آراء

د. حسن السوداني : بريكست ومنارة حلب!

ساعات قلائل تفصلنا عن انتخابات الاتحاد الاوربي التي شرع الناخبون بادلاء اصواتهم فيها منذ ايام , ورغم قصر الفترة المتبقية الا ان الكثير منا نحن الذين لوحت بنا الافاق ورمتنا في هذه الديار الامنة غير عابئين  بشمالها من يمنيها,  بل الكثير منا لم تهمه المسئلة ولم يرف له جفن في البحث عن راسها من ذيلها!! غير ان النتائج المتوقعة من تلك الانتخابات تشي بالكثير من الخوف والقلق من احتشاد اليمين وتناغم الخطاب عبر الحدود وتكاتف الجهود في اعتلاء منصة القرار الاوربي من قبل قوى اليمين المتطرف ولم تعد حسابات الحاسبين تدور في افق المحلية او داخل حدود الدول المشاركة في الانتخابات بل تعداه الى حسابات الدول الاخرى وخاصة دولة المجر التي ان فاز عنصريوها مع فوز محتمل للحزب العنصري في السويد فان متغيرات النسب في الاتحاد ستكون لصالح كفة اليمين المتطرف هذه المرة!! بمعنى اخر ان ما (يناضل) له العنصريون داخل بلدان الاتحاد الاوربي فرادا سيتحقق لهم على طبق من فضة في منصة اعلى تجمع اوربي, وبالتالي فان تمرير القرارات المعادية للاجانب ستكون اكثر يسرا مما هي عليه الان!! 

ومن هنا و في حال صعود اليمين السويدي المتطرف فانه سيشكل دعما لوجود مجموعة اليمين في البرلمان الاوربي ويؤثر بشكل كبير على قرارات السويد المستقبلية في قضايا المهاجرين ولم الشمل والعمل والممارسات الدينية والحجاب والجنسية وعشرات القضايا الاخرى.

هذه القراءة المتوقعة تذكرني بقصة الرجل الموصلي العجوز عندما كان يقرأ له ابنه خبرا في  صحيفة الموصل اواخر القرن التاسع عشر مفاده ان منارة جامع قد سقطت في مدينة حلب! فقاطع الرجل ابنه قائلا ان غبار سقوط المنارة سيصلنا هنا في الموصل!! ووسط اندهاش الابن من مقولة ابوه لبعد المسافة بين المدينتين حتى سمعوا منادي الوالي العثماني يطالب بزيادة الضرائب لتعويض بناء منارة حلب!! هنا عرف الابن حكمة الاب فالمشكلة التي بدات خارج الحدود وصلتهم باسرع مما كان التوقع.. 

فهل سيصلنا غبار جعجعة خيولهم  ونباح كلابهم ونحن لم نفتح بعد مظاريف الانتخابات التي وصلتنا في صناديق رسائل بيوتنا؟ 

المؤشرات تقول نعم وما علينا نحن الذين نلوح برايات ممزقة ان نقول : هل من يعيننا قبل ان تغرق سفننا المليئة بصدأ القومية والطائفية والانانية والاتكالية التي اثقلت ظهورنا وستغرق وتغرقنا معها.. اللهم اني قد بلغت .. اللهم فاشهد!

زر الذهاب إلى الأعلى