آراء

نزار العوصجي: إين هي السيادة ياسادة

يعتبر مفهوم السيادة الوطنية أو كما يطلق عليه في اللغة الإنكليزية (National or Popular Sovereignty) من المفاهيم السياسية المعقدة التي لا يوجد لها تفسير أو دلالة واضحة ، ويختلف اتجاه تعريفه تبعاً لأختلاف فكر الفلاسفة والسياسيين ، لهذا نجد أنه مصطلح يصعب على محدودي الفكر من العملاء فهم معناه ، ذلك لانه يتحدث في جانب اساسي منه عن الكرامة التي هي الاساس فيه ، فالسيادة مشتقة من كلمة سيد ، اي ان الوطني الشريف هو سيد نفسه لايرضى لنفسه التيعية لاي طرف كان ، لهذا نجد ان السيادة في العراق قد خرجت ولم تعد ، لأنها سئمت الذل والهوان الذي أصابها طوال العشرون عاماً الماضية ، بعد ان كانت لعقود وعقود محفوظة بكرامتها ، لا يجرء أحداً على النيل منها أو المساس بها مهما كان ..

نعم خرجت بعد ان فقدت قيمتها على يد اللصوص وقطاع الطرق أشباه الرجال من سياسيي الصدفة ، لتبحث عن من يصونها وهي العزيزة لدى أهلها ، وليعيد لها مجدها والقها وبريقها الذي عرفت به طوال عقود طوال ، وكيف لا وهي السيادة لمن لا يعرفون معنى السيادة ..
السيادة تعني الكرامة ، لذا نجد ان المتسلطين على رقاب العراقيين اليوم لا يفقهون معناها ، وهذا طبيعي جداً كونهم عملاء اذلاء ، تعودوا ان يطأطؤا رؤوسهم لأسيادهم الفرس دون كرامة ، على عكس حكومات الدول الأخرى التي تعتز بسيادتها على أرض الوطن ، وتستقى منهجاها من حاجات الشعوب لتعمل على تحقيق المكاسب التي من شأنها رفع الروح المعنوية من خلال المستوى المعاشي والخدمي في جميع القطاعات دون تجاهل او تفريط بكرامة الشعب وسيادة الوطن وحدوده ، فأين أنتم من هذا ياسادة ؟؟

ان اعتماد الدول الحديثة والمتقدمة إلى إضافة نظم وقوانين ترتب شؤونها ، يعتبر من الأركان المهمَّة التي تقوم عليها الدولة الحديثة في ابراز صفة ومصطلح السيادة ، الذي يعني السلطة العليا في الدولة المتكاملة الأركان في علاقاتها محلياً واقليماً ودولياً ، بالاضافة الى السيطرة المطلقة على موقعها الجغرافي وما فيه وما يوجد عليه ، بهذا المفهوم يمكن استيعاب وصف السيادة ، كونها تشمل الأرض والسماء والمياه ، وكذلك الانسان الذي يعتبر الغاية والوسيلة ، لتحقيق مايصبوا اليه من تقدم وازدهار ..
لذا فان النظم المتحضرة تعمل على ابراز مكامن قوتها ، وعلى اساسها تنظيم علاقاتها بدول العالم ، مستندة الى النظم الداخلية للدولة ، فالدولة صاحبة السيادة تنظم علاقاتها الخارجية بما تمليه عليها مصالحها الوطنيّة والسيادية ، وبما يحفظ حقوقها بين دول العالم ، دون خضوع او خنوع لغيرها من الدول ، بالتساوي مع غيرها في حقوقها السياديّة على أرضها ونظامها ، وعلاقاتها بمحيطها الخارجي .
والسعي للحفاظ على هيبة الدولة والذي يتمثل في بسط سلطاتها على إرضها وسمائها ومياهها وفق القوانين والنظم المعدة لذلك ، وتحمل مسؤوليتها الكاملة في الحفاظ على سلامة الهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والمواطنون والرعايا الذين يعيشون في كنفها ، من خلال فرض سلطة القانون بحيث تكون أنظمتها وقوانينها وأحكامها هي المعتمدة في تنظيم كافة شؤون مواطنيها ورعاياها ، وتبقى سلطة الدولة وإرادتها هي العليا في جميع الأحوال ..

بدون ذلك تكون السيادة منقوصة إن لم تكن مفقودة ، ولا قيمة تذكر للدولة ، بما يمكن اعتبارها دولة منقوصة السيادة نظراً لخضوعها لدولة أخرى ، أو ارتهانها لهيئات دولية تقاسمها هذه السيادة ، ولعل من أسباب فقدان السيادة لدى بعض الدول ، فقرها وضعفها وتخلفها ، فهذه بعض من أسباب ارتهان الدولة لغيرها ، حيث دفعتها الحاجة للاستعانة بالدول الغنية والقوية ، وكان ذلك على حساب بعض مظاهر السيادة فيها ، كالسياسة الخارجية وأنماط الحكم وأشكاله ، والعلاقات الاقتصادية ونمط التحالفات الدولية ، وشروط انتفاعها بثرواتها الداخلية ، كالمياه والثروات الطبيعية والنفط ، ولكي تحقق الدول منقوصة السيادة حقها في السيادة التامة ، فإنها تحتاج لتمتلك غذائها واقتصادها وسلاحها ، وهذه تعد من مستلزمات السيادة ومقومات القوة والمنعة ..
ان الأساس فيما اشرنا اليه مرتيط بالنظام الدستوري ، أو الدولة الدستورية ، حيث لا يمكن تطبيق السيادة الوطنية بمعزل عن احترام الدستور والقوانين التي يتضمنها . إن مفهوم السيادة بشكل عام يشير إلى تلك القوة التي لا تحيط بها أية قيود ، وتنقسم إلى العديد من الأنواع ، مثل السيادة القانونية ، والسيادة السياسية ..

بناءاً على ما تقدم نستنتج ان العراق دولة غير مستقلة ومسلوبة السيادة لا بل انه فاقد للسيادة ، والأدلة على ذلك كثيرة ، حيث ان ولاء أغلب قيادات الدولة العراقية لأطراف خارجية ، فمنهم من يدين بالعمالة علناً ، ومنهم من يحملون جنسية تلك الدول ، بالاضافة أغلب القيادات المدنية او العسكرية في البلد لا تمتثل لأوامر وسلطة الدولة المركزية ، الى جانب عدم امتلاك العراق سلطة اتخاذ القرار في الكثير من المواقف الدولية ، وذلك كونه واقع تحت تبعية اقتصادية او عسكرية ، بسبب ضعفه ووقوعه تحت تأثير القروض الخارجية والمعونات ، ووقوعه تحت الحماية العسكرية لجهات خارجية ..

لله درك ياعراق الشرفاء …

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى