بالفيديو… بعد فقدانها بتفجير “الراشدين” في حلب… إيلاف تعود من تركيا لأحضان والديها
عند معبر كسب الدولي الحدودي بين سوريا وتركيا، كان للطفلة "إيلاف" وطنان بانتظارها: سوريا… وأمها.
لا شيء اليوم كما كان في الأمس، فأمها التي أحال العامان الماضيان وجهها إلى لوحة من الألم، وزاد في عمق أخاديده، الخوف على ابنتها الغائبة خلف الحدود… في حالها هذه، تشبه أمها سوريا التي حفر الإرهاب عميقا في أحزانها، وغرز في محياها الخوف على مستقبل أبنائها جميعا.
عند معبر كسب شمال اللاذقية، ارتمت إيلاف أمها للمرة الأولى بعد عامين قضتهما في تركيا المجاورة، عندما نجحت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر بلمّ شمل إيلاف التي أصبحت اليوم في الـ (16) من عمرها مع عائلتها التي افترقت عنها إثر التفجير الإرهابي الذي ضرب منطقة الراشدين في محافظة حلب في أبريل/ نيسان 2017.
وصلت إيلاف، ابنة بلدة (الفوعة) في ريف إدلب، إلى معبر "كسب" بسلام بعد أن غيبت قسراً عن ذويها من قبل المجموعات الإرهابية التي اختطفتها أثناء التفجير الذي ضرب حافلات الخارجين من بلدتي كفريا والفوعة عند منطقة "الراشدين" في حلب وعبرت بها الحدود السورية التركية، لتستقر بعدها في أحد مراكز الإيواء عقب رحلة علاج طويلة من آثار التفجير الإرهابي.
في لقاء خاص مع "سبوتنيك"، روت إيلاف رحلة خروجها من بلدتي كفريا والفرعة ضمن صفقة تم إبرامها مع تركيا بغية تحرير رهائن البلدتين من الحصار المرير الذي ضربته عليهما التنظيمات الإرهابية في إدلب بقيادة تنظيم "جبهة النصرة".. أهالي البلدتين الذين أتعبهم الجوع كانوا يحلمون بالوصول إلى بر الأمان لإكمال حياتهم.
تقول إيلاف عندما بدأ تنفيذ اتفاق تحريرنا من كفريا والفوعة، كنت أحلم بإكمال تعليمي كما أبناء جيلي وبلدي، بعيداً عن الموت والقذائف التي كانت تعصف يوميا بالبلدتين، وقبل وصولنا إلى بر الأمان، قامت التنظيمات الإرهابية بتفجير سيارة مفخخة عند منطقة التبادل.
تفجير الراشدين ذاك في أبريل/نيسان 2017، أحال عشرات الأطفال إلى كتل متفحمة، مئات القتلى توزعت أشلاؤهم في المكان.. وعشرات المدنيين خطفوا حينها معظمهم لم يعرف مصيره حتى الآن.
في لحظة تفصل الحياة عن الموت، تحول حلم إيلاف إلى ضحية تضاف إلى ضحايا الحرب الإرهابية على سوريا..
"بعد إصابتي في التفجير، قام المسلحون بنقلنا نحو مشافي تركيا" تقول إيلاف، وتضيف لـ "سبوتنيك": هناك، تلقيت العلاج الأولي لإصابتي بجروح بالغة في الوجه وضياع مادّي في اللثة، فضلاً عن إصابتي بشظايا في الكتف والفخذ، رفضت السماح للأطباء بإجراء أي عمليات لي، لخوفي ولعدم ثقني بأحد منهم.. كنت أفكر حينها بأمي فقط، ولم أكن أعلم عن مصيرها أو مصير عائلتي شيئا، كنت فقط أريد العودة إلى سوريا".
بعد انتهاء العلاج، تم نقل إيلاف إلى مركز للإيواء، تعرفت هناك على السيدة (أم محمد) التي ساعدتها في البحث عن ذويها والتواصل معهم وإخبارهم بمكان تواجدها.
الأربعاء الماضي، 21 نوفمير/ تشرين الثاني 2018، أثمرت الجهود الإنسانية إعادة لم شمل الطفلة إيلاف مع عائلتها المقيمة في مدينة اللاذقية حاليا، حيث قام الهلال الأحمر السوري بالتنسيق مع المنظمات الانسانية داخل تركيا، بتأمين عودتها إلى وطنها وعائلتها.
لم يساور إيلاف الشك يوما في عودتها إلى وطنيها: سوريا وأمها.. هي تتطلع اليوم إلى أكثر لحظاتها سعادة: الاعتناء بجدتها، والاهتمام بإخوتها كما كانت تفعل دائما، فلطالما أحبّت تدريسهم لأنها كانت تعيش حلمها بأن تصبح معلمة.
في طريق العودة للمنزل، نقلت منظمة الهلال الأحمر عن إيلاف قولها لوالدتها أنها كانت تراها في أحلامها دوماً وتصحو باكية، بينما تقول والدتها إنها لم تكن تستطيع النوم دون أن تملأ عينيها بألبوم صور صغيرتها.
اليوم، تغفو إيلاف في حضن والدتها مطمئنّة على أحلامها.. عودتها هذه رسمت نهاية سعيدة لإحدى الروايات الحزينة التي ساقتها الحرب الإرهابية على سوريا.
ر.خ . sputnik