هنا اوروبا

هل بات اللاجئون “كبش الفداء” في جدل ألمانيا الساخن؟

شهد الرأي العام الألماني تحولاً تدريجياً في صورة اللاجئين في المجتمع، إذ أدى تورط بعضهم في قضايا العنف والإرهاب وعداء السامية إلى إحداث شرخ سياسي وإعلامي يتعلق بتحديات اندماج اللاجئين واستيعابهم لمنظومة القيم الألمانية.

تجدد الجدل في ألمانيا بشأن مظاهر معاداة السامية بين اللاجئين، بعد

الهجوم على شابين يرتديان قلنسوة يهودية "كيباه"

، في حي برينتسلاور بيرغ وسط العاصمة برلين. وتعرض الشابان لاعتداء بالسب والضرب على يد ثلاثة مجهولين تحدث أحدهم بعبارات معادية للسامية باللغة العربية.

وتعرض أحد الشابين للضرب بالحزام. ويُضاف هذا الاعتداء إلى سلسلة من الأحداث المأساوية التي تورط فيها لاجئون وهزت الرأي العام الألماني سواء تعلق الأمر بهجمات إرهابية أو بأعمال عنف مختلفة. فهل يتعلق الأمر بتضخيم إعلامي أم بـ"توظيف سياسي" أم أن اللاجئين يتحملون مسؤولية تبعات ما يقترفه البعض منهم؟

في بدء توافد اللاجئين على ألمانيا غطت صور الترحيب الذي لاقاه عشرات الآلاف من اللاجئين في محطات القطارات الألمانية، مساحات واسعة من وسائل الإعلام. لكنها سرعان ما خفتت، وحلت محلها أجواء من الريبة، استحوذت على خطاب غالبية الفاعلين المعنيين بموضوع اللاجئين، خصوصاً بعد العمليات الإرهابية في فورتسبورغ وآنسباخ وبرلين إضافة إلى الصدمة التي أحدثتها الاعتداءات الجنسية في مدينة كولونيا.

وهذا ما جعل قضايا الأمن الداخلي وربطها شبه المنهجي باللاجئين، تحتل صدارة الاهتمام الإعلامي والسياسي. أضف إلى ذلك تحديات المتعلقة بالاندماج من حيث دروس تعلم اللغة والتمدرس ولم الشمل العائلي والاندماج في سوق العمل.

تضخيم إعلامي وتوظيف سياسي؟

وبهذا الصدد يوضح كريم الواسطي العضو في المجلس الاستشاري في ولاية ساكسونيا السفلى في حوار مع DW عربية أن "الحوادث التي تقع هي في مجملها حوادث فردية إذا ما قورنت بالعدد الضخم للاجئين المتواجدين بألمانيا". ويستطرد الواسطي موضحاً: "

 

 

أتصور وكأن هناك نية في احتدام الصراع، فالحوادث فردية ونحن في دولة قانون ومؤسسات ويجب أن يأخذ القانون مجراه ضد الأفراد المتورطين. (…). أعتقد أن هذا الأمر مقصود من جهات معينة بغرض التشكيك في السياسة التي تتبعها الحكومة الألمانية في موضوع اللجوء، فإذا كان هناك خلل في عملية الاندماج فيتيعن على الحكومة الألمانية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الأمر".

 

 

ومن مظاهر هذا الجدل التشنج المتزايد للخطاب المتداول بشأن الإسلام، فقد أثارت عبارة وزير الداخلية هورست زيهوفر "الإسلام ليس جزءا من ألمانيا" زوبعة إعلامية واسعة، خصوصاً وأنها عبارة غامضة يمكن تأويلها بكل الأشكال تقريباً.

فقد اعتبرت صحيفة "راين تسايتونغ" الألمانية في عددها الصادر في (الثاني من أبريل/ نيسان 2018) أن النقاش بشأن الإسلام غير بناء لأنه يختزل كل الإشكالية في "جملة واحدة غبية". وتساءلت الصحيفة حول دلالة تلك الجملة: "هل تعني ضرورة التوقف عن ممارسة الإسلام في ألمانيا؟ هل تعني ضرورة ألا يظهر في حصة الدين المدرسية؟ هل يعني ضرورة إغلاق المساجد؟ طرد المسلمين؟".

واستطردت الصحيفة موضحة: "يمكن القول بعبارة أخرى أيضاً أن زيهوفر و حزبه المسيحي الاجتماعي البافاري يهددون السلام الداخلي في ألمانيا ويصعبون اندماج المسلمين ويعملون بذلك على تزايد عدم الأمان وتزايد الخطر".

غير أن زيهوفر بدا متشبثاً بتصريحاته الناقدة للإسلام، إذ أكد بالقول: "لا نريد مجتمعات موازية أو تعددية ثقافية"، مشيراً إلى أنه غير متفهم لكل الذين يقللون من أهمية هذا الشأن، بمن فيهم من المنتمين للتحالف المسيحي.

معضلة العداء للسامي

في ردها على حادثة برلين قالت المستشارة أنغيلا ميركل إن الهجوم "مفزع تماماً" ووعدت بالتعامل بحزم مع كل أشكال معاداة السامية بشدة. واعتبرت بهذا الصدد أن مشاعر مناهضة السامية موجودة سواء بين بعض المواطنين الألمان أو بين وافدين من بلدان عربية.

وسبق للمجلس الأعلى لليهود في ألمانيا أن دعا إلى تشديد التعامل مع الأجانب المتورطين في جرائم معادية للسامية. الجدل الحالي تزامن مع فوز اثنين من مغنيي الراب وهما فيليكس بلوم، وفريد بانج وهو من أصول مغربية، بجائزة "إيكو" الموسيقية واعتبرت العديد من الجماعات اليهودية وغيرها كلمات أغاني الألبوم مسيئة، بعد أن أشارت الكلمات بسخرية إلى معسكر اوشفيتس النازي.

وقد أظهرت أرقام رسمية شملت الشهور الثمانية الأولى من 2017 أن نحو 93 في المئة من حوادث معاداة السامية المبلغ عنها في ألمانيا ترتبط باليمين المتطرف رغم تكهنات بأن النمو الكبير في عدد المسلمين منذ أزمة اللاجئين في عام 2015 قد يزيد الهجمات أو التمييز ضد اليهود، غير أن لغة الأرقام لا تساير بالضرورة لغة الإعلام والسياسة.

في سياق متصل، وفي حوار مع DW بمناسبة

الذكرى السبعين لتأسيس دولة إسرائيل

وضع الكاتب الإسرائيلي عاموس أوز بشكل واضح الحدود بين انتقاد السياسة الإسرائيلية والعداء للسامية: "

إذا جادلت وقلت إن إسرائيل ترتكب جرائم فظيعة في الأراضي المحتلة فإني سأتفق معك. وإذا واصلت وقلت إن إسرائيل ترتكب أفظع الجرائم على وجه الأرض فسأجيبك بأنك تبالغ وأني أختلف معك".

 

ويضيف بالقول: "وإذا ذهبت خطوة أخرى وقلت إن ما يفعله الإسرائيليون بالفلسطينيين أفظع مما فعله النازيون باليهود، عندها سأقول لك أن مكانك هو مستشفى الأمراض العقلية. وإذا واصلت وقلت "لذلك لا يجب أن تقوم دولة إسرائيل" حينها تكون قد تجاوزت كل الحدود. فلم يحدث أن قال أحد بعد هتلر أن ألمانيا لا يجب أن تكون أو أن روسيا بعد ستالين لا يجب أن تقوم".

 

 

 

 

 

 

 

dw

زر الذهاب إلى الأعلى