آراء

علي موسى الموسوي : الكراهيّة الشقراء.. تشوهات عرقيّة وتلوث فكري

 

سيناريو الموت المدفون بين طيات العقائد، التشوهات العرقيّة، المآسي التجارية، لايحتاج لتسويقها اجرامياً سوى مشاهد الدماء النقيّة التي اعتادت انّ تسيح بوقاحة على شاشات الميديا بين فترة وآخرى، كنتاج طبيعي لثقافة الكراهيّة والمظالم الموهومة التي تتسرب منها التبريرات، الذاكرات الموتورة لتلك الجماعات الدرامية المنزوعة الضمائر، الاخبار الحزينة والمُقلقة تتوالى بكل بقاع العالم، تشعر من خلالها انّ لا وجود لمكان آمنٍ في هذا الكون ويخلو من التطرف والإرهاب والاضطرابات والمشاحنات بعد شيوع الكراهيّة الشقراء، اصبحت الخشية على الانسانية حاجة كونيّة ملحة بأعتبارها قيمة مقدسة يُراد تفتيتها، الانسانيّة تحولت الى ضحية لمجموعة من المتطرفين الذين ينشرون البغضاء مع الآخر خلافا لما أمرت به الأديان السماوية الرحيمة التي تحث الإنسان على محبة الآخر وان كان مخالفا له بالعرق او الدين او القومية، بأعتبار ان المشترك العظيم بينهم هي الانسانية نقطة التقاء الكون ومدياتهِ المتضادة.

الارهاب واصل حكايته، لاينشأ هكذا فجأة، وخياره البايولوجي ليس متاحاً، وانمّا هو يبدأ فكراً صغيراً ثم يكبر كسلوك شاذ، يبدأ من علاقة الاب بأبنه، الزوج مع زوجته، الجار مع جاره، اي ماتحدده طبيعة علاقة الذات مع المجتمع سلبية كانت ام ايجابية، امّا مارد الارهاب فقد يخرج بالاستجابة من فوهات المناهج الدراسية، امّا الرأي الذي يرجح أن أغلب الظواهر الاجتماعية البشعة ليس لها علاقة بالدين ولكنها مرتبطة بالعادات والتقاليد، تغافل اصحابه كيف تولدت هذه العادات والتقاليد بل كيف تكونت ثقافة الفرد على المستوى الشخصي، هل تكونت بعيدا عن الدين أم أنها من عمق العقائد المُحرفة التي تفرز الكراهية بأتجاه الآخر المختلف، لانّ ماتتفق عليه الاديان الانسانيّة المتسامحة هو انّ النفس الإنسانية البريئة بغض النظر عن معتقد ودين صاحبها، لها نفس الحرمة ونفس العصمة وان الاعتداء عليها يمثل ارهاباً واضحاً، حيث قال تعالى ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) اللافت للنظر انّ الخطاب الالهي قال نفساً دون أن يذكر دينا ولا معتقداً لصاحبها، اي ان هنالك نهياً قاطعاً عن كل خطابات الكراهية والعنصرية من المختلف الديني أو العرقي، اي ماينص عليه الفهم العقلاني للنصوص.

التلوث الفكري الذي يُراد استبداله بالاوكسجين، صار يحتم على كل إنسان انّ يحمل بجيب قلبه تعويذة الانسانية، ويقف بعنادٍ امام خطاب الكراهية والعنصرية ويعلن تضامنه مع الإنسان في كلِ مكان في العالم لأن الارهاب والتطرف لاينتميان إلى دين وأنما هما نتاج أفكار هجينة ومارقة، الإنسان خُلق ليكون رسالة محبّة غايتها دفع الشر وان تعددت أشكاله وأثوابه والسلام كلمة بسيطة في تركيباتها لكن عميقة في معانيها، السلام رسالة جناحاها التقارب والتسامح لذا أتوجه بدعوة صادقة للخطباء والأساتذة، ولكلِ من يكتب وينشر في مواقع التواصل ان تكون سطوره قوافل مودة واسراب تعايش مهاجرة بكلِ مكان، تنشر السلام والوئام بين البشر وترتقي المجتمعات بالعمل الإنساني الإيجابي .

 

 

كاتب عراقي مقيم في النرويج

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى