آراء

د. حسن السوداني : ماذا أراد رحمت إيكلوف

كما كان متوقعا زحف الإرهاب إلى الشمال الاسكندينافي بعد إن جاء كعاصفة سوداء اجتاحت مدن وسط أوربا وجنوبها ثم عرًت صوب الشمال حاملة معها نفس الأسماء والوجوه والأهداف والنوايا!! هذه المرة حملت اسم رحمت ايكلوف من الاصول الاوزبكية وهي إحالة قد تفيد في تفهم خلفية الرجل الذي قام بالعمل الإرهابي.

فأوزبكستان بتاريخها المعاصر القلق واستقلالها عن الاتحاد السوفيتي  في 20 حزيران عام 1991 وتسنم إسلام كريموف  رئيس الحزب الشيوعي الاوزبكي رئاسة الحكومة هناك وتمسكه بالسلطة لغاية وفاته في الثاني من سبتمبر 2016 في اكبر دولة من حيث عدد السكان في أسيا الوسطى  ذات الأغلبية المسلمة!! تؤشر بما لا يقبل الشك عن  نظام استمد جذوره من الأسلوب الدكتاتوري لرئيس استمر لربع قرن في السلطة ولشعب يرزح تحت الخوف من أجهزة امن السلطة فضلا عن عيشه في ظروف اقتصادية مزرية جعلت منه خزان لا ينضب للتنظيمات الإرهابية وخاصة داعش والنصرة اللذان نجحا في استقطب التنظيم أعداد كبيرة منهم   تولوا مناصب قيادية في "جبهة النصرة"، وشكلوا كتيبتي "التوحيد والجهاد" و"الإمام البخاري".

وتعد "كتيبة الإمام البخاري" الأبرز بين وحدات آسيا الوسطى المقاتلة في سوريا والعراق، حيث أسست من قبل الأوزبك في سوريا أواخر عام 2013. أما "كتيبة التوحيد والجهاد" فهي أحد التنظيمات الموالية لتنظيم "القاعدة" من آسيا الوسطى، وأُنشئت في ديسمبر 2014.

ما رشح عن تحقيقات الشرطة يكشف عن تعاطف الإرهابي والكثير ممن يحيطون به مع تنظيم داعش وتعبيره العلني عن ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي وهو أمر يشترك فيه ليس ايكلوف فقط وإنما الكثير من ذوي الخلفيات المسلمة في السويد وصل الحد ببعضهم للتعبير العلني برفع علم داعش في بعض مناطق السويد كما تؤشر إحصائيات أجهزة المخابرات على التحاق أعداد من هؤلاء مع التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق ويتسم هؤلاء بطبيعة حادة في الرأي وقناعة كونكريتية ببعض المفاهيم المنسابة إليهم من التفسيرات السلفية عن الكفار وبلاد الكفر والمتعاونين مع الكفار .. الخ وهي قناعات تنعكس على سلوكهم اليومي الشكلي( المظهر العام) والمعنوي( التصرف مع الآخر) وقد استولت عليهم مفاهيم الحياة الدنيوية الزائلة والحياة الأبدية في الآخرة وان السعي لتك الحياة لا يتطلب سوى التضحية بالنفس في أمر يغيض الكفار!! 

رحمت ايكلوف لا يملك بناء تعليمي يمكن له ان يفرز بين معنى البطولة ومعنى الخيانة ولا يمكنه ان يستنتج معنى العهد الذي منحه للدولة التي أجارته من حكم (إسلام) كريموف وهو لا يقدر البتة ان يتصور ان ألاف البشر ممن عانوا من حكومات شبيه بتلك التي هرب منها سيتعرضون للشك والتضييق واشمئزاز الآخر وان أولادهم سيفقدون الكثير من الوظائف الحساسة مستقبلا  وان وجودهم سيبقى تحت عيون الرقابة المشددة طالما هناك مثل ايكلوف وسطنا هنا!! ترى هل أراد (رحمت) كل ذلك؟ ام اراد ان يجلب (سخط) اليمين المتطرف ويمنحهم التبريرات لما يروجون اليه من معاداة الاجانب أكثر مما هم عليه الان!!!

 
 
 
كاتب واكاديمي من السويد
زر الذهاب إلى الأعلى