هنا اوروبا

ماكرون يصر على رفع أسعار الوقود ويلقي باللوم على المواطن الفرنسي.

 

يورو تايمز / منذر المدفعي 

 

هو الخطاب الذي انتظره الفرنسيون بفارغ الصبر. وربما لم ينتظروا خطابا بترقب كهذا اليوم. 

التأخير المتعمد الذي سلكه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تقديم الرد العلني إزاء مطاليب حركة السترات الصفراء اعتبره الكثير منهم استفزازيا وأكد لهم بأن الأليزيه بعيد عن نبض الشارع واحتياجاته. 

 

عدد كبير من المتظاهرين في نقاط دفع رسوم الطرق السريعة أكدوا قبل الخطاب بأقل من ساعة على شاشة القنوات الفرنسية بأنهم: "لا يأبهون لذلك الخطاب لأنهم يعرفون سلفا ما سيصدر من ماكرون". كما أشار البعض بأنه يتعمد "تصغير وتحقير المتظاهرين".

 

 

استمر خطاب ماكرون لأكثر من ساعة. حاول خلالها الدفاع عن "المشروع الاقتصادي الذي يستهدف الطاقة المتجددة" وأكد خلال الخطاب بأن خطوة رفع أسعار الوقود هي: "قرار تم التصويت عليه لأكثر من مرة تحت قبة البرلمان". والهدف الأساسي من هذه الخطوة هو: "منح فرنسا استقلاليتها الاقتصادية وذلك بتخليصها من الاعتماد الكلي على البلدان النفطية وقراراتها". 

وأشار بأنه: "لن يترك أزمة الحاضر تتغلب على المستقبل". 

 

عبر المتظاهرون عن استيائهم عقب هذا الخطاب وأكدوا بأنه كان متصلبا برأيه دون تقديم حلول حقيقية. 

بينما أشار أعضاء الحزب الاشتراكي عقب هذا الخطاب بأنه وفقا لهذه الخطوات: "ستكلف الدولة 55 مليار يورو سيقوم بجبايتها من الفرنسيين خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وهو مبلغ ضخم سيتسبب بخلق مشاكل جديدة بالنسبة للمواطنين".

 

مظاهرات السبت الماضي أكدت للرئيس ماكرون أن سياسة الصمت لم تعد تنفع وأصبح الرد ضرورة ملحة بعدما ارتفع عدد مناصري حركة السترات الصفراء اتسعت رقعة انتشارها. لكن هذا الخطاب يحمل في طياته بذور هيجان شعبي جديد. 

 

يدافع ماكرون عن حلوله هذه بأنها: "تختلف عما تم اقتراحه سابقا. هذه هي اجراءات حقيقية وتحمل حلولا ونتائج ملموسة للمواطنين. أنتم تتظاهرون في الشارع لكنكم لا تقدمون حلولا حقيقية وملموسة". 

ملموسة هي الكلمة الوحيدة التي كانت صادقة في هذه الكلمة. لأن المواطن الفرنسي سيلمس وبشكل واضح نتائج تلك الاجراءات إذ وجه أحد المتظاهرين عبر شاشة BFM TV رسالة لماكرون عقب خطابه المنتظر: "سيادة الرئيس حلولك تستهدف عام 2025 لكن شتاء هذا العام بارد جدا ونحن لا نزال في بدايته. فما العمل الآن وفاتورة التدفئة في ارتفاع مستمر؟".

لم يفت ماكرون تقديم حل لهذه المشكلة لكن الحل كان وكبقية الحلول منافيا للواقع. إذ اقترح ماكرون ميزانية دعم للعوائل ذات الدخل المحدود بقدر 100 يورو كمساهمة لتغيير شبابيك المنازل بأخرى محكمة الاغلاق للتقليل من استهلاك التدفئة. إلا أن تكلفة تبديل الشبابيك تتراوح بين 10 آلاف إلى 15 ألفا. فما قيمة هذا الدعم الحكومي الذي لا يتجاوز 100 يورو.

 

وكالعادة كان رئيس الحزب اليساري "فرنسا الأبية" جان لوك ميلونشون مستعدا للتعليق على خطاب ماكرون الذي وصفه بأنه : "يتكلم في الفراغ. هو يعيدنا إلى عهد خطابات ديغول البعيدة عن الواقع. يتكلم دون جدوى ودون النظر إلى عطلة نهاية الاسبوع المقبلة التي ستشهد تحشيدا كبيرا جراء هذه الكلمات الاستفزازية." 

 

قرارات الحكومة الحالية ثابتة حتى الآن بشأن رفع أسعار الوقود دون التفكير بخفض الضرائب بالمقابل. وهذه الاجراءات كما تؤكد الدراسات الاقتصادية ستخدم وسترفع من القدرة الشرائية للأغنياء وستخفض القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة وما دون المتوسطة. كلمات ماكرون اعتبرها البعض استفزازية لأنه أشار بأن المواطن الفرنسي لا يحسن استهلاك الطاقة. وهو بشكل غير مباشر يلقي باللوم على المواطنين بدلا من الوقوف إلى جانبهم.

المتظاهرون استمعوا إلى خطاب ماكرون لكن يبدو أن ماكرون لم يفكر حتى الآن بالاستماع إليهم وهذا على ما يبدو بداية القطيعة بين الشارع وقصر الأليزيه. 

زر الذهاب إلى الأعلى