آراء

د. هيثم هادي نعمان الهيتي : سيناريوهات المستقبل العراقي

بدأت ملامح انهيار النفوذ الايراني شعبيا في العراق تلوح في الافق بشكل واضح , فالملمح الاول بفوز الصدر المتمرد مقابل 48 لقائمة الفتح القريبة من ايران والممثله بالحشد وهو في الحقيقة اعادة بناء لتعريف جديد للراي العام الشيعي الذي تغير كليا واصبح متمردا على النفوذ الايراني والاحزاب السياسية التي دخلت للعراق بعد 2003 فقبل اشهر حرقت صور الخميني وازيل اسمه من شارع الخميني لمرتين واليوم يحرق العلم الايراني في شوارع البصرة بل حرقت القنصلية الايرانية وانزل العلم الايراني ورفع بدلا عنه العلم العراقي ولهذا الفعل دلالات جماهرية ورساله واضحة لنفوذ ايران الذي اصبح مرفوضا بشكل قاطع.

من جهة اخرى، قائمة الفتح التي كانت تتوقع الفوز الساحق بسبب قوتها العسكرية ودعايتها الجماهيرية المستمده من معركتها على داعش جعل الاغلب يتوقع فوزها الساحق في حين ان خسارتها كانت كبيرة لاننا لو حللنا كيف حصلت قائمة الفتح على ال 48 مقعد سنجدها انها كانت اصوات المجندين في المليشيات وعوائلهم الذين صوتوا كموظفين في هذه المليشيات استنادا لاوامر عسكرية بالتصويت وليس كرغبة جماهيرية ، يضاف الى المقاعد الاخرى التي جاءت في المناطق السنية من خلال سيطرة مليشيات الحشد على مناطقهم و تخويف الجماهير وتهديديهم  واغراء البعض بالسماح بعودتهم كنازحين لديارهم مقابل تصويتهم. اضافة الى عمليات التزوير التي رافقت الانتخابت وبالتالي هذة 48 مقعدا جاءت نتيجة لعوامل ليس فيها العامل الجماهيري 

وبعد ذلك بدات انتفاضة جماهيرية في البصرة تلك المحافظة ذات الخزين الاستراتيجي النفطي الكبير وهذه الانتفاضة رفعت رايات وشعارات تقول ايران برة بره ولم تتطرق هذة الشعارات لامريكا وكذلك احرقت جميع مقرات الاحزاب المواليه لايران ووصلت الى القنصلية الايرانية واحرقتها ايضا ولم يتم التعدي على اي من المصالح الامريكيه هناك.  

لقد تم الهجوم الجماهيري على كل مقرات الاحزاب والمراكز الاعلامية التي له علاقة وثيقه مع ايران بشكل متقن وباستهداف مميز فاستهدف حزب الدعوه ومكتب الفضيلة ومكتب بدر ومكتب دولة القانون ومكتب الكتائب ومكتب العصائب ومكتب أرادة لحنان الفتلاوي ومكتب وليد گيطان ومكتب فالح الخزعلي و قناة الغدير التابع لبدر وقناة النخيل و قناة الفرات وسرايا الخراساني و حزب الله  و حزب ثار الله وجميع هذة المؤسسات مرتبط عمليا وعضويا بايران و تسيطر على المصالح الاقتصادية والسياسيه والاعلامية والموانئ العراقية وبعض مصادر النفط والتجارة والان فقدت هذه الاطراف وجودها الشعبي واصبحت مهددة جماهيريا. 

لذا فالسؤال المهم ما هو سيناريو مستقبل العراق وما هو المستقبل الامريكي فيه ،  في ضل تحول جماهيري في اهم محافظة ستراتيجية نفطية شيعية ذات موقع جغرافي خطير وذات خزين نفطي هائل ؟  

ثلاث سيناريوهات انية ومستقبليه يمكن تحديدها في العراق فالاول هو سيناريو التوافق الامريكي الايراني لتهدئة الاوضاع في العراق  والثاني : سيناريو العراق المتمرد على الجميع الايرانين والامريكين معا كما كان ماضيه السياسي منذ اكثر من ستين سنه ، وسيناريوا التحالف الاستراتيجي الجديد مع الولايات المتحده؟ 

سيناريو التوافق الامريكي الايراني :

