آراء

نزار العوصجي: الأهداف الاستراتيجية لغزو العراق

لم يكن غزو العراق و إحتلاله خطأً كما يروج البعض ، بل انه مخطط بعيد المدى ينطوي على جملة من الاحقاد و ألاضغان ، البعض منها تأريخي ، و البعض الأخر انتقامي ، مملوء بالحقد و الكراهية مما آل اليه العراق ، حين اصرت القيادة الوطنية كسر طوق السيطرة على مقدرات العراق ، و رفض سياسة املاء الارادات الخارجية عليه ، فاصدرت قانون تأميم النفط الخالد ، اضافةً الى القدرة على التصدي لريح الشر الصفراء و كسر شوكة الفرس في معارك القادسية الثانية ..
لقد تعاملت جميع الدول الاقليمة و الدولية ( بما فيها الدول العربية ) ، مع العراق وفق مبدأ تغليب المصالح الذاتية لها ، على حساب مصالح العراق الاقتصادية و الامنية و السيادية ، لذا نجد أن المخططات التأمرية التي استهدفت وجود النظام الوطني كثيرة لا حصر لها ، من خلال العمل على استنزافه مادياً ومعنوياً ، و ايجاد السبل الكفيلة بتدمير اقتصاده و زعزعة امنه و استقراره ، ذلك لانه كان بمثابة السد المنيع بوجه أعداء الوطن و الامة العربية ..

لقد حرصت الأدارة الأمريكية منذ عقود على وضع مخططات لرسم مستقبل دول المنطقة و في مقدمتها العراق ، حيث تعد استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية حيال العراق بعد الاحتلال عام ( 2003 ) جزء متوافق مع استراتيجيتها الشاملة لمنطقة الشرق الأوسط على العموم ، لأنها تنظر للمنطقة و العراق في المقدمة كمفصل أساسي و مؤثر في أحوال منطقة الشرق الأوسط ، و ما يحيط به من جوانب جيو- استراتيجية ، و تنظر الولايات المتحدة الى الشرق الأوسط وفق ثلاث معطيات رئيسة هي :
⚫️ ضمان السيطرة على منابع النفط ..
⚫️ ضمان الحفاظ على استمرارية الأنظمة الخانعة الحاضنة للمصالح الأميركية ..
⚫️ ضمان أمن ألكيان الصهيوني ..
هذه المعطيات يمكن أن تفسر معظم سلوكيات الولايات المتحدة حيال الشرق الأوسط ، بيد ان هذا لا ينفي إمكانية التغيير في الاستراتيجية الأميركية بسبب حركية المتغيرات الدولية ، التي تستوجب التكيف و التعاطي مع المستجدات على الصعيدين الإقليمي و العالمي ، وفق مبدأ عدو الامس صديق اليوم ..
إن احتلال العراق كأحد الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة كان هدفاً مرحلياً في مخطط أكبر رسمته قوى اليمين المحافظ ، يرمي إلى إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط الكبير من أجل ان تكون إسرائيل فيه عنصراً فاعلاً و قيادياً ..
و رغم ذريعة أسلحة الدمار الشامل المعلنة فإن أسبابا أخرى مختلفة ( سياسية و اقتصادية و حتى حضارية ) ظلت قيد التناول في وسائل الإعلام العالمية و أروقة السياسة الدولية ، و أصبح بعضها أكثر إقناعا للمراقبين انطلاقا من سير الأحداث و ما آلات اليه الحرب و تكشف أسرار تحضيراتها ..

و في طليعة تلك الأسباب تحمس الحكومتين الأميركية و البريطانية لوضع اليد على ثروة العراق النفطية الهائلة ، فقد تحدثت تقارير عديدة عن التحريض على غزو العراق من طرف مسؤولي شركات نفط أميركية كبيرة ، من بينها مثلا مجموعة هاليبيرتون النفطية التي كان ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي آنذاك يتولى إدارتها حتى عام 2000 ..
و يستدلون على صحة ذلك بأن وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون ) منحت هاليبيرتون ( دون التقدم بعروض مناقصة ) في نوفمبر / تشرين الثاني 2003 ، عقدين مختلفين :
الأول بسبعة مليارات دولار لإعادة تأهيل البنى التحتية النفطية العراقية و التزويد بالمنتجات النفطية المكررة في العراق .
و الثاني لتقديم دعم لوجستي للقوات الأميركية في الشرق الأوسط و آسيا الوسطى بقيمة 8.6 مليارات دولار ..
كما أكدت وثائق سرية حكومية بريطانية وجود علاقة قوية بين شركات و مؤسسات نفطية و عملية غزو العراق ، و قالت إن خططا لاستغلال الاحتياطي النفطي العراقي تمت مناقشتها بين مسؤولين حكوميين و بين كبريات الشركات النفطية العالمية ، و خاصة البريطانية منها بينها ( شركات “شل” و”بي بي” و”بي جي”) قبل عام من تاريخ غزو العراق ..

من ماتقدم من وقائع لا تقبل التشكيك ، تتضح اكذوبة تحرير العراق ، التي تذرعت بها قوات الغزو الباغية ، و الغاية من تباكيهم على الحرية و الديمقراطية الزائفة التي تنادي بها امريكا ، حين اقدموا على تنفذ مخططهم الخبيث ، و ارتكاب ابشع جريمة شهدها التأريخ ..

زر الذهاب إلى الأعلى