آراء

عبدالله سلمان: مسرحية التبادل تمثيل امريكي هابط

منذ بداية القرن الماضي نهضت السينما الامريكية (هوليود) واصبحت الاولى في عالم الانتاج السينمائي لاكثر من الف فيلم واغلبها ناجح تقنيا مع الكثير من النقد لمضمونها السياسي الذي يعكس الرؤية الراسمالية للعالم ، حيث تعتبر هوليود سلاح هام في تسويق السياسة والاستراتيجية الامريكية ، رغم هذه الامكانية الا ان الادارة الامريكية الحالية اصيبت كما هو رئيسها بالترهل في التعامل مع الملفات الدولية ولم تتقن الاخراج السينمائي والمسرحي المؤطر للاحداث السياسية الكبيرة بما يتناسب واماكانيات هوليود فتعاملت مع المجتمع الدولي كمشاهد ساذج للاحداث واخفاقها هذا فضح سياستها الكاذبة تجاه ايران مؤكدا التخادم ما بين امريكا وايران لزعزعة امن منطقة الشرق الاوسط فاقدمت على انتاج مسرحية التبادل مع ايران على انه انساني وليس سياسي .
ان حقيقة التبادل بمجمله ايراني ايراني وليس ايراني امريكي فان المعتقلين لدى ايران هم ايرانيون يحملوا الجنسية الامريكية مقابل ايرانيين لدى امريكا متهمين باعمال التجسس والارهاب ومخالفة الضوابط الامريكية في مساعدة ايران بالحصول على تقنية مهمة تخص البرنامج النووي او التسليحي والارهاب . ومن هذا المشهد يبدوا ان التواطىء الامريكي لصالح ايران واضح لانها لم تمنع مواطنيها مزدوجي الجنسية من السفر الى ايران وتحذرهم و تحملهم مسؤلية ذلك بل شجعتهم ليكونوا صيدا سهلا للسلطات الايرانية كما فعلت دول اوروبية اخرى مثل السويد التي دفعت مؤخرا بمواطن سويدي للسفر الى ايران ! و بلجيكا ايضا لمنح ايران سلاح رهائن تستخدمه وقتما تتطلبه الحاجة لدفع عجلة التفاوض مع ايران اذا ما ضاق الوضع الاقتصادي والسياسي لايران في اي مرحلة يحتاجها الجانبين .
لقد تمادت امريكا بالكرم مع ايران وتسلمها 6 مليار دولار مجمدة في كوريا الجنوبية و4 مليار دولار من العراق مقابل تبادل ايراني ايراني وان التصريحات الكاذبة من الجانب الامريكي ان الاموال مقيدة تنفيها الحكومة الايرانية بان الاموال تحت تصرفها بحرية دون قيود . ويعد هذا الكرم دعما اقتصاديا وسياسيا لايران خصوصا على صعيد الداخل الايراني حيث تنتعش الحكومة اقتصاديا وترسل الرسائل للداخل الايراني على ان الحكومة تتعامل بالتعالي مع الشيطان الاكبر . ان هذا التصرف يكشف دون لبس فرية الصراع الامريكي الايراني وان الخلاف العلني اعلاميا ما هو الا دعما لادعاءات ايران وتنشيط لبرنامجها العدواني التوسعي في تصدير الثورة في المنطقة ونتلمس هذا التقدم بعد عقد الاتفاقات الايرانية مع دول المنطقة وتكريس دور ايران الهدام في العراق وسوريا ولبنان وهيمنتها ونفوذها الامني والتعبوي على طول ساحل الخليج العربي ناهيك عن قيام ايران بمد شبكتها داخل النسيج الاجتماعي لدول الخليج العربي برضى امريكي . وان التحالف الامريكي الايراني استراتيجي غير معلن الا ان المعطيات تثبت ان التحالف ماض بتحقيق اهداف كل منهما .
وما اختيار قطر مكان لعرض المسرحية لم يكن سوى اضافة فصل اعلامي هوليودي والايحاء بان الصفقة جاءت نتيجة تفاوض و وساطة شاقة من دولة ثالثة عربية تملك وسائل اعلامية متميزة ومن خلالها يحصل العالم على مشاهدة مجانية لهذه المسرحية الهابطة .

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى