آراء

د. حسن السوداني : الشاب الوسيم بين الهنا والهناك!

 

ما بين الهنا والهناك اختلاف لا يقدره بدقة الا من عاش الهناك وجاء ليستقر في الهنا!! حقيقة تجذرها جملة اعتدنا سماعها من الجدات وهن يشرن الى الفرق بين الحقيقة  والكذب  بجملة… (بين الصدق والكذب مسافة اربع اصابع)  وهي المسافة  بين الاذن والعين!! 

استدركت هذه الحقيقة وانا اعود بالذاكرة  لعشرات المسلسلات والافلام العربية التي صورت العربي وهو يدخل الى أوروبا لتستنفر النساء الجميلات كل حيلهن للظفر به  حتى لو كان (محمد هنيدي)  تلك الاوروبية التي تترك ايخيل وهكتور بعضلاتهم المفتولة وقاماتهم السامقة لتذوب في (دباديب) دسوقي ابن الحته الذي يشبه القزم  سميغل  في فليم  مملكة الخواتم..

ولعل من بين  مشتركات تلك الاعمال ان البطل تنتظره جميع مخابرات العالم واجهزته الامنية لتستدرجه بشتى السبل واكثرها اغراءً غير انه برغم  كونه مدقعا في الفقر المادي والثقافي لا يفرط بامن بلاده التي لا يستبين موقعها الحقيقي في الخارطة!!

غير ان ابشع تلك الاكاذيب واكثرها مدعاة للضحك هي سرعة اغتناء المهاجرين ونجاحهم اللافت للانظار وامتلاكهم اكبر الشركات المالية والتجارية وسط غباء وحقد وسذاجة ابناء تلك البلاد!!!

لا احدثكم ايضا عن عبقرية اولائك الابطال وقدراتهم الذهنية التي تستطيع فك طلاسم العلوم وجحاجيحها بطريقة تداني انشتاين طولا وعرضا!!

الهنا والهناك ظاهرة نفسية ترسخت عبر فترات طويلة من الشعور بالدونية للفرد المهان في بلاده وينتظر اي التماعة بسيطة ليحولها الى اعصار يطيح بناطحات السحاب بلمحة عين!!

 

اكاذيب رسختها الدراما المصرية عبر عشرات المسلسلات ومنها (مسلسل مين الميحبش فاطمة) الذي كتبه انيس منصور واخرجه احمد صقر..الذي يستهله بمشهد نزول البطل الى ساحة وسط العاصمة(فينا) فتهجم عليه شقراء كانها القمر طالبة الود والوصال!!

عندما رايته في منتصف التسعينات في الهناك اخبرني رزاق بن الاسطة ارحيم بانه قرر السفر الى النمسا  وترك الحياة البغدادية التي انهكها الحصار والقرف… وعندما شاهدته المسلسل مرة اخرى هنا تذكرت صديقي رزاق الذي اكله الحصار  ولم يكتشف حجم الاوهام التي زرعوها فينا صناع الوهم وباعة السمك في شطوطنا المندرسة!!!

 

زر الذهاب إلى الأعلى