هنا اوروبا

طلاب ألمانيا يعودون إلى الدراسة بحذر

عاد طلاب المدارس إلى صفوفهم في ألمانيا بعد أشهر من الدراسة عن بعد بسبب فيروس كورونا. لكن الصفوف لم تكن تشبه نفسها قبل أن يغادرها الطلاب ليدخلوا في عزلة عن رفاقهم ومعلميهم. فعليهم الآن ارتداء الكمامات، إن لم يكن داخل الصفوف، فكلما غادروها. وليس باستطاعتهم معانقة بعضهم البعض، أو اللعب عن قرب. وغسيل اليدين بات أكثر إلحاحاً من الكتابة والقراءة.

لائحة طويلة جداً من الممنوعات والمسموحات تعممها المدارس على الطلاب وأوليائهم في محاولة لإبقاء انتشار فيروس كورونا تحت السيطرة. ولكن رغم كل هذه الإجراءات، فإن أعداد الإصابات عادت لترتفع في ألمانيا، إذ سجلت أول من أمس أكثر من 1700 إصابة، في رقم هو الأعلى منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وفي عز أزمة «كورونا»، في شهر مايو (أيار)، كانت تسجل ألمانيا قرابة الـ3 آلاف إصابة يومياً. رقم انخفض لقرابة الـ300 إصابة يومياً بعد أسابيع من الإغلاق، والحد من تحركات السكان، وتطبيق قوانين التباعد وارتداء الكمامات. ولكن اليوم، عادت ألمانيا لتسجل قرابة الـ1500 إصابة يومياً منذ أسبوع تقريباً، وهي الأرقام التي كانت تسجل في أبريل الماضي، قبيل وصول العدوى إلى قمتها.

عوامل كثيرة يعيدها المسؤولون والأطباء هنا لعودة ارتفاع الاصابات، منها إعادة فتح الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول خارجه، خصوصاً تركيا، ما يعني أن الكثير من العائدين حملوا معهم الفيروس من جديد. وفي محاولة للحد من «استيراد» الفيروس من الخارج مع المسافرين، بدأت ألمانيا بتطبيق حجر صحي لمدة أسبوعين على الوافدين من دول خارج الاتحاد الأوروبي، أو تقديم فحص مجاني لهم لدى وصولهم إلى المطار، مقابل حجر أنفسهم لغاية صدور النتائج.

سبب آخر يعيده المسؤولون لزيادة أعداد الإصابات، هو التجمعات الكبيرة التي عادت لتظهر من دون تباعد اجتماعي، في ظل استمرار التظاهرات الأسبوعية الرافضة للإجراءات الاحترازية التي ما زالت مفروضة في البلاد.

وبدأ الارتفاع السريع لأعداد الإصابات يثير قلق المستشارة أنجيلا ميركل، التي قالت مطلع الأسبوع إنه لن تكون هناك أي خطوات إضافية لتخفيف الإجراءات المتبعة، ما فتح جدلاً حول مصير موسم الكرنفالات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل الذي يعد رمزاً في الثقافة الألمانية. وحتى الآن، فإن منع التجمعات الكبيرة مفروض حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، ما يعني أن مهرجان بافاريا الشهير في هذا الشهر ألغي، وكذلك ماراثون برلين. ولكن المخاوف بدأت الآن من إلغاء الكرنفالات الكثيرة التي تنتشر في أنحاء ألمانيا قبل نهاية العام.

حتى أن وزير الصحة يانس شبان، علق على الموضوع، وقال رغم إنه من «المعجبين بشدة» بالكرنفالات، إلا أنه يستبعد أن تبقى قائمة، خصوصاً وأنها تأتي قبيل بداية فصل الشتاء الذي يتوقع البعض أن يساعد على انتشار أوسع للفيروس.

ومع استمرار هذه المخاوف، يستمر الرهان على توصل واحدة من الشركات الألمانية الثلاثة التي تجري تجارب على لقاحات محتملة لـ«كورونا». وفي بداية الأزمة، قدر «معهد روبرت كوخ» للأمراض الوبائية، بأنه في حلول الخريف، أي أكتوبر المقبل، قد يكون هناك لقاح متوفر. وقد عاد المعهد ونشر هذه الورقة على موقعه عن طريق الخطأ الأسبوع الماضي، وتسبب بموجة تفاؤل كبيرة لم تستمر أكثر من بعض ساعات، حين عاد المعهد وسحب الورقة، واعترف بأنه نشرها عن طريق الخطأ، وأن التوقعات الآن بأن اللقاح لن يكون متوفراً قبل العام المقبل.

وبالفعل، فقد أعلن «معهد بول إيرليش»، وهو المعهد المخول منح تراخيص اللقاحات، أنه من الممكن أن يكون هناك لقاح متوفر مطلع العام المقبل. وقال المعهد إن تجارب سريرية على لقاحين أُثبت في مراحلها الأولى والثانية أنها ناجحة، وأنه يبقى انتظار نتائج المرحلة الثالثة، وهي الأشمل والأكبر. وفي مؤشر إلى الدور الكبير الذي باتت تلعبه شركات تطوير لقاحات «كورونا» في ألمانيا، فإن أسهم هذه الشركات باتت أعلى من أسهم شركة «لوفتنهانزا» للطيران التي كانت يوماً من أهم وأغلى الشركات الألمانية، ولكنها باتت على شفير الهاوية بسبب فيروس كورونا.
aawsat
 

زر الذهاب إلى الأعلى