قد يكون هذا السيناريو هو السائد من خمسة عشر عاما لحفظ الاستقرار النسبي الهش في العراق نتيجة لنفوذ ايران السياسي والديني وقدرتها على تحديد بوصلة الجماهير وبالتالي كل الحكومات منذ 2003 ولغاية اليوم جاءت بدعم امريكي هي في الحقيقة جاءت بمباركة ايرانية وبضمانات مولاة هذة الحكومة لايران اكثر من امريكا ، الا ان ذلك اثر على صورة و مصالح الولايات المتحده في المنطقة ولم يعطي نتائج ايجابية ولم يتحقق عراق جديد يمكن للولايات المتحدة ان تفتخر به وبديمقراطيته وبتطورة السياسي بل اصبح العراق مرتعا للارهاب والصراعات الطائفية ومكانا خطرا بالنسبة للمواطنين الامريكين والمستثمرين واصبحت ايران تستخدم العراق كورقة للمساومه في كل تفاوضاتها مع الامريكين مما عقد القدرة على انتاج سياسيه خارجية اكثر حسما وتاثيرا في المنطقة برمتها ، لكن اليوم سقطت صورة ايران في البصرة المنطقة الاكثر اهمية ستراتيجيا ومستقبليا ولم يبقى لايران شعبيه جماهيرية ورغم ان هناك دعاة ينتجون صور غير واقعية وساذجة عن العراق في واشنطن الا انهم مروجين لرغباتهم وولائهم لايران اكثر مما هم عارفين او خبراء في العراق ، يضاف الى ان هناك تهديد للديمقراطية الوليدة في العراق وهذا واضح من نسبة المشاركة الاقل والتي كانت مؤشرا خطيرا يضاف الى التزوير الذي شاب الانتخابات ومعه المظاهرات التي يمكن ان تثور وتتزايد

جماهيريا لم يبقي لايران ذراع قوي في العراق ما عدا المليشيات التي ستضعف اكثر ان لعبت الولايات المتحدة على وتر الراي العام العراقي الجديد حيث ان التوافق الامريكي الايراني في هذة المرحله  بمثابة انتحار سياسي وتوافع مع الخاسر لذا يجب انهاء هذة السيناريو الذي كان ساريا للعقد النصف الماضي لان هذا السيناريو سيكون خسارة امريكيه لسببين رئيسين الاول انه سياتي مخالف للراي العراقي الجديد المتشكل ضد ايران وبالتالي قد يخلق رايا عاما جديدا اسوء ضد امريكا.  وثانيا ان التوافق يعني الغاء قرارات ادارة الرئيس ترامب بحصار ايران وبالتالي اعطاء فرصة لايران لتحويل العراق عبر الحكومة العراقية الجديدة المواليه ليكون رئة للتلاعب على العقوبات الامريكيه عبر عملائها والتنابعين لها

سيناريو العراق المتمرد:

في مراجعة للستين سنة الماضيه فان تاريخ العلاقات الامريكيه العراقيه غير واضح الملامح ولم يتكون فالساسه العراقيون كانوا متمردون ولا يمتلكون البراغماتية السياسية و معظمهم يفهم واقعة الداخلي لكن لا يفهم الواقع العالمي وتحولاته وتاثيراتة واهميته لاستقرار العراق ولم  يكونوا صائبين او دقيقين في توجهاتم ومن ثم توالت الحكومات التي تبنت سياسات عشوائية لم تكون ذا خط سير واضح لحين وصول البعثين للحكم في 1967 وفي ذلك الوقت طالب الدكتور ناصر الحاني القيادي البعثي الذي مثل الخط المنادي بضرورة بناء علاقة ستراتيجية مع امريكا لضمان المستقبل العراقي وكان يتحدث في لقائتة علنا عن ضرورة هذة العلاقة الا ان تم قتله رفضا لرغباتة المعلنه للاقتراب الاستراتيجي من امريكا واستمر العراق متمردا لحين 2003 ثم جاء الاسلامين عبر الديمقراطية الوليدة الا انهم استخدموا براغماتية الشيطان فهم في النهار مع الامريكان وفي الليل مع ايران وبدلا من ان يستفادوا من الفرصة التاريخية لبناء علاقة سترتيجيه مع امريكا مدوا اذرعتهم لايران وحولوا العراق لحديقه خلفية لايران ومرتعا لمليشاتها لذا فان هذا الطريق لن يكون الطريق الصحيح لبناء العلاقه التي ذات البعد الاستراتيجي الحقيقي بل انه طريق لعراق متمرد يسير خلف ايران في سياستها وقريبا من روسيا والصين ولن يختلف عن السابق . 

