مصارف الدنمارك والسويد.. “جنتان لتبييض الأموال”!
يثير اكتشاف حجم أعمال تبييض الأموال في دول شمال أوروبا التي تتباهى إجمالا بالثقة التي تحظى بها مؤسساتها المالية، ذهولا وتساؤلات حول نموذج "الشفافية" الذي يضرب به المثل في العالم.
وبحسب "الفرنسية"، فقد أساءت الأزمة المالية عام 2008 لصورة الفضائل المفترضة التي كانت تتمتع بها مصارف دول أوروبا الشمالية، عبر كشفها حجم الاستثمارات في الأصول "الفاسدة" للمؤسسات الأيسلندية، التي تُركت تحتضر تقريبا ليتم إصلاحها فيما بعد.
لكن مصارف الدول الأخرى في شمال أوروبا بمنأى عن هذه الفضيحة، وبعد أكثر من عقد، أيقظ الكشف عن تعاملات مشبوهة لفرع للمصرف الدنماركي "دانسكي بنك" في استونيا، وعملية تفتيش مقر "سويدبنك" قرب ستوكهولم، الضمائر في هذه الدول، بحسب ما ورد في صحيفة "الاقتصادية".
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة أرهوس في #الدنمارك كريستيان بيورنسكوف "ما إن تثار قضية من هذا النوع تكون ردة الفعل عنيفة جدا. إنها مسألة طريقة تفكير: الاسكندنافيون لديهم ثقة بمؤسساتهم".
وابتكرت هذه الدول الاسكندنافية "نموذجا" للازدهار مبني بشكل عام على توازن بين حرية الاستثمار والحماية الاجتماعية، كل ذلك تكفله الشفافية بدرجة عالية، وتصل قيمة المبالغ المشبوهة المعني بها "دانسكي بنك" إلى 200 مليار يورو.
وكتبت صحيفة "داجينس إندستري" المالية السويدية أن "وقت البراءة انتهى منذ زمن. حان وقت الإقرار بأن المصارف الشمالية الكبرى قد قوضت سمعتها العالمية".
وأضافت "أنها بالضبط هذه السمعة الممتازة، التي كانت تعرض المصارف لأن تصبح أداة لغسل الأموال القذرة".
وأثيرت شبهات أيضا حول مصرف "نورديا" الذي يعد الأول في دول أوروبا الشمالية، الذي نقل مقره أخيرا من ستوكهولم إلى هلسنكي لأسباب مالية أغضبت السويد.
وتتساءل صحيفة "داجينس إندستري"، كيف يمكن شرح تحول الدنمارك و #السويد إلى "جنتين لتبييض الأموال" بعد أن كانتا على التوالي الدولتين الأولى والثالثة في التصنيف السنوي لمنظمة الشفافية الدولية بشأن الفساد في العالم؟
ويرى الخبير في مكافحة الجرائم المالية مارتن نورد أن "المجتمع كان بطيئا جدا في فرض ما يريده على القطاع المالي".
ودق جرس الإنذار بعد توجيه الاتحاد الأوروبي توصيته الرابعة بشأن تبييض الأموال عام 2017، "التي دعت الشركات المعنية إلى اتخاذ تدابير فعلية ضد الجرائم المالية".
ودعا رئيسا وزراء السويد ستيفان لوفن والدنمارك لارس لوكي راسموسن في ستوكهولم إلى فرض عقوبات نموذجية على المصارف، التي ارتكبت مخالفات.
وحذّر لوفن من أن "هذا الأمر يدمّر الثقة بالنظام المالي بأكمله، وسمعة بلادنا"، فيما ذكر راسموسن بأن الدنمارك وعلى غرار السويد، شددت الغرامات لتكون "رسالة قوية جدا" إلى المؤسسات التي يشتبه بارتكابها مخالفات مالية.
ورفعت كوبنهاجن أخيرا قيمة غراماتها ثمانية أضعاف وباتت المصارف الدنماركية حاليا تواجه عقوبات مالية توازي 20 مرة قيمة الأرباح، التي جمعت بطريقة غير قانونية، ويواجه القيمون على هذه المصارف عقوبات تصل إلى السجن لمدة ست سنوات.
وتعد لويز براون من منظمة الشفافية الدولية أن رئيسة مصرف "سويدبنك"، التي أقيلت الخميس ليست إلا "كبش محرقة"، رغم أنها تتحمل بالطبع جزءا من المسؤولية لكن تمّت التضحية بها لإنقاذ مجلس الإدارة.
وأوردت صحيفة "داجينس إندستري" أن "النيابة المالية في السويد قد تواجه صعوبات في إدانة المصرف جنائيا، لكن لا تزال المحكمة الأفضل هي البورصة"، فقد خسر "سويدبنك" أكثر من 30 في المائة من رأسماله منذ مطلع العام.