أخبار الهجرة

هاتف الإنذار” – حبل نجاة لإنقاذ المهاجرين من الغرق

يجلس الألماني هاغن كوب في مقهى بمدينة فرانكفورت وينكب على جهاز كمبيوتره المحمول. إلى جانبه نشاهد هاتفه الجوال. على شاشة الكمبيوتر المحمول نرى خرائط لمضيق جبل طارق، الذي يفصل بين أوروبا وأفريقيا. على الشاشة يتابع كوب، البالغ من العمر 58 عاماً، حركة سفن الشحن العملاقة وسفن خفر السواحل. ما لا يمكن للألماني مشاهدته هو قوارب تهريب المهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا. بيد أن أولئك المهاجرين قد يتصلون به هاتفياً.

على مدار الساعة

خمس ورديات عمل يجب أن يؤديها كوب في الشهر. وتبلغ مدة الوردية ثماني ساعات. يدير كوب و150 متطوعاً في ألمانيا والنمسا وإسبانيا خدمة " هاتف الانذار"، التي تتلقي الاتصالات الهاتفية الطارئة من المهاجرين في عرض البحر الأبيض المتوسط. تعمل المنظومة على مدار الساعة وتستقبل الاتصالات على الرقم 0033486517161.

يسجل المتطوعون والمتطوعات كل الحالات ويبلغون خفر السواحل في عين المكان الذي ورد منه نداء الإنقاذ. كما يعمل المتطوعون على البقاء على اتصال مع المستنجدين في عرض البحر: "نهتم بألا ينسى خفر السواحل المنهكين أي قارب دون مساعدة"، يخبرنا كوب. وفي هذه اللحظة يرن هاتفه الجوال، الاتصال قادم من سفن إنقاذ خاصة عالقة في إيطاليا. ويتشاور مع هاغن كوب في حالة طارئة قضى فيها مهاجران قادمان من ليبيا نحبهما.

Screenshot Alarmphone.org

صفحة "هاتف الإنذار" على الإنترنت

ويشار إلى أن طريق الهجرة إلى أوروبا تغير خلال هذا الصيف؛ إذ أصبح الطريق الرئيسي ينطلق من طنجة المغربية إلى إسبانيا، وذلك بعد إغلاق إيطاليا ومالطة موانئها في وجه الهجرة غير الشرعية. وفي يوم واحد تلقى كوب وزملاؤه نداءات إغاثة من 24 قاربا. معظم هذه القوارب صغيرة الحجم وبلا محركات. عملياً هذا يعني أنه يتوجب على المهاجرين التجديف لساعات طوال وبلا توقف.

 

أكثر من ألفي عملية إنقاذ

في حال هبت رياح خفيفة وأخذ التعب من المهاجرين والمهاجرات مأخذاً وتسرب الماء إلى القارب يصبح الوضع خطيراً. يسمع كوب صرخات الاستغاثة على الهاتف، تعلو الأصوات وينفجر الأطفال بالبكاء. يسأل كوب عن نقطة الانطلاق وموعده وعن مكان القارب حالياً وفي حال كان ذلك بالإمكان يطلب إرسال موقعهم عبر تطبيق واتساب.

ساهمت خدمة "هاتف الإنذار" منذ خريف 2014 في 2300 عملية إنقاذ. وبالنسبة لكوب فإن الأمر يكون أكثر صعوبة عند انقطاع الاتصال:"أعيش عدة أيام قلقاً على المهاجرين"، يعبر كوب عن مشاعره. وعلى الرغم من أن المتطوعين والمتطوعات يبلغون خفر السواحل بكل اتصال ومعلومة، إلا أنه لا يفلح أولئك دائماً بإنقاذ كل القوارب. "أحياناً نسمع وبعد أيام أن البحر قد ابتلع مهاجرين"، على حد تعبير كوب، مضيفاً أنه وزملاءه لا يريدون القبول بهذا الوضع. ومن هنا فهم يطالبون بفتح طريق شرعي للمهاجرين يمكنهم من السفر بالعبارات من طنجة إلى مدينة طريفة في أقصى الجنوب الإسباني: "في حال كان بإمكان المهاجرين السفر بالعبارات مثلنا، لن تحدث أي حالة وفاة في البحر".

اتهامات بمساعدة المهربين

 

عندما يتلقى فريق "هاتف الإنذار" اتصالاً من المياه الدولية، يحاول المتطوعون في البداية إخطار خفر السواحل الإسباني. في حال نجح خفر السواحل بإنقاذ المهاجرين والمهاجرات من الغرق يكتب لهم الحياة من جديد ويكون بمقدورهم تقديم طلب لجوء في أوروبا.

تعلو أصوت منتقدين تتهم كوب وكل من يساعد في إنقاذ الغرقى من عرض البحر بمساعدة المهربين. "نحن مبادرة نقوم برد فعل فوري على ترك الناس يموتون في عرض البحر، إنه شيء لا يمكننا تحمله"، يجيب بسرعة وبتصميم، ويهز رأسه مستغرباً من تلك الاتهامات. ويضيف هاغن كوب أنه قبل أن تظهر خدمة "هاتف الطوارئ" وغيرها إلى الوجود، حاول الكثيرون بمساعدة المهربين القدوم إلى أوروبا: "فقد آلاف الناس حياتهم في تلك الرحلة. واليوم كانت الأرقام ستكون أكبر في حال كنا نحن وغيرنا من الجهات الأخرى لسنا موجودين لمد يد العون والمساعدة".

 

 

 

 

مهاجرنيوز

زر الذهاب إلى الأعلى