراطيو السويد بانه حزب نازي متطرف ، بينما القسم العربي يحذف اي تعليق او رأي يصفه بإقل من هذا الوصف ؟! 

نعم .. هناك كثير من ينطبق عليهم الوصف بإنهم "ملكيون اكثر من الملك" .. !! لكن ذلك غير مسموح ان يكون في إذاعة السويد الممولة من أموال دافعي الضرائب ؟! 

 

* رئيس إتحاد الصحفيين العرب في السويد ورئيس تحرير صحيفة يورو تايمز

 
زر الذهاب إلى الأعلى