في خضم التصعيد المتسارع للحرب التجارية بين الصين وأمريكا وهما أكبر اقتصادين في العالم، تتحدث المؤشرات الآن عن تقدم بكين على واشنطن في هذه الحرب، بعد تراجع البيت الأبيض بقيادة الرئيس دونالد ترامب عن بعض الرسوم الجمركية، واستثناء أجهزة الآيفون والكمبيوتر من الرسوم الجمركية.
ويرى محللون اقتصاديون أن العملاق الصيني يبدو وكأنه انتصر مبدئياً في الحرب التجارية الدائرة مع الولايات المتحدة، حتى يتم التوصل إلى اتفاق مشترك خلال الفترة المقبلة تساهم في تعزيز التجارة الدولية، بعيداً عن التوترات الاقتصادية الحالية.
انتصار ملحوظ
وفسر الدكتور ضياء حلمي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمتخصص في الشأن الصيني، كيفية نجاح بكين في التصدي لحرب الرسوم الجمركية، وقال إن الصين تخطت الولايات المتحدة تجارياً واقتصادياً، وهذا النجاح ليس وليد اليوم، ولكن بعد أن أصبح الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنوك الصينية 3.4 ترليون دولار، وهو رقم غير موجود في بنوك الولايات المتحدة.
وأوضح ضياء حلمي لـ24 أن الصين تعمل منذ عام فترة ترامب الأولى على تعزيز إجراءاتها في التصدي لأي صدمات وقرارات خارجية، مثل التي أعلنها ترامب في عام 2017، وبناءً عليه سعت الصين للتحوط الاستراتيجي مالياً واقتصادياً، واستطاعت جلب السوق الأمريكي إلى بكين من خلال تصدير غالبية المنتجات التي يحتاجها المواطن الأمريكي بأفضل جودة وأقل تكلفة، مما دفع العديد من الشركات الأمريكية للاعتماد على التكنولوجيا والعمالة الصينية في عملياتها التصنيعية.
وأشار حلمي إلى أن الصين تدرك تماماً أن ترامب لن يستطيع الوقوف أمامها من خلال إعلان أرقام غير منطقية بشأن الرسوم الجمركية، والتي تعتبرها الصين أرقاماً هزلية لا تعبر عن الواقع، حيث لا تستطيع واشنطن تعويض الفارق التكنولوجي الصيني خلال شهر، ولا حتى عام، بل قد تحتاج لعقود من الزمن كي تستطيع مواجهة التقدم الصيني، وبنفس التكلفة وذلك المعيار هو الأساس.
كما أكد حلمي أن إعلان ترامب استثناء الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر بمثابة “انتصار حقيقي” للصين، وكشف للعالم أنه لا يمكن الاستغناء عن التكنولوجيا الصينية، والمواطن الأمريكي سيتعرض لموجة ضخمة من رفع الأسعار، بعدما قررت الصين رفع الرسوم الجمركية بالمثل على الولايات المتحدة.
ماذا سيفعل ترامب؟
وكي يواجه ترامب هذه الأزمة مع الصين، قال ضياء حلمي إن الرئيس الأمريكي يلجأ دائماً للعبة “خلق الصدمة” ثم معالجتها والخروج بأفضل نتائج، مثلما يفعل في المفاوضات المختلفة مع الجميع.
وأوضح حلمي أن “ترامب يلجأ دائماً إلى خلق نوع من الصدمة ويعلن قرارات لا يمكن أن يستوعبها عقل، وبعد أن تهدأ الأمور يتحدث عن التفاوض ليصل إلى ما يريده في البداية، ويرغب في تحقيقه، وعلى سبيل المثال يتحدث ترامب عن فرض رسوم جمركية على الصين بأرقام غير منطقية، وحين يتفاوض يصل إلى فرض 20% فقط مع الحصول على بعض الامتيازات من الصين، ويخرج فائزاً، ولكنه لو طلب ذلك بشكل مباشر منذ البداية لن يتم القبول به، وهذه طريقته المعروفة”.
كما أكد أن ترامب يريد في أسرع وقت معالجة الاقتصاد الأمريكي، الذي يقول إنه تعرض للانهيار على مدار السنوات الماضية خلال حقبة الرئيس السابق جو بايدن، وإن هذه القرارات لاستعادة قوة الدولار وهيبة الولايات المتحدة.
وتصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين في الفترة الأخيرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي زيادة الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات من بكين عدة مرات، وقيام الصين بالرد من الناحية الأخرى، وفي آخر تحديث، أعلنت إدارة ترامب فرض رسوم جمركية 145% على الصين، وردت عليها الأخيرة بفرض رسوم بنسبة 125% وإجراءات أخرى.