سيناريوا التحالف الاستراتيجي الجديد مع الولايات المتحده:

 ان هذا السيناريو يتطلب اعادة تصحيح مسار العملية السياسية وانهاء النفوذ الايراني لابعد الحدود وتشكيل ستراتيجية مستقبليه لبناء علاقة خاصة مع العراق من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستثمارية والنفطية ومن خلال شروط تعيد صياغة شكل العراق السياسي وهذة الشروط الامريكيه تحدد بعدة مستويات منها على المستوى السياسي المحلي العراقي والثانية على المستوى الاقليمي للعراق والثالث على مستوى الطاقة وعلى المستوى السياسي العراقي المحلي : 

ضرورة استغناء الادارة الامريكيه عن الصور المسبقة : التي صنعها خبراء منتهي الصلاحيه فمنذ قبل 2003 قدم الكثير من العراقيين مشورات متعددة للمؤسسات الامريكية بشان العراق ولمراجعة هذة المشورات نجد ان العراق وصل بعد 15 عاما الى واقع مرير وانهيار اقتصادي وامني ومظاهرات ونسبة فساد هي الاعلا وتدخل ايراني غير مسبوق في تاريخ العراق ، وللاسف ان اغلب الذين قدموا هذة المشورات هم ممن هاجروا العراق في الخمسينات والستينات او انهم  لم يراعوا التغيرات الجذرية التي حصلت في العراق و جميع معلوماتهم قديمة ولا تمت للواقع بصلة اما الجزء الثاني من المتبرعين بالمشورات فهم كانوا من مجموعات ذات عمق ايدلوجي متحيز للايدلوجيا الايرانية  وليس الى واقع عراقي ومصلحة امريكيه ،لذا فان اهم الشروط الامريكية لبناء السييناريو الجديد يجب ان تكون 

  • الرئاسة وتقاسم السلطات:

هناك نقاش سياسي حول تصحيحات للنظام السياسي العراقي واعادة صياغة دستوره وايضا حوار حول تحويل العراق لنظام رئاسي ولكن الادق هو اعادة صياغة توزيع الصلاحيات السياسية والاقتصادية بين الرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتقاسمها بطريقة تعطي المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية ويصبح المنصبين من حصتي السنة والشيعة لزعيمين قويين متفقين على ان مصلحة العراق مع الغرب والولايات المتحدة ، فالشخصية العراقية شخصية متمردة ذات ، معتده بنفسها وليس لديها مواقف مسبقة من الاخريين ولكنها ترغب في الزعيم القوي الذي تثق به ذا الخطاب المؤثر ، وان ظهرت هذه النوع من الزعامات التي ترفض التدخلات والاهانات الايرانيه سنجد ان كل العراقيين سيتبعوه وسيذهبون لشراكة ستراتيجيه مع امريكا ان نصحهم بذلك.   

  • برلمان اصغرعددا يمثل المحافظات مع الكوتا:

اعادة صياغة قانون الانتخابات بشكل اخر بحيث يراعى فيه عوامل خفض الطائفية يعطي ايران مبرر لاستغلاله وتوظيفة بحيث يصمم قانون الانتخابات على المحافظات العراقية الثمانية عشر ويرشح عالمرشحين بحيث يكون على اقل تقدير حاصل على شهادة البكالوريوس و لا يزيد عدد المرشحين لكل محافطة عن عشرة اشخاص او اقل وفقا لجمها السكاني ما عدا بغداد تكون بحجم ربع العراق كنسبة مع مراعاة الكوتا للطوائف والجنس في كسب الاصوات والفوز في كل محافطة بحيث يكون الفائزين ممثلين عن كل محافطة بكل الوانهم الاثنيه والجنس .  

  • قانون الاحزاب

 تطبيق قانون الاحزاب من ناحية تمويل الاحزاب واستخدامها للشعارات الطائفية واخضاع تمويل الاحزاب لدائرة الرقابة المالية العراقية بحيث يمكن السيطرة على منع التمويل الخارجي اضافة لمنع الاحزاب من التسلح او امتلاكها قوات عسكريه

  • اطلاق مشروع امريكي تحت عنوان : الاستثمار والنفط مقابل اعادة الاعمار :

من خلال اطلاق مشروع امريكي تحت عنوان الاستثمار والنفط مقابل اعادة الاعمار والذي يمكن من خلاله خلق فرص للشركات الامريكيه لاعمار البنى التحتيه في الموصل والبصرة 

اما على المستوى الاقليمي والجغرافي :

  • استخدام نموذج جديد لادارة النفط والغاز العراقي :  

النفط العراقي هو خزين استرايتجي ثاني عالميا ، وان العراق بحاجة الى الاستفادة من نموذج جديد يطبق هذة في العراق ، اما بالنسبة للغاز فاهميتة ستكون عالية المستوى ان اسست هكذا شراكه لانه يمكن ان يصدر لجنوب شرق اسيا وينافس النفوذ الروسي في المنطقة 

  • البدء بالتفكير بالمستقبل السياسي من خلال فهم تحولات الراي العام العراقي و نسبة عدم المشاركة الجماهيرية ومطالب المتظاهرين
  •  
زر الذهاب إلى الأعلى